Atwasat

قمّة بيروت الاقتصادية...التنمية مجرد سراب

ميلاد عمر المزوغي الخميس 31 يناير 2019, 02:22 مساء
ميلاد عمر المزوغي

تعقد في بيروت بعد غياب دام ست سنوات نتيجة الأزمات المتتالية بالدول العربية، قمّة يتم البحث خلالها في التنمية البشرية ومكافحة المشاكل المزمنة مثل المرض والبطالة والفقر والأمية

رغم الإمكانيات المادية الهائلة لبعض الدول العربية إلا أنها لم تشهد التطور المطلوب في العديد من المجالات العلمية، ودخول عالم الميكنة والقضاء على الأمية، وتحسن الوضع المعيشي للأفراد، لكن البطالة ظلت الهاجس الذي يؤرق الحكومات العربية وبالأخص الدول التي لا تتواجد بها ثروات طبيعية (النفط والغاز) فأدّى ذلك إلى هجرة شبابها إلى الخارج لأجل تحسين أوضاعهم المعيشية

كنا نتوق إلى قرن تتحسن فيه أوضاعنا الحياتية (المادية والمعنوية) بأن يتم استثمار الإيرادات بداخل الوطن العربي لتعم الفائدة، بدلا من وضعها في بنوك الدول الغربية ليستفيد منها الآخرون ونظل نراوح مكاننا إن لم نقل تأخرنا عقودا بفعل سياسات حكامنا غير الرشيدة.
العشرية الثانية من هذا القرن، الدول العربية الغنية وبدلا من أن تستثمر أموالها الطائلة في التنمية بقطاعاتها المختلفة داخل حدودها وتوجيه الفائض نحو الأشقاء نجدها قد ألقت بكل ثقلها المادي والإعلامي والخبث السياسي، متمثلا في جلب وتدريب الإرهابيين من كافة أصقاع المعمورة وتزويدهم بمختلف أنواع الأسلحة لتدمير دول عربية بإسقاط حكامها الذين كانوا وإلى الأمس القريب يحضنون بعضهم البعض ويتبادلون النخب على الملأ، وتقتيل وتشريد أبنائها بين نازحين بالداخل، ومهجرين بدول الجوار وأوربا، تتقاذفهم الأمواج العاتية، ويوضعون في مخيمات محاطة بالأسلاك الشائكة، وكأنما يحملون أمراضا معدية يصعب علاجها.
على مدى عقد من الزمن، فإن الدول الغنية دفعت عن يد وهي صاغرة الخراج (بأثر رجعي) لمن يحمي عروشها على مدى عقود من الانهيار، وأجبرت على شراء أسلحة وعتاد هي في غنى عنه بأرقام خيالية من العملة الصعبة، وخلال هذه الفترة لم يتم إنفاق أي درهم في مجال التنمية بها، بالكاد الإيرادات تغطي المصروفات.
الدول (الخمس+1) التي أريد لها أن تدفع ثمن فاتورة الشرق الأوسط الجديد، لم يتحقق بها أيٌ من الوعود التي دغدغوا بها عواطف جماهيرها. فلا حرية تعبير، والانتخابات إن لم تكن مزيفة فقد تم تدليسها، والتشبث بالسلطة مهما كان الثمن، والأوضاع الاقتصادية شبه منهارة، القرابين تقدم عند كل مطلع شمس إلى الكهنة الجدد الذين أتوا على الأخضر واليابس، فقاموا بتجفيف الخزائن العامة وفي طريقهم إلى الاستدانة من البنك الدولي.
بعد اكتمال التدمير الشامل الذي ربما يأخذ بعض الوقت، سيعهد إلى الدول العربية الغنية التي موّلت الحروب بالإنابة، بإعادة إعمار الدول المنكوبة، والتي ستكلف أموالا كثيرة، ربما إيرادات الدول الغنية وتلك المتضررة، لبضعة عقود.
نخلص إلى القول بأن الذين يعملون لحساب طوائفهم ومذاهبهم أو إثنياتهم (أعراقهم) وقبائلهم، وأولئك الثيوقراطينيون المتعصبون، لم يسعوا إلى إحداث تنمية ببلدانهم وإن تحصّلوا على أموال قارون. والشواهد على ذلك كثيرة وماثلة للعيان. إنهم الفساد يمشي على الأرض في وضح النهار. فلا حسيب ولا رقيب. والقضاء إما مغيّب. ونجزم بأن متصدري المشهد الحاليين لن يغيّروا معالم بلدانهم نحو الأفضل، ما لم يغيّروا ما بأنفسهم. وهذا أمر بعيد الاحتمال. وأن التنمية وهمٌ وسراب، ما يستوجب خروج الجماهير للإطاحة بهؤلاء، واختيار أناس ذوي كفاءات عالية، ليعيدوا بناء ما تهدّم وإحياء الوحدة الوطنية.