Atwasat

طعم الشكولاطه

محمد أبو بكر المعداني الثلاثاء 13 فبراير 2018, 11:14 صباحا
محمد أبو بكر المعداني

وخزات..

بعد أن تابعت باهتمام اللقاء الذي أجراه المذيع المتألق أحمد القماطي مع السيد على الحبري نائب محافظ مصرف ليبيا المركزي في برنامج الحدث اتضح لي جلياً أن من تربعوا على عرش السلطة والمال في بلادنا هم من افتعلوا أزمة السيوله وهم من تآمروا مع تجار الحرب ودواعش المال العام واتفقوا على استغلالنا وإذلالنا وهم من تعمدوا عدم حلحلة كافة الأزمات التي تؤرق مضاجعنا وتشل تفكيرنا وهم من سعوا إلى إهانة الدينار الليبي وتبخيس ثمنه وتقديس الدولار والسعي إلى رفع سعره، وبذلك حققوا مآربهم الخبيثه لضمان بقائهم في البرج العاجي الذي يشاهدوننا من خلاله (اعيال) سذج يسهل الضحك عليهم.

ربما أرادوا (تدجيننا) بعد أن أوضحنا للعالم طبعنا الشرس وأسلوبنا الفوضوي وسلوكنا العدواني وتلذذنا برائحة الدم واعتبروا أن الطريقة المثلى (لاقتيادنا) كقطيع من النعاج بدون عصا الراعي هي جعل جل تفكيرنا منصبا في البحث عما نسد به رمق أطفالنا وعدم التدخل بما ليس لنا به شأن.. لا نتساءل عن عائدات ملايين براميل النفط الخام التي تنتجها أرضنا الطيبة وتصدر إلى الأسواق الأوروبية أو تهرب وتباع في عرض البحر ولا نستفسر عن إيرادات تريلونات الأقدام المكعبة من الغاز الطبيعي التي تضخ إلى الموانيء الإيطاليه ولا نلتفت إلى الاستثمارات الخارجية وأموالنا المجنبة والمجمدة.. كل تلك المعلومات ليس من شأننا أن نعلمها أو نفكر فيها ونتحسر عليها..

البرلمان والحكومة والمجلس الرئاسي ومجلس الدولة ومحافظ مصرف ليبيا المركزي وكافة العصابات التي امتلكت السلطة والثروة والسلاح في ليبيا بعد ثورتنا (المباركة) هم من يفكرون نيابة عنا ويقررون ما يرونه مناسبا لنا...

تماما كما كان يفعل معنا معمر القذافي الذي قال في أحد أحاديثه (نعطيكم فلوس بعدين تشروا بيها شكلاطه)، والحقيقة التي تأكدت بعد الإطاحة به أنه كان أكثر منهم رأفة وحنية علينا.

حينما كان هو صاحب القرار كان الغذاء والدواء في متناول الجميع، لم نعجز يوماً عن تسديد ثمن فاتورة المستشفى أو نبحث جاهدين عن صيدلية تقدم لنا خدمة "ادفع لي" دون أن تذلنا وتستغل احتياجنا لعلاج مرضانا.. لم نتضور جوعاً في ذلك العهد وكانت العشرة (فردات) خبزه بربع أما الجمعيات الاستهلاكيه التي طالما انتقدناها كانت تغدق علينا الدقيق والسكر والزيت وكافة السلع التموينيه بسعر يكاد يكون رمزيا.. كنا نحلم بمذاق الشكلاته ونتطلع إلى طعم الحرية.. حينما تملقوا وتسلقوا وقفزوا إلى هرم السلطة واستحوذوا على مقدراتنا أصبحنا نتذوق الخبزة كالشكلاطة السويسرية ونترحم على أيام العسف والديكتاتورية.