Atwasat

ركن العامرية.. الأنثى.. وتُجمع أُنُث.. كحمار وحُمُر..!

فدوى بن عامر الأربعاء 01 أغسطس 2018, 10:52 مساء
فدوى بن عامر

في العادة يبتعد حديثي دائمًا عن السياسة وخاصة الليبية، هذا إن كان هناك ما يمكن أن نطلق عليه عبارة السياسة الليبية. أما حديثي اليوم فلابد أنه سيقترب منها قليلًا.

أجزم أن جلّ من يصنفون أنفسهم بأنهم من ساسة هذا البلد الذي بات بائسًا هم ليسوا أكثر من بؤساء ودليل بؤسهم حال بلادنا. وأزعم أن معظهم من الفشلة ودليل فشلهم حال بلادنا. وأشدد على أن معظم القيادات السياسية في ليبيا هي قيادات لا تعرف إلا الخيبات المتتاليات والدليل حال بلادنا. ولاحظوا معي أنه لا وجود على ما أعلم لامرأة قيادية أو حتى نائبة لأحد تلكم القيادات السياسية.

ثم أن ما الدليل على أنهم هم الأعلون كما اعتقدوا -أقصد الذكور- والوطن لا سيادة لهم عليه حتى أنهم إن أُريد لهم الاجتماع كان ذلك خارج حدود الوطن وتحت إشراف مندوب ما من خارج الوطن أيضًا. هذا الفعل يشي لي بل يؤكد أن صناديد السياسة الليبية في مجملهم لا يملكون من أمرهم شيئًا وبالتالي هم ليسوا الأعلين، فلماذا إذًا الإصرار على إهانة المرأة لجنسها! وكيف لهم الاعتقاد أنهم الأعلى رغم عدم تحقيقهم أي منجز، فقط لأنهم لم يُخلقوا امرأة؟ تالله لقد امتقع وجه الزمان وشح قلمه فما عاد يعرف ماذا يكتب عن وطن خُرِّب بسواعد أبنائه.

ولكن ماذا نتوقع من مجتمع يُؤْمِن بسيادة الذكور فقط لكونهم ذُكُورًا. مجتمع يتملّك أفراده الشعور بالتفوق الوهمي على جنس النساء فلا يتورع بعضهم عن الحطّ من شأن المرأة، كل ذلك ونحن في القرن الواحد والعشرين. الحقيقة الساطعة هي أن ذلك المجتمع ليس إلا مجتمعًا لم يصل بعد لطور الإنسانية.

دعوني أخبركم أنه في الجانب الأخر من العالم يعيش رجل أسمه مارك زوكربيرح. سيُعتبر هذا الرجل في عالمنا المتخلف رجلًا فاشلًا رغم أنه مدير الفيسبوك. أما دليل فشله فبالطبع توظيفه امرأة نائبة له تدعى شيرل ساندبيرغ. ودعوني أخبركم أن زوكربيرج ليس الفاشل الوحيد فحسب بل شركة غوغل التي كانت ذات المرأة نائبة لمدير فيها قبل توظيفها في الفيسبوك. ليس هذا فقط وإنما الفشل يلاحق أيضًا شركة ماكينزي حيث كانت شيرل مستشارة فيها وقبلها كان البنك الدولي فاشلًا هو الآخر بسبب عمل صاحبتنا شيرل فيه كمديرة. وأما جامعة هارفرد الأمريكية فلابد أنها الفشل بعينه لأنها أجازت شيرل في الاقتصاد. والفشل الأعظم فمتمثل في الاثنين مليون إنسان من متابعي صفحة المرأة الأربعينية شيرل في الفيسبوك.

ولكنني أعلم أيضًا أنه عند نقصان العقل -ولا أعني عقل المرأة- فإن الكلمات ستنطلق تباعًا من فم أي سياسي ليبي تسبق بذلك تفكيره، فيكون حديثه خاليًا تمامًا من الدهاء السياسي والرزانة معًا لا بل يكون مدعاة للحرج الشديد. وعندها سيقع في مأزق بليد ومنزلق بعيد يستحيل الخروج منه، فلا اعتذار ينفع ولا تبرير يجدي ذلك أنه بكلماته تلك إنما يعبّرعن مكنونات رأسه. ومنطلقًا من عجزه عن فعل أي شيء لن يتمكن إلا من إلقاء اللائمة على المرأة المُستهان بها أبدًا، فهو بذلك يعرب عما يجول في خاطره فيتحدث كاشفًا الصورة الحقيقية للمرأة في وجدانه ووجدان شريحة من المجتمع.

ولعله يفصح ويفضح بحديثه ثقافة المجتمع بأكمله أو أمة بعينها، تلك الثقافة التي تزدري المرأة وتُنزل من قدرها وهذه لعمري هي الخارقة الحقيقية. فمجتمع غارق في ذكوريته حتى شحمة أذنيه من المؤكد أنه لن يصنع إلا الخوارق المبهرة. وربما أوحت كليمات مسطورات في قاموس لغتنا الجميلة عن المقصود.

خلاصة القول أنه وبعد الانتهاء من القراءة الثالثة لرواية ظل الأفعى للمبدع الروائي يوسف زيدان، راجعتُ لسان العرب ليطمئن قلبي وما اطمأن لأنني وجدتُ مكتوبًا ما هلعتُ لأجله وبالحرف الواحد: "الأُنْثى: خلافُ الذكر من كل شيء، والجمع إِناثٌ ؛ وأُنُثٌ: جمع إِناث، كحمار وحُمُر."!!!!!!

وبذا بطل العجب، هذا إن كان هناك عجب أو تعجب. ربما تعين علينا ومن منطلق أخلاقي وقبل كل شيء الاعتراف بأننا مجتمع يعاني من خيبات عقلية لاحد لها أو قرار. ففي بلادنا، ليس هناك حاليًا إلا قرار الفشل... والفشل ثم الفشل الذي يلاحق معظم الساسة الليبيين أينما وكيفما ولّوا الوجوه.