Atwasat

الكأس المقدس دورة قيصر روسيا!

أحمد الفيتوري الثلاثاء 17 يوليو 2018, 10:25 صباحا
أحمد الفيتوري

هدف بوتين!
شفرة دافنتشي رواية شهيرة لدان براون حولت لفيلم، موضوعها الرئيس الكأس المقدس في الميثولوجيا المسيحية، الكأس الذي استخدمه يسوع في العشاء الأخير، يقال أن الكأس ذات قدرة إعجازية، وعلى هذا الأساس فالبحث جارٍ عن هذا الكأس المعجز.
لكن يبدو أن كرة القدم اللعبة الأمريكية اللاتينية، التي استعيرت من الحضارة المكسيكية القديمة التي سادت قبل الميلاد بقرون كثيرة، قد وفرت للحضارة الأوربية في القرن العشرين الكأس المقدس كـ (كأس العالم).

قيصر روسيا بوتين سقطت عليه هذه الكأس المقدسة كما معجزة عندما حظيت روسيا بالدورة الحادية والعشرين لكأس العالم، بوتين قاضم القرم، والغاص في أوكرانيا، ودماء السوريين، مثلما هتلر من حظي بأولمبياد برلين 1936، لكن الفارق القاطع بينهما أن هتلر استغل المناسبة لتوكيد استبداده والعنصر الآري، فيما بوتين أراد أن ينسينا صورة حقيقته بأن يوكد عظمة روسيا الإنسانية، روسيا بطرس الأكبر من تحمل مدينة بطرسبرج اسمه، هكذا فلح قيصر روسيا في أن يزرع ويحصد دورة كأس العالم 2018 بجدارة لا يُشكك فيها أحد، رغم أن سفينة مونديال موسكو ضربتها قبيل بدئها رياح صرصر مما يذكر بأولمبياد موسكو 1980، بل أن مونديال روسيا 2018 بات مونديال المفاجآت الطيبة، واللقاء الرياضي، والسياسي السلس، حتى أن الإرهاب ما كان يُخيم على العالم قد تبدد وذهب ريحه كأن لم يكن، وعلى ذلك قمة الدولتين النوويتين الأكبر حدد موعدها تالي يوم ختام كأس روسيا المقدس، حيث ترامب يلتقي بوتين يوم الاثنين، وختام المونديال الأحد فيجيء اللقاء في أجواء الفوز الروسي والسماحة البشرية.

هدف ماكرون!
ديشامب المدرب الفرنسي نجح في أن يحظى ماكرون الرئيس بالكأس المقدسة لفرنسا بعد مونديال باريس 1998 المونديال ما كان فيه لاعبا ديشامب، المدرب في مونديال موسكو نجح فيما لم يتوقعه أحد تقريبا حيث جاء بالكأس من دورة خارج البلاد، لقد حقق هدف الرئيس الشاب بفريق شاب لا تاريخ له ولا رصيد كما ماكرون وبفريق فرنسي متعدد الأصول خاصة أفريقية ما الهجرة أزمة أوروبا مصدرها، وبذا ديشامب حصد الكأس المقدس هدف ماكرون المسكوت عنه.

أضف إلى معجزة ديشامب أن الخصم معجزة مونديال موسكو من أحبته البشرية الكروية وبدأ في اللقاء الختام كما أيقونتها لما تصبو إليه من فوز، ماكرون الرئيس الشاب يراقص كوليندا الرئيسة الجميلة لبلاد الفريق الخصم الذي ديشامب عند الختام يحث الخطى نحوه مسلما ومحييا أفراده، ديشامب الذي وظف كفخ حماسة فريق الخصم والتأييد الجم له، والإنهاك الشديد الذي أصابه من اللعب والتأييد، فدع اللعب للخصم والاستحواذ المرهق واكتفِ بحصاد النتيجة بسهولة مريبة لا تخطر على بال، فتحقق هدف ماكرون بفضل مدرب لا يريد إلا تحقيق الأهداف، حيث كل لعبة جماعية لابد أن يسوسها سائس محنك مبتغاه الفوز، مثلا ماكرون المشدود باللعب بطريقة ديجول، فريق ديشامب لخص هذا التوق وحققه أمام أعين أكثر من مليار إنسان، (حيث الإنسان لا يكون إنسانا إلا حين يلعب ولا يلعب إلا حين يكون إنسانا) كما قولة شيلر.

لكن هذا الفريق المتعدد الأصول من جهة أخرى كشف الأزمة البنيوية لفرنسا الإمبريالية التي تنادي بالإخاء والمساواة والحرية، لكن ماكرون يعمل بكل السبل على منع الهجرة إلى فرنسا هذه، و ديشامب لن يتمكن بفوزه بكأس العالم 2018 في افتكاك ماكرون من هذا الفخ البنيوي.

هدف كوليندا!
كرواتيا دولة شابة في العقد الثالث كما كوليندا تقريبا جميلة وبلاد سياحة صغيرة من خمسين ألف كلم وأربعة ملايين من البشر، دولة ولدت من أتون حرب أهلية دامت حوالي خمس سنوات و300 ألف مهاجر و30 ألف قتيل.
هدف كوليندا كما هدف كرواتيا العودة بقوة إلى الحياة والمجتمع الإنساني وأن تكون دولة صغيرة لكن ناجحة، هذا الهدف المتواضع في عالم الدول الكبرى جعل فريق كرواتيا لكرة القدم ومدربه فريق الحماسة والرغبة والأمنية في تحقيق الذات، العالم المكلوم والمفجوع بالإرهاب الدولي وجد في كرواتيا من خلال فريقها العزاء.

مونديال المفاجآت منح هدف كوليندا ففازت بأن يكون فريق كرواتيا فريق العالم الذي لم يهتم بالنتيجة بل بالمسار، لم يبحث في التفاصيل حيث يكمن الشيطان بل في المعنى جملة، فالبشر الكروي منح كأسه المقدسة لفريق منحه الإرادة والمثابرة والعزيمة في أن يخرج من الحال الراهن إلى حال آخر حتى دون فوز بالمراد،

ما ستجنيه كوليندا سيكون كما جناه فريق كرواتيا في كأس العالم 2018، هدف لم يحقق الفوز لكنه حقق معجزة. بهذا كان فريق كرواتيا في مونديال روسيا كما قصيدة في عالم لا شعري.

هدف الأهداف!
هدف الجمهور ليس الفوز بل الفرجة، ولم يحمل العلم الوطني إلا الفرق المشاركة التي سرعان ما جمهورها حمل علم فريقه الذي يتغير كلما خرج فريق من المونديال، حتى في الختام كاد علم كرواتيا أن يكون علم البشرية الكروية مع استثناء حصل عليه الخصم بلاد الغال فرنسا.

هدف الجمهور اختزل في كرواتيا التي توقع جزء من هذا الجمهور أنها لن تحظى بالكأس المقدسة فمنحها كأسه، فمونديال كأس العالم كما كسر للعزلة التي رأت الفيلسوفة الألمانية حنة أرندت: [الإرهاب لا يمكن أن يسود الناس مطلقا، إلا في حال كونهم معزولين بعضهم عن بعض، وبالتالي فإن أول اهتمامات كل الأنظمةالاستبدادية هو إحداث العزلة، لذا يمكن أن تكون العزلة بدء الإرهاب.]... كأس العالم القادم 2022م في قطرهل يحق المزيد في مهمته المسكوت عنها: كسر العزلة؟