Atwasat

خواطر ما بعد حرب طرابلس وبنغازي..(أين وصلت ليبيا)

ناجي جمعة بركات الإثنين 08 أكتوبر 2018, 11:08 صباحا
ناجي جمعة بركات

كنت اليوم في حديث مع أحد الأصدقاء بمصر وقال لي إن اليوم عطلة رسيمة. سألته لماذا؟. ضحك وقال "نسيت حرب العبور وانتصار الجيش المصري". فعلا أول مرة الجيش المصري يهزم إسرائيل في حرب أكتوبر سنة 1973. لهذا أي دولة يوجد بها جيش قوي فلن يكون للميلشيات والإرهاب دور بها ويكون الأمن مستقرا. لهذا ليبيا لا يوجد بها جيش وستبقى هكذا إلى أن يرحل هؤلاء أو يخرج الشعب لإرساء أمنه وأمن وطنه.

حرب جنوب طرابلس والتي قادها ما يسمي باللوء السابع -ترهونة ومعه اللوء 22 – مصراته وبعض اللهثين وراء المال والمناصب من مدن أخرى ساندوا هؤلاء. كانت فرصة كبيرة لجميعهم بأن يكون لهم نصيب كبيرمن كعكة السيد الصديق الكبير وفايز السراج. حيث شعرت معظم المليشيات والتي هي خارج طرابلس وبالذات مليشيات الزنتان ومصراته وترهونة بأن الموارد شحت والليبيين ليس لديهم أموال لكي يدفعوا أو يصرفوها لكي تتغذى منها هذه المليشيات في مناطقها. لهذا أتوا لطرابلس بغرض تحريرها من مليشيات كارة واغنيوة وقدور والتاجوري والبقرة وغيرهم حتى يتسنى لهم نصيب في الثروة التي تحت سيطرة الصديق الكبير وفايز السراج. ليس الثروة والاعتمادات فقط وإنما المناصب حيث أصبحت المناصب توزع لجماعة طرابلس والمقربين من السراج فقط وقليل لمعتيق.

لهذا الجيش مهم في إرساء الأمن والمحافظة على حدود وأراضي ليبيا والتي تنتهك يوميا في الجنوب والغرب والشرق. قتل من قتل في حرب جنوب طرابلس وتدخلت الأمم المتحدة ودول كبيرة وأظهرت لهم العين الحمراء فما كان من هؤلاء إلا التراجع إلى مواقعهم السابقة بعد عدة وعود من الأمم المتحدة لهؤلاء القادمين من خارج العاصمة ومن هم في العاصمة ومن هم بعيدون عن العاصمة سواء في شرق أو جنوب ليبيا. هناك وعود بمناصب وعدم المتابعة قانونيا ضد هؤلاء جميعا. وعود لا حدود لها طالما لا يتم تغير حكومة الوفاق.

نجحوا في إفشال مشروع فرنسا وهو الانتخابات وبرزت إيطاليا كلاعب رئيس وخاصة بعد زيارة رئيسها إلى أمريكا والتي تدعم الإيطاليين مما جعل الإيطاليين يقومون بإرسال قوات إلى شمال النيجر ومالي أسوة بالفرنسين في مالي والتشاد. لم تأخد إيطاليا أي إذن هذه الدول ولا من المجتمع الدولي ولكن قامت بإعطاء وعود لهذه الدول لمساعدتها في قمع الإرهابيين وكذلك التنمية الاقتصادية. كل هذا له علاقة بليبيا ولهف إيطاليا على النفط والغاز بليبيا ومحاولتها الوقوف في وجه فرنسا ومنعها من السيطرة وأخد القيادة بليبيا. أصبح صراعا دوليا كبيرا وهناك دويلات تقوم بعدة أشياء من وراء الكواليس.

لا يوجد فرق بين شرق وغرب ليبيا حيث مجموعات مسلحة تسيطر على كل شيء وتحاول بسط سيطرتها على المواطن البسيط.. تفاجأ عندما يقال لك بأن الأمن في بنغازي تمام ولكن في النصف الأول من هذه السنة عدد ضحايا العنف يفوق 83 وهو الأعلى بليبيا. كذلك حالات القبض العشوائي بدعوى انقلاب عسكري وتآمر على قيادات الجيش. هذا يفكرنا بما كان يقوم به القذافي ولا يمكن أن تتحكم أسرة في مصير برقة كلها. لقد كنا فرحين بالجيش عندما بدأ في محاربة الإرهابين في بنغازي وأخرجهم واستشهد المئات من شباب برقة في سبيل أن يتخلصوا من الإرهابين، ولكن عجلة الأمن بداأت في الوقوف والناس تخاف كثيرا حيث البنية التحتية منتهية والأمن ليس متواجدا وأصبح الجميع يخاف الحديث عما يحدث خوفا من القبض عليه.

