Atwasat

ولِمَ لا: الحل اللا حل!

أحمد الفيتوري الثلاثاء 16 أكتوبر 2018, 12:29 مساء
أحمد الفيتوري

1-

يقول القائل لِمَ يتوجه نقدُكم لما سُمي بالمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق، دون أن ينتبه أن هذا المجلس وحكومته يدعيان أنهما نتاج مشروع وطني عرف باتفاق الصخيرات الذي تم في ديسمبر 2015، وأنه في سنة ثالثة ابتدائي.

أي أن النقد ينصبُ على المشروع الوحيد وعلى نتائجه التي خلُصت أن فائز السراج بقي الرئيس دون رئاسة ولسنين ثلاث وأنه ممسك بالنواجذ على هكذا رئاسة، ويُعلل فعل اللا فعل الحاصل منه بأن للمعوقات الفوز ومنها له الخسران، وبهذا أيضا يوكد داعموهُ أن ليس باليد حيلة.
وهذه الحجج الدامغة مردود عليها من سياقها حيث تخلص أن ما سمي بالوفاق ولد ميتا، وأن عجز السراج عن بث بصيص نور ناتج هذا الموات، أي كأنك يا فائز ما غزيت هذا ما يخلص إليه أصحاب السراج والسراج بذاته.
لكن ثمة إنجاز يُنسى في هذا الخضم وهو قتل السراج والمشروع الذي جلبه لمجلس النواب الذي ثمة إجماع على جريمة قتله، وهو ما يفترض أن السراج إبنه الشرعي، السراج بهذا أوديب قاتل أبيه، عليه تم بجدارة تكريس حال اللا حل... ومن هذا اعتبر أن نتاج حرب أغسطس 2018 في طرابلس توكيد هذا التكريس أي محلك سر، وهذا كما يبدو دافع فائز السراج لتوكيد منصبه الذي دفعه لتطعيم جسد سلطته بالمصل القوي مثلما مجيئه بـ (باش آغا) لوزارة الداخلية وبقية الثلة.
لقد تبين الآن وتحصحص الأمر أن لا وفاق وأن الصخيرات بعد سنوات ثلاث نجحت في توكيد واقع الحال بأن الشامي شامي والبغدادي بغدادي، ناتج 17 فبراير 2011م منذ ساعته الأولى حين خرج شرق ليبيا عن سلطة القذافي الذي بقي مهيمنا على غربها، هذا الحال ما كرسته الأيام فغدا السراج وريث القذافي من شرق البلاد متمرد عليه.
2-
لقد حقق السراج الوفاق الذي جاء به الصخيرات بأن كرس ما على الأرض، والاعتراف الدولي والمبعوث الأممي يوكدان ذلكم، وكذا تفاصيل الإجراءات التي اتخذها رئيس المجلس الرئاسي الليبي ما بأجراءاته المتتالية يثبت نفسه كنتيجة لمعطى تكريس ما على الأرض.
هذا الواقع ما دام لسنوات يستدعي أن نكون موضوعيين بأن نتعامل معه وأن لا نعطل البلاد إلى أن يأتي الحل النهائي، وقد أشار مسئول أمريكي في ليبيا أن البلاد عليها حلحلة الحال الاقتصادي أما بقية الأحوال فلا بأس بها، هذا ردده قبل السفير البريطاني ويبدو أنه لسان فعل سلامة غسان أيضا.
هناك قبل ملاحظة أن الحلّ الاقتصادي المفترض يتم تعطيله رغم تصريح المسئول الأمريكي، ورغم ما ادعي أنه تم في الخصوص كما صرح (الصديق! الكبير) ومرؤوسه فائز السراج!...
3-
ما تقدم وما يعرفه الليبيون وما ساهموا به في جعل الحل اللا حل يوجب القبول، أولا بالأمر الواقع، ثانيا أن يُشمروا السواعد من أجل هذا الحل اللا حل، ثالثا أن يبيتوا أنفسهم أن من لا يعمل على الخروج من هذا الوحل يغوص فيه أكثر.
فإذا كان الواقع الفج يفرض نفسه بأن النفس يصعب عليها الحال ما بعد الحرب أكثر مما وهي في الحرب فإن الاستسلام لهذه الصعوبة سيجعل الحربَ قائمة ولكن في صيغة السلم، من هذا تخيم الحرب على المدن الليبية وهذا ظاهر أكثر في مدينة كبنغازي المنهكة وما تعانيه من آثار الحرب، وليس من بُد أن الضرورة تعني أن ينتزع أهل المدينة أنفسهم من تخييم الحرب كما انتزعوها من الحرب نفسها، وفي هذا القاتل هو انتظار ما يجيء ولا يجيء، وكل المدن الليبية بخاصة عبر مجتمعها المدني ومجالسها البلدية لا بد أن تبادر مرة ثانية وتنتزع نفسها من الغوص في وحل ما بعد الحرب، ومن انتظار الحلّ المزعوم الذي يوكد كل ما هو ظاهر أنه اللا حلّ.
إن المنظمات غير الحكومية مثل الأحزاب كما المجالس البلدية والمحلية ليس عملهم الانتظار بل المبادرات مهما صغرت، وهناك مقترحات جمة قدمت وتقدم دواليك في خصوص النهضة المجتمعية والاقتصادية، خاصة وأن الأغلبية تدعي أنها الضد للمركزية، وفي هذا الحال تحصحص الحق فمن ضد المركزية المشئومة يتيح واقع الحال أن يجعل اللا مركزية واقع حال، بالمبادرات التي تستغل أقل الموارد بأكبر جهد لتضع لبنة لحل سياسي مبتغى.
وأظن أن المسئولين السياسيين وغيرهم يكرسون مفهوم الحل اللا حل في انتظار تثبيت أنهم الحلّ، ولن يفسد حلهم هذا إلا المبادرة التي تنطلق من أن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة أو كما يقال.
وأما تكريسُ تبادلِ الاتهامات، وأن البلاد ليست بلادا وأن لا دولة فهذا شبعنا منه جميعا والسؤال وماذا بعد؟.