Atwasat

شبات

محمد عقيلة العمامي الإثنين 08 أكتوبر 2018, 11:03 صباحا
محمد عقيلة العمامي

عدد من شخصيات ليبية متنوعة القناعات، اعتادت منذ اندلاع ثورة فبراير2011 أن تلتقي يوم السبت بمكتب المهندس عادل مطاوع في القاهرة، من دون انتظام أو مداومة. كانت معظم الشخصيات تجمعت وتعارفت عند قيامها بناشط مدني كبير لم تكن له دوافع سوى أعمال خيرية لمن يستحقونها في وقت عصيب، إلى أن قامت دولة ليبيا الجديدة، واتجه كل إلى غايته، وعاد مكتب عادل مطاوع إلى سابق عمله، بعيدا حتى الآن عما يدور في ليبيا من أعمال سواء أكانت خيرة أو (بطالة)، ولكنهم انتظموا وإن لم يكونوا مجتمعين على اللقاء يوم السبت.

العديدون ممن كانوا نشطاء، في بداية فبراير 2011 توزعوا ما بين من لحق بركب فبراير سواء من خلال منصب يستحقه أو لا يستحقه، أو انطلق وراء فرص عمل مستثمرا سابق خدماته، وبين من عاد مباشرة إلى سابق عمله وكأن شيئا لم يحدث في ليبيا، غير أنه ما زل عدد بسيط لم يغب عن لقاءات أسبوعية غالبا ما تكون يوم السبت، أصبحت لقاءات من أجل المشاكل الحياتية، وإن ظل النقد البناء والإشادة بما يتحقق على الطريق السليم من أبرز حوارات يوم السبت، الذي لا علاقة له بـ (شبات) اليهود، الذي ورد في العهد القديم، في قصة الخلق تحديدا، وأصبح يوما للراحة "وبارك الله اليوم السابع وقدسه، لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقه" (التكوين 2: 2-3)

يوم السبت، نلتقي فيه بعيدا عن الضجيج والزحمة لتمضية الوقت ومضغ الكلام، وإن كنا أحيانا نتناول مواضيع مفيدة في مناحي الحياة خصوصا لمن بدأوا يشعرون أنهم هرموا!
يوم السبت قبل الماضي تناولنا موضوعين لفتا انتباهي، أحدهما عن طلب حكومة السراج من الأمم المتحدة حماية طرابلس، وهو كما فهمنا استدعاء للقبعات الزرقاء، والموضوع الثاني كان علاوة 500 $ وتداعيات تطبيقها.

ولقد شدني من اقتراحات معالجتهما رأي عرضة السيد عادل مطاوع لمسألة العلاوة فرأيت أن أنقله إليكم، لتعم الفائدة، وقد يجد من تهمه مصلحة بنك ما أو أحد من قياداته فيفسر لنا ما استعصى عنا:
في قصاصة ورق جمّع صاحب الرأي مجموع المصاريف التي تحتسب على إصدار بطاقة الـ 500 $ فوجدنا أنها تكلف المستفيد 5% من قيمة العلاوة؛ يعني 25 دولار، وبالطبع لم يحسب قيمة تذكرة السفر وتكاليف الرحلة إلى مصر أو تركيا لاستلام العلاوة!
إجمالي القيمة المخصصة للمواطنين هي كالتالي: 6 مليون مواطن مضروبة في 500$=3 مليار دولار أمريكي فقط! نسبة الفاقد كمصاريف ما بين مصارفنا والمصارف الخارجية حوالي 150 مليون دولار أمريكي. السؤال ببساطة: لماذا لا تصرف نقدا للمواطنين بدلا من هذ (اللف والعك) ويأخذوا عمولاتهم جهارا نهارا.. ويستثمر المصرف بقيمة في أية مشاريع تعود بالفائدة كأن تصان بها مدرسة أو مستوصف؟. ولا ينبغي أن نغفل أن توفر الدولار سوف يتسبب بالضرورة في توفر العملة الليبية!.

