Atwasat

ثورة الياسمين وهم التغيير

ميلاد عمر المزوغي الخميس 03 يناير 2019, 07:24 مساء
ميلاد عمر المزوغي

الثورة في ذكراها الثامنة (17ديسمبر2010)هل تغير وضع تونس نحو الأفضل في كافة المجالات وبالأخص الاقتصادي والذي كان السبب الرئيس لاندلاعها؟. كانوا يعتقدون أن بن علي هو سبب البلاء فأجبروه على الرحيل،التغيير السياسي لم يأت بجديد، مجرد استبدال وجوه بل أكثر تشبثا بالسلطة وأشد إيلاما، ينزف الضحية دما، وقمة في الخبث لم يسبقهم إليها أحد، المواطن المهموم بأعباء الحياة التي أصبحت جد صعبة، تهاوت العملة الوطنية إلى الحضيض، ارتفعت الأسعار بشكل جنوني أد إلى أعمال عنف بين متظاهرين ورجال الأمن في أكثر من مكان، حيث أصبحت المطالب بزيادة الأجور السّمة الأبرز.

الإنتاج المنجمي في أدنى مستوياته، لم تعد خزينة الدولة قادرة على الإيفاء بالأشياء الضرورية، الفساد المالي في ذروته وعلى رؤوس الأشهاد... كاد المفسد أن يقول خذوني "هيئة الحقيقة والكرامة" منغمسة في الفساد والمحسوبية إلى أخمص قدميها، فهي لم تساهم في تفكيك منظومة الاستبداد والفساد وكذا إصلاح المؤسسات الخاصة بحقوق الإنسان. ورغم مضي أكثر من خمس سنوات على مقتل العضوين البارزين بالمعارضة (شكري بلعيد ومحمد البراهمي) واستقال حينها رئيس الحكومة حمادي الجبالي من منصبه، إلا أن أصابع الاتهام لم توجه إلى أية جهة؟ المؤكد أن هناك إرادة سياسية وضغوطا تمارس على المعنيين بالملف الأمني لعدم كشف الحقيقة بشأن مدبري الاغتيال، والحديث في الآونة الأخيرة عن وجود جهاز سري يتبع حركة النهضة متهم بعمليتي الاغتيال؟.

اما عن التطرف الديني الذي لم يعرف في البلاد من قبل، فقد بلغ ذروته مع تسلم الترويكا مقاليد الحكم في البلاد، لقد تم الزج بآلاف الشباب العاطلين عن العمل في منظمات إرهابية عملت وعلى مدى سنوات على قتل آلاف الأبرياء في سوريا وإحداث دمار شامل بها بفعل مموليهم من عرب وعجم (تصدير الإرهابيين بدلا من تصدير اليد العاملة الفنية لتساهم في البناء والعمار لا الدمار)،لا غرابة في ذلك، فكل إناء بما فيه ينضح.
في محاولة لزعزعة الأمن والاستقرار قامت العديد من الأعمال الإرهابية عمت مختلف المناطق التي يرتادها السياح (باردو، سوسة، جبل الشعانبي وغيرها) بهدف تعطيل إحدى الموارد الرئيسية للخزينة العامة، لتستجدي الحكومات المتعاقبة المنح والهبات والاقتراض من البنك الدولي، وما يترتب على ذلك من التزامات مالية تكبل الخزينة العامة على مدى عقود لاحقة، المواطن البسيط هو من يدفع الثمن من خلال الضرائب والرسوم التي ستفرض عليه.
بفعل التدخل الروسي في سوريا الذي قصم ظهر الإرهابيين وساهم في أفول نجمهم وانكفائهم على أنفسهم، لم يكن هناك بد من عودة هؤلاء إلى أرض الوطن،عمدوا إلى ممارسة ما اكتسبوه من خبرة في ميادين القتال والسلب والنهب في ديار الغربة، بوطنهم الأم (تونس) الذي لم يفلح في تربيتهم وتعليمهم الحرف التي تدر نفعا على الجميع، فكانت أعمال القتل التي طاولت القوى الأمنية ناهيك عن المدنيين، ولم تسلم الجارة ليبيا من شرورهم. المضحك المبكي أن السلطات التونسية عمدت إلى حفر خندق على الحدود مع ليبيا، تمر به مياه البحر إضافة إلى الأسلاك الشائكة المكهربة، في محاولة لمنع مواطنيها الذي أرسلتهم إلى مناطق التوتر من العودة.
الفساد ينخر جسدها عبر من توالوا على حكمها، محاربة الإرهاب لإشغال الرأي العام على الأزمة الحقيقة المتمثلة في وجود أراذل القوم على هرم السلطة، فهؤلاء لا تعنيهم الدولة بقدر سعيهم الدءوب للبقاء في السلطة لأجل الاستحواذ على أكبر قدر من المال. إنه وهم التغيير الذي راود المواطن.
واختم بالعبارة التي نطق بها رئيس الجمهورية، السبسي، وأجزم أنها كانت صادقة وتشير إلى مدى اليأس والإحباط الذي يعتمر في فؤاد كل مواطن. [" ظننا أننا قضينا على الإرهاب لكن في الحقيقة نتمنى أن لا يقضي هو علينا]"..