Atwasat

LSV

محمد عقيلة العمامي الإثنين 08 يناير 2018, 01:03 مساء
محمد عقيلة العمامي

منذ أيام كتب الدكتور نجيب الحصادي على صفحته يقول:

«يبدو أن هناك نوعا من العدالة الكونية في توزيع الهموم على البشر، وأن الفرق الأهم لا يكمن في طبيعة الهموم بل في أسلوب المهموم في التعامل معها. وحتى لو كان هذا مجرد وهم، فإنه وهم مفيد، خصوصا حين تكون مصادر الهموم خارج نطاق السيطرة».

وتصادف أنني كنت أقرأ معلومات عن نهر الأمازون الذي يعد أطول نهر في العالم، بعد نهر النيل، الذي يبلغ طوله 6300 فيما يبلغ طول نهر الأمازون6650 كيلومتر، غير أن خوارق هذا النهر أكثر مما يتصوره الزول السوداني المتكيء في الظل على حافة نهر النيل عارضا للبيع قطعا مجففة من ذيل تمساح نيلي يؤكد، بالتجربة، أنها أفضل بكثير من تلك الجذور التي تتجه نحوها القرود في وقت محدد من السنة، وما إن تأخذ في فحت الأرض وحفرها لاستخراج هذه الجذور حتى يطلق المتربصون الرصاص في الهواء فتهرب القرود.

ويستولى الصيادون على هذه الجذور التي يحتاجها ملك القرود لزيادة قدرته، وقدرة رعيته الجنسية في موسم التسافد السنوي. يستولى الصيادون على هذه الجذور، ويتركون القرود المسكينة تبحث عن حلول سريعة، وأحيانا مستوردة لتحل مشاكلها.

ليس ثمة مشكلة في السودان سوى الحر الشديد مما يجعل الطراوة هي أكثر ما يبتغيه السوداني للقيلولة، وأيضا بقية النهار. ولكن على ضفاف نهر الأمازون يعاني السكان من الرطوبة الشنيعة، فكل شيء مبلول، الجسد والثياب والأرض والأوراق، فتصعب القيلولة، ناهيك عن خوفه الدائم من العناكب العملاقة، ونمل اسمه (إيزولا) يبلغ طوله 25 ملمتر ولدغته السامة مؤلمة، وتقتل في بعض الأحيان. هناك أيضا، حية (الأناكودا) التي يصل طولها عشرة أمتار ويمكنها أن تبتلع إنسانا، وأنواعا أخرى سامة للغاية وتقودها إلى فرائسها الحرارة المنبعثة منها.

على ضفاف نهر الأمازون يعاني السكان من الرطوبة الشنيعة، فكل شيء مبلول، الجسد والثياب والأرض والأوراق، فتصعب القيلولة

أما الأكثر بشاعة هو هدوء النهر الخادع فما إن يقفز فيه الإنسان حتى تلتهمه، إن كانت في الجوار، أسماك (بيرانها) ضئيلة الحجم والتي تهجم بالمئات وتترك الكائن مجرد هيكل عظمي بأسنانها الحادة كالمنشار وفكيها اللذين يشبهان فكي كلب البولدوج. أما سمكة اسمها ( السلور) فهي عملاقة يصل طولها حتى أربعة أمتار، وتزن حتى مئة كيلوجرام، ويقول السكان إنها تجذب المستحمين إلى القاع ولا يرونهم مرة أخرى، والثعبان المائي المكهرب. 

أما الألم الذي تسببه سمكة صغيرة وقحة يحلو لها أن تدخل في جسم الإنسان من فتحة الشرج، وتَحُول حراشيف حادة في جسمها من جذبها إلى الخارج، وما إن تقطع وتستخرج حتى يتكفل الألم بإبعاد المستحم عن الماء طول حياته. أو قد يصيبك سهم طائش مسمم يصطاد به هنود(ياجوا) فإن لم تمت تجعلك حمى السم تتمنى أن تموت.

وهكذا نرى كيف يقسم ربنا الهموم على البشر، بعضهم همه مطاردة القرود واستلقاءة برجل فوق أخرى في الطراوة، هروبا من الحر الشديد، وإن قرر القفز في النيل قد يخرج ببلهارسيا. والبعض الآخر تدخل في جسمه سمكة من المكان الغلط، وبعض آخر يمتحنه الله بأبناء الزنا، الذين يفقدونه خشوع الفجر بسبب طوابير المصارف، أو يفقد حياته جراء علبة تن أو قطعة جبن منتهية الصلاحية استوردوها أو غشوها في أية بقعة في العالم، أو يفقد عائلته كلها نتيجة غياب ضمير مستورد لإطارات عولجت بالتلبيس في مصانع عالمية، ولكنهم كتبوا عليها أنها مخصصه لعربات ليست سريعة، يشتريها مواطن بسيط فينطلق مسرعا متطلعا إلى رحلة ربيعية، فتنهي رحلته حياته كلها.

فانتبهوا وتأكدوا أن الإطار ليس ممهورا بثلاثة أحرف لاتينية: ( LSV ) وهو اختصار يعني: Law Speed Vichle يعني مركبة بطيئة السرعة، يعني كارو او (كاليس)، يعني عربة يجرها حصان أو حمار، وغالبا يبيعها بغل بلا ضمير، من دون أن ينبه جيرانه البسطاء وهو يعرف حجم خطورتها. صاحب مهنة متخصص شريف أخبرني أن الـ ( LSV) تباع في بلادنا.