Atwasat

من الذي انقلب أولاً حفتر أم الإسلاميون؟

عمر الكدي السبت 31 مايو 2014, 12:07 مساء
عمر الكدي

سعى الإسلاميون مبكرًا وقبل أن تنتصر ثورة فبراير إلى السيطرة على مفاصل "الدولة"، وبادروا منذ البداية إلى السيطرة على رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبدالجليل، خاصة جماعة الإخوان المسلمين الذين تسربوا إلى المجلس وبلغ عددهم داخله 25 شخصًا، وكان عبدالجليل اعترف بوجود عناصر من تنظيم القاعدة داخل ليبيا، ورفض التحفظ عليهم بحاجة أنهم مقاتلون شرسون في حاجة إليهم لقتال كتائب القذافي.

بعد تحرير طرابلس تمكن المتشددون من السيطرة على وزارة الدفاع، من خلال تعيين خالد الشريف وكيلاً للوزارة، ثم نجحوا في تعيين يوسف المنقوش رئيسًا للأركان ... ومن خلال هذين الموقعين نجحوا في تعطيل بناء الجيش والشرطة.

أدرك المتشددون مبكرًا أن وجود اللواء عبدالفتاح يونس في منصب رئيس الأركان سيمنعهم من تنفيذ انقلابهم على ثورة فبراير، كما أنهم لم ينسوا دوره في قمع الجماعة الإسلامية المقاتلة في منتصف التسعينات، وكان اللواء يونس يخطط للانتقال إلى مصراتة أو الزنتان، بعد توقف الجبهة الشرقية عدة أشهر دون تقدم يذكر، فبادر المتشددون للضغط على مصطفى عبدالجليل لاستدعاء اللواء يونس للتحقيق، وهكذا تخلصوا منه بطريقة وحشية.

بعد تحرير طرابلس تمكن المتشددون من السيطرة على وزارة الدفاع، من خلال تعيين خالد الشريف وكيلاً للوزارة، ثم نجحوا في تعيين يوسف المنقوش رئيسًا للأركان، كما عينوا مفتاح الدوادي وكيلاً لوزارة رعاية أسر الشهداء والمفقودين، بعد أن كان رئيسًا للمجلس العسكري بصبراتة، كما سيطروا على وزارة الداخلية. ومن خلال هذين الموقعين نجحوا في تعطيل بناء الجيش والشرطة، وتخلصوا من كبار الضباط باعتبارهم من أعوان النظام السابق، كما ضموا كل التشكيلات المسلحة المحسوبة عليهم للوزارتين، وهكذا ظهرت تشكيلات "شرعية" تتبع رئاسة الأركان، مثل غرفة عمليات ثوار ليبيا والدروع، وفي شرق ليبيا لا تزال الرواتب تذهب إلى أنصار الشريعة، وكتيبة 17 فبراير وكتيبة راف الله السحاتي، وكتيبة أبو عبيدة الجراح.

وعلى الرغم من عدم نجاح الإسلاميين في انتخابات المؤتمر الوطني العام، إلا أنهم عملوا دون كلل على تهميش كتلة التحالف الوطني، بعد أن ترأس عبدالوهاب قايد كتلة "الوفاء لدماء الشهداء"، وبدعم من تشكيلاتهم المسلحة فرضوا قانون العزل السياسي بقوة السلاح، وبهذا القانون تمكنوا من عزل جميع القوى السياسية بمن فيهم الزعيم التاريخي للمعارضة الليبية الدكتور محمد المقريف، الذي كان يعارض القذافي قبل مولد محمد الزهاوي.

يبدو أن سيناريو ثورة فبراير سيتكرر مرة أخرى، في ثورة جديدة للتخلص من المتشددين، وفرض الوحدة الوطنية والمصالحة الوطنية على قوى تعمل لصالح أجندات خارجية، ولا تهمها ليبيا سوى كونها منصة للإرهاب الدولي

بعد عزل المقريف أحضروا نوري أبو سهمين لرئاسة المؤتمر، وبعد أن ورطوه في جرائم أخلاقية تم توثيقها أصبح أفضل مطاياهم، ولم يبق أمامهم إلا التخلص من رئيس الحكومة الموقتة علي زيدان، وأخيرًا نجحوا في التخلص منه بعد أن أرهبوا عددًا كبيرًا من أعضاء المؤتمر، وبعد أن تلاشت كتلة تحالف القوى الوطنية، واستقال كثير من أعضائها من المؤتمر الوطني خوفًا على حياتهم. لكن الثني الذي كلف بعد زيدان فاجأهم من غات ببيان "الحرب على الإرهاب"، الذي أثار ذعرهم مما جعلهم يفكرون في التخلص من الثني ووزرائه الأقوياء مثل الحبيب الأمين وصلاح المرغني اللذين كانا وراء بيان غات، وهكذا احضروا أحمد معيتيق رئيسًا للحكومة الجديدة، ومهمته بيع القطاع العام للإسلاميين، وصرف 58 مليار دولا خلال شهرين.

لكن حركة اللواء حفتر بعثرت أوراقهم، خاصة بعد خروج المظاهرات المؤيدة لحفتر، وسيتضح حجم الإسلاميين الحقيقي في الانتخابات القادمة، وإذا وجدوا أنفسهم خارج البرلمان وخارج الحكومة، فلن يترددوا في العودة إلى الإرهاب لفرض تصورهم للدولة، مستغلين فتاوى الشيخ الصادق الغرياني، الذي لم يدن حتى الآن بيان محمد الزهاوي زعيم تنظيم أنصار الشريعة.

وفي تقديري لن يستطيع اللواء حفتر وقواته إعادة المتشددين إلى الزجاجة التي خرجوا منها، دون دعم حاسم من الشعب الذي قاتل كتائب القذافي، ودون دعم دولي من السماء، ويبدو أن سيناريو ثورة فبراير سيتكرر مرة أخرى، في ثورة جديدة للتخلص من المتشددين، وفرض الوحدة الوطنية والمصالحة الوطنية على قوى تعمل لصالح أجندات خارجية، ولا تهمها ليبيا سوى كونها منصة للإرهاب الدولي، مثلهم مثل المهاجرين غير الشرعيين، الذين يستخدمون ليبيا كمنصة للإبحار نحو أوروبا.