Atwasat

نقطة بيضاء

د. مها المطردي الإثنين 26 مارس 2018, 11:37 صباحا
د. مها المطردي

أطلقت منظمة المراة الليبية من أجل السلام حملة بعنوان "مُلهمتي" سعت فيها مشكورة للتعريف بالمرأة الليبية في كل المجالات وتأثيرها الإيجابي قديما وحديثا..
ماهي المميزات القيادية التي كانت تمتلكها تلك النساء حتى أصبحن قدوة وملهمات للبعض.. وما هو النهج المناسب الذي تتخذه المرأة لتصل إلى درجة القيادية؟ ففي كل البرامج تُذكر المرأة القيادية الملهمة وما هي نجاحاتها ولا نعرف كيف أصبحت كذلك وكيف تهيأت الظروف لها.. أو ماهي الأدوات التي استخدمتها وكيف تحدت المعوقات في طريقها؟ كيف صنعت نفسها وعملت توازن بين نجاحها ومتطلبات حياتها الأخرى؟
كل فتاة لديها إمكانيات بداخلها تختلف من واحدة لأخرى ولكن كيف تتعرف على ذاتها وإمكانياتها؟ ماهو الشئ الذي تستطيع أن تنجح فيه في ما ميزها؟
إجابة هذه الأسئلة هي رحلة لاكتشاف الذات تبدأ بتخبط لعدم معرفتنا لوجهتنا أو لقيامنا بأشياء نحن نقوم بها لمجرد العمل.. ثم تتملكنا حيرة معرفة ما العمل الذي إذا قمت به أنجح في تحقيقه وأثبت كفاءتي وأستمتع وأنا أقوم به فأتميز به عن غيري.. فنقوم بخطوة تصفية للأشياء التي نريد أن نقوم بها بحب وقناعة وليست مفروضة علينا لإرضاء هذا أو ذاك أو لقيود وضعها المجتمع.. وقتها نكتشف ذواتنا ونكتشف أشياء نحن نتقنها ونحبها ولم نكن منتبهين لها أو تناسيناها مع ظروف الحياة.. كأحلام طفولتنا التي كانت عظيمة وتنازلنا في مشوار الحياة عنها وصغرت بالقيود والمخاوف التي فرضت علينا..
فكل طفل ولد واثقا في نفسه وقدراته فيقول مايريد ويفعل مايريد دون خوف حتى يبدأ محيطه في تثبيطه بالألفاظ المحبطة "أنت غبي" والكلمات السلبية "لن تستطيع" والمقارنات التي هي في غير محلها بأقاربه وأخوانه "فلان أشطر منك".
نحن في حياتنا محاطون بأفكار سلبية وأناس سلبيين.. فكيف نأخذ الأفكار الإيجابية ونفصلها عن السلبية لنصل لما نريد؟
أولا.. لابد أن نعرف أنه لا يوجد شئ سهل وكل شئ محتاج إلى لحظة قرار إما أن أثق في نفسي وأميزها أو أتأخر مثلي مثل غيري..ولابد أن نعرف أن النقطة التي يركز فيها الإنسان هي ذاتها مركز الطاقة الإيجابية أو السلبية عليه.. إذا نقطة البداية هي ماينبغي التركيز عليه.. فلو كانت حياتنا كلها سوادا.. الذي قد يتمثل في ظروف صعبة أو أناس سلبيين محيطين بنا.. فلنبحث عن النقطة البيضاء في كل هذا السواد ونتحرك منها.. ولنعلم أن بداية التغيير تكون من داخلنا وليست من الخارج.. فلنتوجه لأنفسنا بالأسئلة ونبحث عن الإجابة ولا نسأل محيطنا المُحبط ولا ننتظر شيئا من الخارج لكي لا تتحول عملية فعل العمل إلى عمل من أجل التقدير بدلا من أهمية العمل.
كوني واثقة في نفسك فلا تقفي أيا كانت الظروف وابحثي عن مخرج لأي معوقات وتحركي للأمام.. وهذه الصفة ستزداد عندك مع مرور الوقت لأنها صفة مكتسبة.. إما منذ الصغر من محيط مشجع أو من تجاربك وقرارك أنت في أن تقوي نفسك أو أن تتركيها تهتز.
وتذكري أن الرحلة أهم من الوجهة.. فالسعادة ليست في الوصول للهدف ولكن في استمتاعك بما وصلت إليه.. فهو حافزك لأن تعملي.
من الذكاء أن تركزي على نقاط القوة فيك وهذا سيجعلها أقوى وأقوى.. أما نقاط ضعفك ستبقى مثلما كانت ولكن سيتلاشى تأثيرها في ظل تقوية نقاط القوى. مهما بذلت من جهد على نقاط ضعفك لن تصل إلى مستوى نقاط القوى عندك.. فلا تُهملي المهم وتبذلي مجهودا يأخذ كل طاقتك على نتيجة لن تكون مرضية ولن تضيف لك ولمشوارك.. تحركي من نقاط قوتك وركزي عليها أيا كانت في عملك أو في شخصيتك وستكون النتائج أسرع.
قد ترفضين فكرة المقارنة بالإقران.. ولكن لتسألي نفسك ما الفائدة من المقارنة؟؟ فإن وجدت أن الغرض من المقارنة فيه القليل من الفائدة فإنها غير مرفوضة.. قارني نفسك بنفسك.. قارني ما أنت عليه اليوم وما كنت عليه بالأمس.. اسألي نفسك هل تقدمت للأمام؟ هل أنا اليوم أفضل من الأمس؟ هل حققت اليوم شيئا كنت قد عجزت عنه؟ إذا كانت الإجابة إيجابية.. فأنت تتحركين خطوة للأمام.. وإذا كانت سلبية.. انظري للخطأ وصححي مسارك. وقارني نفسك بالآخرين فابحثي عن مثال أعلى أو قدوة لتحققي نفس النجاح أو أكثر ولو بطرق مختلفة.. ولكن لا تقارني نفسك بشخص لايوجد مقارنة بينك وبينه مثل أن يتقن شيئا لا تتقنينه أو يدرس مجالا بعيدا عن مجالك أو قد يكون معك في نفس المجال ولكن له طرق تختلف عن طريقك.. عندها ستفشلين ولن تنجحي مطلقا.. ارفضي المقارنة الخاطئة التي تعودنا عليها منذ الصغر والتي هي أحد أهم أسباب الفشل.
في مجتمعنا علينا قيود كثيرة.. فلا تجعلي نفسك أيضا قيدا عليك بالتحبيط الذي يحدث من داخلك لكل عمل جديد تفكرين به.. فيملأك بالمخاوف وعدم الثقة بالنفس فيُصور لك ضخامة الخطوة ويضع أمامك عراقيل ضعفك وكلام الناس وإمكانية فشلك.. فهذه أدوات التحبيط الداخلي.. تغلبي عليها بالحركة الفعلية فهي ما ستوقف صوت الخوف لديك من أي بداية عمل.. وستلمسين سهولة الأمر وسيبدو لك أقل صعوبة وأبسط مما يبدو.. فكثرة الوقوف المتردد في أي عمل تريدين القيام به والتفكير السلبي الممتلئ بالخوف هو عثرات تصنعينها بيدك في طريقك.. الحل في أ ي تميز هو الحركة..خطوة واحدة كل يوم.