Atwasat

مأزق الدول الواقعة خارج "حزام الديموقراطية"

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 01 يوليو 2018, 12:32 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

وضعت التطورات الهائلة، والمتسارعة، الخاصة بالعولمة وما نتج عنها من تغير في النظام السياسي العالمي، وبروز قضية حقوق الإنسان إلى الصدارة، والتقدم المتلاحق في وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي، الدول الواقعة خارج "حزام الديموقراطية" ليس في أزمة، وإنما في ما هو أكثر من ذلك، أي في مأزق.

الشعوب التي لم يشملها ما عرف بالربيع العربي، لم تعد تميل إلى الهبات الشعبية التي تستهدف إسقاط الأنظمة

لقد اضطرتها هذه التطورات أن ترمم، جزئيا، ملامحها، دون المساس ببناها الأساسية، بحيث أخذت تخفف من سطوتها القمعية وتتيح مجالا، ضيقا، لمواطنيها كي يحسوا أنهم ينعمون بقدر من الحرية. لكن التطورات تتسارع والمطالب الشعبية المتعلقة بالحريات العامة والعدالة، بالمعنيين القانوني والاجتماعي، تتزايد. لذا فإنها تخشى من أنها لو استجابت أكثر إلى هذه المطالب التي لا تقف عند حد، فستعرض سلطتها وبقاءها إلى الزوال. المأزق يتمثل، إذن، في وقوع هذه الأنظمة بين مطرقة الضرورة وخطورة الزوال.

وإذا ما حصرنا الحديث في المنطقة العربية، فرغم أنه يبدو، في اعتقادي، أن الشعوب التي لم يشملها ما عرف بالربيع العربي، لم تعد تميل إلى الهبات الشعبية التي تستهدف إسقاط الأنظمة، بعد ما شهدت ما وصلت إليه الأوضاع في ليبيا وسوريا واليمن من وضع كارثي غير مسبوق في تاريخها، وباتت تطمح إلى تغيير سلمي تتقبله الأنظمة المعنية بشكل تدريجي، إلا أن هذه الأنظمة ما زالت تخشى أن تفلت منها الأمور، وهي فعلا غير مضمونة العواقب، لذا فإنها تجد نفسها مدفوعة إلى مواجهة التحركات الشعبية بقدر من الحزم والقمع.

أحدث مثال وأبرزه في هذا السياق، هو الأحكام القضائية القاسية التي أصدرها القضاء المغربي بحق النشطاء الذين قادوا حراك الريف

أحدث مثال وأبرزه في هذا السياق، هو الأحكام القضائية القاسية التي أصدرها القضاء المغربي بحق النشطاء الذين قادوا حراك الريف، والتي أثارت ردات فعل احتجاجية واستنكارية في الأوساط الحزبية والنقابية والهيئات الحقوقية، وكذلك في الأوساط الشعبية العامة.

يقول أستاذ جامعي مغربي بهذا الشأن إن الأحكام تبعث رسالة مزدوجة، أولاها أن الدولة تريد إظهار صرامتها وعدم قبولها تجاوز حدود معينة في الاحتجاجات الاجتماعية، ثانيتها أن الأحكام قد تهدف لتوفير شروط يطُوى من خلالها هذا الملف من خلال عفو شامل عن المعتقلين، حتى تبين الدولة أنها قادرة على طيّ أيّ ملف مهما كان ثقيلاً. ومن جانبها، أصدرت أحزاب الأغلبية الحكومية بالمغرب، بعد مرور أكثر من يومين على إصدار الأحكام على معتقلي حراك الريف، في الاجتماع الذي عقدته صباح الجمعة 29 يونيو/حزيران 2018، بمنزل رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بيانا "محايدا"أعربت فيه عن أملها في أن يؤدي استئناف هذه الأحكام إلى "مراجعتها". ما يدل على وجود نوع من عدم الرضا عن هذه الأحكام بين النخبة الحاكمة نفسها.