Atwasat

من يعلق الجرس..؟!

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 09 سبتمبر 2018, 11:54 صباحا
عمر أبو القاسم الككلي

خلال مسيرة الحياة قد يجد الواحد منا نفسه (أو يضع نفسه) في وضع استثنائي تكتنفه وتتبطنه ظروف بالغة التعقيد، متشابكةٌ ومتضافرةُ العناصر ومتعددة المتغيرات وسريعة التحول. وعلى الجملة، يكون هذا الوضع الذي وجد فيه نفسه، أو وضعها فيه، أكبر منه ويتجاوز قدراته على توجيهه وإدارته.

ومن هنا، فلا ينبغي أن ينبني حكمنا على أداءهذا الشخص في إدارة الأزمة بما كان ينبغي عليه، من وجهة نظرنا، أن يفعله ولم يفعله. ليس هذا أساسا عادلا في محاسبته على الإخفاق واعتباره "تقصيرا". وإنما ينبغي أن تنطلق محاسبتنا هذه على أساس ما كان بإمكانه أن يفعله وقَصَّر في فعله. أي أخذ حالة "القصور" في الاعتبار. فإذا كان باستطاعته أن يفعل شيئا إيجابيا يضع الأزمة على درب الحل و "قصَّر" في ذلك، كان محل لوم. أما إذا لم يكن بإمكانه، فنعتبر ذلك "قصورا" خارجا عن إرادته، مع عدم استبعاد حضور جانب من هذا القصور في طبيعة شخصيته ذاتها.

أعتقد أن هذا الطرح يمثل قاعدة عادلة في محاسبتنا لذوي المناصب الإدارية والسياسية، وحتى العسكرية، أثناء الأزمات. وهذه القاعدة أراها عادلة ومنصفة، أي موضوعية وأخلاقية.

من يعلق الجرس في رقبة القط؟!.

خلاف ذلك، تكون الأحكام التي لا تميز بين "التقصير" و "القصور" غير موضوعية (تنطلق من عدم معرفة بالظروف المحيطة والمستبطنة للوضع محل التقييم، والمتحكمة في الشخص محل الحكم) وغير عادلة (لأن الحكم كان متحيزا أو متحاملا، أي خاضعا للأهواء الذاتية، الفردية أو الجماعية) وغير أخلاقية (لأنها تنتهك مبدأ شرف الخصومة وقيمة النزاهة). وهذا ينطبق على الأحكام الهجومية والأحكام الدفاعية التي لا تتوخى المعيار الذي اقترحناه أساسا للحكم.

ففي الوضع الراهن الذي تتخبط فيه ليبيا، والذي بؤرته الوضع البالغ الخطورة الواقعة في شبكته طرابلس، تتجه الكثير من أصابع الاتهام إلى حكومة الوفاق الوطني، التي مقرها طرابلس، والتي يرأسها السيد فايز السراج. وبالطبع فإن التهم بالتقصير المتعمد تنصب في النهاية على السيد السراج.

لست هنا بصدد الدخول في تحليل للوضع، ولا الدفاع عن السيد السراج، وإنما أهدف إلى استحثاث "العقل الوطني" (الذي لا بد أن يكون، بصفته هذه، موضوعيا وعادلا ومنصفا) للحكم على السيد السراج، أو غيره، ليس على أساس ما ينبغي عليه أن يفعله في هذا الوضع، وإنما على أساس ما بإمكانه أن يفعله، لوضع الأزمة على طريق الحل، ولم يفعله. أي على أساس التحقق من "التقصير" وتبين "القصور".

فالقول مثلا، أنه كان على السيد السراج أن يعمل على حل المليشيات وتشكيل مؤسسة عسكرية على الأسس المؤسسية العسكرية المعروفة، سيواجه بسؤال مهم، وهو:

من يعلق الجرس في رقبة القط؟!.