Atwasat

دبابيس: الغياب بعد غياب!

عبدالواحد حركات الإثنين 24 ديسمبر 2018, 10:32 صباحا
عبدالواحد حركات

ماذا لو استيقظ العالم، أي استيقظت الملكة اليزابيث الثانية وابنها تشارلز وأحفادها، واستيقظ كذلك دونالد ترامب وفلاديمير بوتين وهو شي جين بينغ وشينزوآبي، وانجيلا ميركل وإيمانويل ماكرون وسرجيو ماتاريلا وجوزيبي كونتي، ورجب أردوغان وحسن روحاني، واستيقظ الملكان سلمان وعبد الله الثاني، وأبناء زايد وابن مكتوم وتميم وحمد آل ثاني والأمير صباح الأحمد والسلطان قابوس، وكذلك الرؤساء السيسي وبوتفليقة وولد عبد العزيز والباجي، والملوك محمد السادس وفيليبي السادس وفيليب ليوبولد ماري وڨيليم ألكساندر، استيقظ كل هؤلاء وغيرهم على خبر اختفاء ليبيا وأهلها وزوالهم كلياً؟.

ترى ماذا سيحدث حينها!؟.
لا أعتقد أن هنالك مآسيَ أو أضرارا وكوارث مؤلمة ستحدث، بل ستحدث إيجابيات استثنائية أكثر وأعمق من السلبيات الصغيرة التي سيحدثها غياب ليبيا وأهلها، فلا شك أن مصر ستجاور تونس والجزائر، وستغدو الفائدة والتبادل أكثر بين دول ذات طابع مدني وقوة مؤسساتية كبيرة، وستحدث شراكات ونشاط عام يدعم الجميع، وسوف تمد الجزائر مصر بالغاز، وتستفيد الزراعة التونسية من جيرة المصريين القريبة، وستنشط أسواق الصناعة والتكنولوجيا والعلم والفن بلا شك، وسوف تتبدل كيمياء الفكر والسياسة والاقتصاد في شمال إفريقيا عموماً!.

لن يشعر السعوديون والبحرينيون والكويتيون بغيابنا فالروابط بيننا سطحية، وليست لها ملامح اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية، وقد يفتقد بعضنا القليل – القليل جدا جداً- من الإماراتيين والقطريين والعمانيين واللبنانيين، وأهل الشام في سورية وفلسطين ربما يعلمون بغيابنا بعد زمن طويل، وأوروبا قد تفتقدنا حينما تتوقف عن القدوم إلى شواطئها أمواج المهاجرين، ويجد رؤساؤها الوقت للوفاق والعمل بدبلوماسية احترافية مع جنوب المتوسط، ويجدون أنفسهم أمام ضرورات تعامل اقتصادي حقيقي، يتجاوز مرحلة بيع براميل الزيت الأسود بالجملة، أو تكويم الملايين في بنوكها للاستفادة بودائعها.

أراهن على أن الأمريكيين الجنوبيين سيتعاملون مع غيابنا كما نتعامل مع غياب الماموث، والولايات المتحدة وحدها ستجد معرفة حقيقة لغيابنا حين تفقد مبرر قلقها من المتوسط وأهله، وسوف يتحدث تجار سلاح صغار فيها عن فقد عميل صغير لبضائعهم الراكدة القديمة، وهذا ما سيكون في روسيا كذلك.

تصوروا.. لن يصرخ علماء في أي مكان بالعالم لفقد زملائهم ورفاقهم، ولن يتباكى شعراء ويتفجع فنانون أو صحفيون أو نوادي كرة، ولن تتضرر شركات أو رجال أعمال أو مطارات أو بواخر بغيابنا، ولن يقف لغيابنا دقيقة صمت سوى قلة قليلة – جداً جداً جداً جداً.....- من 7,632,819,325 إنسان (2018)، لأننا بالنسبة لهم سنوغل في الغياب أكثر قليلاً من غيابنا المعتاد الذي لم نبارحه قط، تصوروا هذا ما سيحدث فقط.
ولكن.. لماذا لن يفتقدوا وجودنا!؟.