Atwasat

مطروح للنقاش.. تجاوز البعثات الدبلوماسية مهام عملها في ليبيا

أم العز الفارسي الإثنين 02 يوليو 2018, 05:39 مساء
أم العز الفارسي

تطالعنا الأخبار عن اجتماعات وزيارات ولقاءات بين سفراء بعض الدول في ليبيا، وأشخاص وأطراف وكيانات مختلفة، ويتناولون في هذه اللقاءات الشأن الليبي على الملأ، بل إن البعض يعقد الصفقات ويوقع الاتفاقات، في تجاوز خطير للأعراف الدبلوماسية والقوانين والمعاهدات الدولية التي تنظم عمل البعثات الدبلوماسية، وهذا فقط ما هو معلن.. فماذا عن الأعمال الأخرى من جوسسة ورشاوى وزرع للفتن ودعم لطرف على حساب آخر، فهل نحن واعون بما يحدث؟ في حدود اختصاصاتنا وحقوقنا، وصون سيادتنا أم أن ولاة الأمر ومتخذي القرار متعامون عما يحدث؟!

هذه الأسئلة تقودنا إلى خوض هذا الموضوع الشائك الذي ساهم دون شك في زرع الفتن وفتح مسارات لتدخلات في الشأن الليبي عمقت الهوة وباعدت الأطراف المتناحرة عن الوصول إلى حلول للأزمات الليبية بقصد أو دون قصد.

لا يستطيع مقال أن يسبر غور هذه القضية وخطورتها وتداعياتها عبر التاريخ الإنساني فقد كانت دائمة الحضور، ولكن قد يكون مناسبة للتركيز على مسائل مهمة لو وعينا لها قد تجنبنا الوقوع في بعض المحظور أو على الأقل كيفية الخروج منه، وقد حدث ما حدث!

هل نحن واعون بما يحدث؟ في حدود اختصاصاتنا وحقوقنا، وصون سيادتنا أم أن ولاة الأمر ومتخذي القرار متعامون عما يحدث؟!

تعترف السلطات المحلية، وفقاً للقوانين والاتفاقات الدولية، بتمتع الدبلوماسيين بامتيازات وحصانات كثيرة أثناء عملها، وهذه الامتيازات تعطَى لهم باعتبارهم ممثلين مباشرين لبلدانهم وشعوبهم لدى الدول الأخرى، ويمكنهم ذلك من العمل باستقلالية، وأداء واجباتهم في نطاق مكانهم المخصص والمحمي بعلم بلادهم وفقاً لقوانينهم وفي نطاق التشريع الوطني لبلدانهم، وهذا المبدأ الذي يستعمل في القانون الدولي، يمكن الأجانب من التعاطي وفقاً لمبدأ احترام سلطات حكوماتهم الأصلية، ويضمن للبعثات الدبلوماسية حصانات وضمانات، منها عدم إلقاء القبض عليهم هم وأفراد عائلاتهم لأي سبب، ومازالت ذاكرتنا تحتفظ بمشاهد مقتل السفير الأميركي وحرق مقر عمله في بنغازي وخطف السفير الأردني والتونسي في طرابلس في فترات تصاعد موجة التطرف في ليبيا، وعجز الحكومة الليبية عن توفير الحماية لهذه البعثات مما اضطر كثيراً من السفارات والبعثات إلى إغلاق مقارها أو انتقالها إلى دول الجوار، والعمل مع رعاياهم في ليبيا عن بعد، بينما الأعراف الدولية والقوانين المحلية تحميهم حتى من تفتيش مساكنهم، أو العبث بأوراقهم وأمتعتهم. أو فرض ضرائب على ممتلكاتهم الشخصية من قبل البلاد التي تستضيفهم. مع ضمان خاص بحرية العبادة، وإقامة الشعائر الدينية.

أما خارج هذا النطاق فالبعثات الدبلوماسية يجب عليها أن تراعي قوانين الدولة المستضيفة لها والالتزام بها وعدم تجاوزها، بل إن الأعراف الدبلوماسية اليوم تنادي بضرورة إجادة لغتها ومعرفة عاداتها وتقاليدها، واحترام خصوصية شعبها، والتفاعل مع ما يحدث فيها سلباً وإيجاباً. وضرورة أن يراعي الممثل الدبلوماسي عدداً من الواجبات أثناء قيامه بعمله ومنها احترام قوانين وأنظمة الدولة المعتمد لديها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وعدم إساءة استعمال الأماكن التي تشغلها البعثة، وعدم ممارسة أي نشاط غير المكلف به رسمياً.

ما نراه ونشهد به في بلادنا هو خروج كثير من البعثات الدبلوماسية عن قواعدها وأعرافها، دون احترام لمؤسسات بلادنا

وإخلال الممثل الدبلوماسي بالواجبات المصانة له بالقانون قد ترفع عنه حصانته الدبلوماسية إذا قررت دولته ذلك، كما يحق للدولة المضيفة أن تطلب من حكومته إبعاده، وفي حال ارتكاب جرائم أو مخالفات يحق للدولة المستضيفة إبعاده، بوصفه شخصاً غير مرغوب فيه وفقاً للقواعد الدبلوماسية والأعراف الدولية.

لكن ما نراه ونشهد به في بلادنا هو خروج كثير من البعثات الدبلوماسية عن قواعدها وأعرافها وتحولهم إلى سياسيين منفلتين، وكأنهم من أهل البلاد يتنقلون كيفما شاؤوا ويلتقون بمن شاؤوا دون احترام لمؤسسات بلادنا، تنظم لهم اللقاءات، وتعقد لهم الجلسات، ويلتقون مدنيين وعسكريين وتنفيذيين وتشريعيين، في البلاد وفي خارجها وكأن لا سلطات محلية معنية بالتواصل المحدود جداً معهم. وبدلاً عن التقاء مسؤولينا بالسفراء للتشاور معهم وإيصال وجهات نظرهم وعرض سبل التعاون مع بلدانهم، نجد أن السفراء والمبعوثين الدبلوماسيين لبعض الدول ذات المصالح في ليبيا، أكثر تواجداً في المحافل الليبية وبروزاً من مسؤولينا في كل مكان، فهل السلطات الليبية على علم، وهل سلوكهم في حدود القانون؟ ومازال الموضوع مطروحاً لنقاش مالا يناقش في ليبيا!!