Atwasat

كل عام جديد وأنتم بخير

جمعة بوكليب الثلاثاء 25 ديسمبر 2018, 11:04 صباحا
جمعة بوكليب

العام 2018 "بَحْ"، والعام 2019 في الباب على العتبة واقف في كامل عدته وعتاده مستعد لأن يحط بكلكه على صدورنا: فهل نفرح أم..؟.
صباح شتائي لندني بامتياز، تمضغ عروقه غيوم باردة بدم بارد وبهدوء أكثر برودة من نصل سكين. شارع "رين لين" في "وريستر بارك" على غير عادته بقية أيام العام ساكن كمقبرة. متهيء مرة أخرى لاستقبال مباهج وصخب عيد الميلاد، وفي القلب أكثر من أمنية مخضرة في توق للرفرفة في الفضاء وفي الروح. خوف غير مبرر مما سيأتي، وأمولة بنتي تحت سماء غائمة أخرى في مدينة أخرى، والشجرة الوحيدة في حديقة بيتي الخلفية مازالت غافية ولم يبق لي سواي لمشاركتي فنجان قهوتي الصباحية، ومرارة نيكوتين السجاير: كل عام جديد وأنتم بخير وسلام.

عام آخر، وقت آخر، زمن آخر ونحن مازلنا كما كنا في نفس المربع وفي عين المكان وفي زمن يسير على عكس ساعة الوقت والدنيا وما يشتهيه القلب. عام آخر يحمل أمتعته على ظهره ويغادرنا بلا مبالاة تاركا الباب مواربا ليأتي آخر بعده ويدفع الباب بقدمه ويدخل بلا استئذان وعلينا نحن أهل البيت أن نتعامل مع ما في جراب أيامه من مفاجآت بحلوها ومُرّها وعلينا نحن أهل البيت أن نحسن وفادته كما فعلنا بسابقه وألا نتركه في حاجة إلى شيء إلى أن يمل ضيافتنا ويغادرنا بملء إرادته إلى حيث يريد ويشتهي: كل عام جديد وأنتم بخير وسلام.

عام آخر يمضي في حال سبيله تاركا خلفه "حُوسَة " في حاجة إلى من يضمها ويعيد ترتيب الأمور بعده ويفتح النوافذ على سعتها وباب البيت لكي تنزرف أنفاسه ويتهوى العالم كل العالم بهواء طري حتى إذا حل العام 2019 وجدنا وقد هيأنا له إقامة نظيفة ومريحة على أمل أن يحسن معاملتنا ولا يكون فظا غليظ القلب ولا يرهقنا كسابقه بما لا نحتمل: كل عام جديد وأنتم بخير وسلام.

صباح شتائي هاديء وساكن ولا يشي بدفء محتمل أو بانفراج في انغلاقه بغيوم رمادية باردة تمضغه بدم بارد وبهدوء أكثر برودة من نصل وحشتي وأنا جالس على أريكة جلدية في غرفة صغيرة ساكنة وهادئة تفتقد ضحكة أمولة ودفء ضجيجها أراقب بعينين لامباليتين الشجرة الوحيدة في حديقة بيتي الخلفية وهي تستيقظ متأخرة من نومها ترفض بطفولية مغادرة دفء فراشها وغصونها كسلى مسترخية تنظر. نظرات غير مريحة لا أعرف تماماً إن كانت تقصدني بتلك النظرات أم أنها موجهة للقادم الواقف على عتبة الباب الأمامي للبيت في انتظار أن يدفع الباب بقدمه ويحل في البيت بدون استئذان ليقيم معنا أو بالأصح ليسمح لنا بالإقامة معه وفي صحبته وعلى أمل أن يكون بنا جميعا رحيما كريما: كل عام جديد وانتم جميعا بخير وسلام.