الحقيقة أنني لم أجد خللا في رأيه، ولكن للعداء الدائم بيني وبين العُملات خصوصا الأجنبية وجدت أن رأيه منطقي، ولكن قد تكون هناك مسائل فنية أجهلها ولكن بالتأكيد لا يجهلها جهابذة الدولار في الأسواق الموازية ورجال الاعتمادات والبنكوك سادة هذا العالم المنهوك أو المنهوب لا فرق!.

الموضوع الثاني الذي لفت انتباهي هو ترحيب البعض باستدعاء القبعات الزرقاء، والحقيقة أنه حل من الحلول التي تتولاها الأمم المتحدة، ولكنني لا أستطيع أن أجزم لا بفاعليته، ولا بالقبول له من دون إحساسي بأنني مواطن من بلد لم يستطع أهله حل مشاكلهم فاستنجدوا بأغراب، فذلك يعني أن الخلل أساسا فينا!.

ولقد تصفحت عددا من الأمور والمشاكل والحروب التي انتهى مطافها باستدعاء القبعات الزرقاء، ولكن ما لفت انتباهي هو استقرار تم ما بين طرفين قي جزيرة محددة، ولكن أساس المشكلة لم تحل على الرغم من مرور 44 عاما، فمازالت القبعات الزرقاء تقف بين الطرقين في جزيرة قبرص. رأيت أن أكتب لكم تلخصيا لما حدث في قبرص، من دون رأي أو تعقيب مني:
في يوم قائظ من صيف 1964 اندلعت الحرب الأهلية القبرصية فتوقفت عقارب الساعة عند الثامنة والدقيقة الثانية والخمسين وظلت كذلك بمطار نيقوسيا المهجور من ذلك التاريخ حتى يومنا هذا. ثلاث طائرات ركاب وحوال 20 طائرة خاصة صغيرة أكلها الصدأ ظلت أسيرة تلك الحرب فوق أرضية مطار حديث، شيد من بعد أعوام قليلة من استقلال قبرص في 31/7/ 1960.

تلك الحرب جعلت الجزيرة، ذات الموقع الاستراتيجي أسيرة بين فكي دولتين قريبتين منهما ثقافيا ومكانيا، ونتج عنها نزوح 44000 نسمة من القسم اليوناني وفرار حوالي 200.000 مواطن قبرصي من الجانب التركي. ونحن لا نحتاج لتوضيح مغبات ومآسي هذا النزوح أو التهجير فالأمثلة عنها ما تزال قائمة في بلادنا، التي نُصر أنها واحدة موحدة (ثقافيا ومكانيا).

الحرب الأهلية القبرصية اندلعت في الجزيرة وصعب إخمادها بسبب أنها جزيرة أولا ولأن الفكين قريبان منها ولهما فيها امتداد عرقي وإن كانت هناك خلافات دينية وعرقية وتاريخ مزعج في حقبة انتهت منذ قرون.
وصلت قبعات الأمم المتحدة الزرقاء سنة 1964 ومازال جنودها يتشمسون هناك، وكأنهم سواح مدفوعة مصاريف إقامتهم طوال كل هذه السنين، على الرغم من توقف القتال من بعد انتصار القوات التركية في 20 يوليو 1974.

وبسبب تشظي الجزيرة بين حكومتين، وجيشين، وبسبب موقعها الاستراتيجي القريب من منطقة ملتهبة منذ عام 1948 أصبحت مزدحمة بالجواسيس ورجال الأعمال كلهم بمن فيهم "الأعمال البطالة "، فالبؤر الملتهبة تكثر فيها فرص الإثراء السريع. وظلت قبرص كما هي: لا هي يونانية ولا هي تركية، وبالطبع توقفت عضويتها بالأمم المتحدة. ولكن الشعب عايش ولا أحد يستطيع أن يقرر أنه هانئ وآمن ومستقر إلاّ القبارصة أنفسهم!.

والباب عن هذه القبعات الزرقاء المتأهبة للانطلاق نحو ليبيا، التي يشبه طقسها قبرص"موارب"، وهناك من طرق الباب يريد مساعدتهم، وهو بالتأكيد لا يعرف أنه لا يحق له أن يحدد جنسياتهم!.