أما طرابلس فرجعت المياه إلى مجاريها ودخل السلفيون بقوة لمناصرة المليشيات المتمركزة في طرابلس وصار صلح بين البقرة وكاره وتم إخلاء سبيل الكثير ممن يتبعون المفتي وغيره ممن هم من التيارات الدنية والتي تختلف مع الآخرين. كذلك دخول عماد الطرابلسي وتسلمه لجمعية الدعوة الإسلامية وأصبح الصورة الأخرى في غرب طرابلس لكارة وسمى نفسه الأمن المركزي وبدأ يقبض على المجرمين كما يقول.

أما السيد السراج جلس مع كبار الضباط الذين لديهم نياشين تفوق نياشين جنرالات بوتين وترامب. هؤلاء الضباط يحملون شارات كثيرة ونياشين متعددة ولكن لا ينصاع لهم أحد وليس لديهم قوة تضاهي قوة المليشيات في الزنتان ومصراته واللواء السابع والتيار السلفي. اجتمع بهم وقرروا خطة أمنية لطرابلس ونسي أن ليبيا ليست طرابلس.

جراء هذا كله خرجت الأمم المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وأمريكا وألمانيا بنقاط تتناولها النخب السياسية والمثقفون والمحللون الليبيون وغير الليبيين. هذه النقاط تتمحور في الآتي وهي محل نقاش اجتماع باليرمو:
1- الحل السياسي وفرنسا مخولة بهذا وإيطاليا دخلت على الخط.
2- الحل الاقتصادي- إلى بريطانيا وتساعدها أمريكا
3- الحل الاجتماعي- إلى قبائل ليبيا.
4- دور البلديات في إرساء الاستقرار في ليبيا- الاتحاد الأوروبي.
5- دور منظمات المجتمع المدني الليبية وغير الليبية في إرساء أمن واستقرار ليبيا- الأمم المتحدة.

هذه النقاط كلها تحتاج إلى أمن واستقرار وهذا لن يكون موجودا في ظل هيمنة المليشيات على كل شيء في ليبيا واتضح أنه لا يوجد جيش أو شرطة بقدر ما هو وجود أفراد تحت إمرة أشخاص والحكومة المؤقتة وحكومة الوفاق لا يمتثل لهما أحد من هؤلاء ولا يأخذون الأوامر منهما أبدا. لهذا لا يمكن أن تكون هذه النقاط فعالة طالما لا يوجد جيش وشرطة. لهذا دعت إيطاليا إلى مؤتمر باليرمو في 13 نوفمبر 2018م والذي من المرجح أن تلعب فيه أمريكا دورا كبيرا وإيطاليا ستخرج منتصرة على فرنسا. أما دور الليبيين فهم مثل الكومبارس وعليهم أن يتابعوا ويتتبعوا ويبايعوا ما يخرج به العم سام ومجموعته.

وصلت ليبيا إلى حالة مزرية من التشرذم والضياع والفساد لا يمكن أن تجده إلا في دول تحكمها المليشيات أو دول مزقتها الحروب. مطالبة وزير الخارجية محمد سيالة في كلمته بالجمعية العمومية لمجلس الأمن بأن تتخلي الأمم المتحدة عن الدعم السياسي لليبيا وتستبدله بدعم أمنى.. هي مطالبة صريحة بوجود قوات تحمي الليبيين من المليشيات وتساعد الحكومة في إرساء الأمن والأمان. هذا مطلب ربما هو آخر شيء يفكر به الليبيون ولو عمل استفتاء على هذا ستجد 70% منهم سيوافق على هذا حيث أصبحت الحياة لا تطاق وتفشي التيار السلفي في ليبيا كردة فعل على ما يحدث داخل المجتمع الليبي من فساد وبعد ما تخلصت ليبيا من الدواعش والإخوان والقاعدة. كذلك الحياة المدنية أصبحت صعبة سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية والليبيون سيرضون بأي شيء طالما ترجع حياتهم إلى ما كانت عليه دون وجود لمن أفسدوا الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بليبيا.
هل سينجح مؤتمر باليرمو في إرساء هذا لليبيين؟.