Atwasat

لقاء في مقهى، والتهمة مُجون

محمد إبراهيم الهاشمي الإثنين 31 ديسمبر 2018, 03:01 مساء
محمد إبراهيم الهاشمي

لقاء مجموعة من الفتيات في مكان عام هو المقهى لقضاء بعض الوقت معا لاحتساء المشروبات والتسلي ببعض الألعاب، يتحول إلى حفلة ماجنة ويمارس من ضمن ما يمارس فيها من محرمات ومخلَّات بالآداب القمار. هذه بالطبع رواية إدارة الآداب العامة بوزارة الداخلية على صفحة الوزارة الرسمية. 

لقاء المقهى هذا اتفقت على إقامته بعض الفتيات في أحد المقاهي ليكون لقاء تفاعليا حقيقيا يوطد علاقتهم وينقلها للعالم الواقعي بعد أن كان تعارفهم على موقع تويتر للتواصل. وفي وسط هذا اللقاء الطبيعي والعادي حسب الأعراف الإنسانية والإلهية اختار الجهاز التابع لإدارة الآداب العامة بوزارة الداخلية بحكومة البرلمان مداهمة المكان والقبض على العاملين وأصحاب المقهى وإخراج بيان حول الواقعة بأنها مداهمة لحفلة ماجنة مختلطة من ضمن ما مورس فيها القمار. كل هذه التهم نفتها الفتيات، والقضاء العادل النزيه إن وجد سيأخذ لهن حقهن. 

القضية الرئيسية هنا هي قضية الحريات العامة التي يكفلها القانون والتعدي عليها من قبل أجهزة من المفترض أن واجبها تطبيق القانون. 

ففي قضية الفتيات اللواتي التقين في المقهى من ضمن التهم التي وجهت إليهن إقامة لقاء مختلط وهو ما نفينه. ولا أعلم حتى الآن متى كان لقاء اثنين أو أكثر ذكورا وإناثا في فضاء عام للحديث أو لتناول طعام أو مشروبات أو لممارسة أي نشاط عام جنحة مخلة بالآداب يعاقب عليها القانون أو ترفضها الشريعة الإسلامية.

هذه الحادثة من التعدي على الحرية التي يكفلها القانون ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. فقبلها كم من نشاط عام أو مهرجان أو حفلة تم أخذ إذن من الوزارات المعنية وإقامة النشاط تحت رعايتها ومن ثم تم القبض على منظمي الحفل، وأحيانا المصور أو المغني من قبل جهاز يتبع وزارة هي شقيقة الوزارة التي منحت الترخيص والإذن. 

خلاصة القول، هذه الأجهزة ليست أجهزة دولة تتبع القانون وإنما قوة وَجَدَت في هذه الفوضى وسنوات البؤس براحا لتمارس كبت الحريات التي يجيزها القانون والشريعة ولا تتماشى مع فكرها المتطرف وقناعاتها المشوهة عن الشريعة الإسلامية. قوة تستقطبها أطراف الصراع لتكون معها لا عليها. ولو كانت النتيجة حرمان الناس من أبسط حقوقهم في ممارسة أنشطتهم التي يجيزها القانون. وهذه القوة الظلامية حتى وإن وجدت براحا و قبولا من بعض الناس يمكنها من فرض ما تراه بالقوة فإنها تحفر قبرها كل يوم بنفسها لأنها تعارض الفطرة الإنسانية السليمة وتثبت لمن كان له عقل فساد فكرها وعملها. و فساد أطراف الصراع التي لا تدين أعمالها بل تغض الطرف وأحيانا تؤيد لأجل مكسب تكتيكي ضئيل لأجل مصلحتها لا مصلحة المواطنين.

ويبقى على كل إنسان لم يدخل عقله وقلبه ظُلُمات هذا الفكر أن يدافع عن الحريات والحقوق التي تكفل لنا العيش بكرامة تحت مظلة القانون.