Atwasat

نحن ننتخب والديمقراطية تضحك

سالم العوكلي الأحد 29 يوليو 2018, 12:23 مساء
سالم العوكلي

الأصوات التي تصرخ بصوت عالٍ ضد الحوار وضد أي تقارب أو بادرة للمصالحة الوطنية، هي نفس الوجوه التي تتكرر في القنوات ووسائل الإعلام يومياً، يرعبها أي ضوء يظهر في هذا النفق لأنها كالوطاويط لا تتحرك إلا في الظلام، وتعرف جيدا أنه لن يكون لها دور أو قيمة لو تحولت ليبيا إلى دولة محترمة.

أصوات ناشزة، تتنقل من قناة إلى قناة، ومن فندق إلى فندق في عواصم العالم القريب والبعيد. باسم الشعب الليبي تتحدث وباسم الشعب الذي يعاني الأمرين راكضا بين الطوابير والمآتم. الشعب الذي لم يستشره أحد أو يستفته أو يأخذ رأيه، وكأن صمته نتيجة الصدمة علامة رضا.
************
لا حل لهذه الأزمة إلا بالتفاوض وبتقديم التنازلات التي لا تعتبر تنازلات حين تكون من أجل الناس ومن أجل قوتهم وأمنهم، ولا حل طالما الصوت الغالب هو صوت هذه النماذج التي تسفه كل فرصة للتقارب، وتوزع الوطنية كما تشاء، وتتهم من تشاء بالخيانة، وتتمسح بأية سلطة تجد فيها مصالحها.
والديمقراطية في وادٍ آخر
**************
الأطراف المتصارعة في ليبيا لا تتفق على شيء سوى على معاداتها وهجومها الشرس على الكُتّاب والمثقفين الليبيين، وهذه نقطة اتفاق وتوافق يجب البناء عليها في أي حوار ليبي ليبي قادم.
كم تصلني التهديدات بمثابرة من جماعات القاعدة في درنة، ومن جماعات الإسلام السياسي ومفتي الديار في طرابلس ومصراتة، ومن السلفيين في برقة. وأعتقد أن هذا شأو الكتاب جميعا من لهم رأي مستقل.
ميزة الكاتب أنه لا يستطيع أن يكذب، ولا أحد يستطيع أن يكذب حياله، لأن مواقفه وما فعله وما كتبه موثق في كتب وجرائد ودوريات ومواقع إلكترونية، أما الآخرون فيحق لهم أن يقولوا ما يقولون عن أنفسهم، أو ما يزايدون به على الآخرين، لأننا لا نعرف ماذا فعلوا في الماضي ولا ماذا سيفعلون في المستقبل؟.
والديمقراطية آلة الزمن التي تنقلنا إلى المستقبل.
**************
الانتخابات التي فرح بها الليبيون والتقطوا الصور لأصابعهم المغموسة في الصبغة بعد أن أحسوا أنهم أصبحوا بشراً مثل باقي البشر. هذه الانتخابات سرقت وتم تأميمها واحتكارها من قبل عشرات يمارسونها داخل صالات مغلقة، والشعب الليبي يتابعها في التلفزيون مثلما يتابع انتخابات في بوركينا فاسو. وما يزيد الأمر سخرية أن الانتخابات تتم في جسم غير شرعي تم الاعتداء عليه كما يعتدي الأفاقون الآن على أملاك الدولة ومؤسساتها ويسيجونها بأسوار ويتخذونها سكنا، يعني (ازقوب) كما يقال باللهجة. تعليق على الانتخابات التي تمت داخل مجلس الدولة الاستشاري، والديمقراطية تتجهم.
************
أغلب المحللين العرب ينظرون إلى الرئيس ترامب من منظور عربي، وعلى أساس أن الرئيس الجديد يعد بتغييرات جذرية، وكل يحاول أن يؤقلم نفسه مع مزاج الوحش الجديد، وكأن الذي حدث انقلاب عسكري أو انقلاب أمير على عرش أبيه الهرم.
أمريكا قطار مندفع وله مقودان، وما يحدث هو أن هذه القاطرة يستلمها لفترة سائق على المقود اليسار ولفترة أخرى سائق على المقود اليمين، لكن السكة واحدة، والأفق أمامهما واحد، والمحطات التي يجب أن يتوقفا فيها واحدة، فقط من الممكن أن تختلف جزئياً إطلالة كل منهما عبر نافذته، وربما أقصى ما يمكن أن يصل إليه الاختلاف أن أحدهما قد يزيد من سرعة اندفاع القاطرة وآخر قد يبطئ من سرعتها صوب الهدف الموحد.
والديمقراطية هي فن الاختلاف نحو الهدف.
**************
10 قرارات لا يستطيع اتخاذها الرئيس الأمريكي: المساس بالدستور ــ تفسير القوانين ــ إعلان الحرب رسمياً ــ إيقاف الحكومة عن العمل ــ تطبيق (الفرمانات الرئاسية) بلا حساب ــ تعيين أعضاء المحكمة العليا. ــ تغيير النظام الضريبي . ــ فرض السياسة التجارية .ــ حذف أو فرض مناهج تعليمية بعينها ــ الحصول على دخل سوى راتبه الحكومي.
والديمقراطية تضحك
**************
إعصارا هارفي وإيرما اللذان ضربا ولايتي تاكسس وفلوريدا، تسببا في خسائر تقدر ب 290 مليار دولار، ما يشكل 1.5% من إجمالي الناتج المحلي في الولايات المتحدة الأمريكية، أو ما يشكل الناتج الليبي المحلي لثمان سنوات في حال الضخ الطبيعي للنفط وفق أسعاره الحالية.
تسبب إعصار إيرما في قطع الكهرباء عن 5 مليون منزل وشركة في ولاية فلوريدا، ويقول المسؤولون أن إعادة الكهرباء إلى حالة ما قبل الإعصار قد يستغرق عدة أسابيع.
ما يحدث (هناك) أن الطبيعة تسبب الكوارث وعقولهم تصلح ما يترتب عنها.
وعندنا (هنا) عقولنا هي التي تسبب الكوارث والطبيعة تحاول أن تصلح.
والديمقراطية نتاج العقل وليس الطبيعة.
**************
حين عرف العاملون في السيرك إمكانية ترويض الحيوانات، والتحكم فيها، والاستحواذ على طاعتها لهم، وجعلها تفعل ما يريدون منها، أدرك العاملون في سيرك السياسية إمكانية ترويض البشر والتحكم فيهم بالكيفية نفسها.
الفارق بين الحيوانات والبشر، أن الحيوانات لم تعرف أبدا أنها مصدر دخل المتحكمين بها، لذلك استمرت ألعاب السيرك بالطريقة نفسها منذ مئات السنين وحتى الآن، وستستمر إلى الأبد، لأن الحيوانات لا تقرأ، وليس لها ذاكرة، ولا تستفيد من تجاربها، بينما البشر الذين ترقوا عرفوا أنهم مصدر دخل الساسة والدول باعتبارهم دافعي الضرائب التي يتحكم بمردودها الساسة في حلبات السيرك البشري المسماة شعوبا، ومن خلال هذه المعرفة هناك ولدت الديمقراطية التي انتقلت بنظام العلاقة بين الحاكم والمحكومين من حلبة السيرك إلى طورها الإنساني .
**************
الديمقراطية التي يتساوى فيها جميع الأفراد في المسؤولية عن كل الأشياء هي ديمقراطية خانقة لذوي الضمائر، إباحية لغيرهم .
تي . إس . إليوت