Atwasat

الانقلابية الفاشلة

نورالدين خليفة النمر الأحد 07 يناير 2018, 10:13 مساء
نورالدين خليفة النمر

بمناسبة ذكرى إعدام ضباطها في 2 يناير عام 1997وُصف الإعداد لمحاولة عسكرية انقلابية 1993 من قبل مقالة في موقع 218 بأنه التنظيم العسكري الأخطر ضد النظام الدكتاتوري الليبي والتي تعددت تسمياته لاحقاً، من انقلاب أكتوبر إلى محاولة (قبيلة ورفلة) في إشارة من الصحيفة إلى الانتماء القبلي للضباط الذين كانوا يعدون لها. في المقال تسرّبت رؤية من لبّسَ الانقلابيين رداء الوطنية الليبية وأن انقلابهم تجاوب مع مصلحة الليبيين وتطلّعهم إلى التخلّص من النظام الدكتاتوري، وهو مانفيته في تعليقي عليه بأن فعلهم ينسب إلى أشخاصهم وقبيلتهم بدليل تمحور محاولتهم العسكرية على قبائليتهم ولحكمة شاءتها الأقدارأو تدبير شاءته لعبة الأمم كان فشلهم. فلوا نجحوا فلرما ظللنا نرسف في أغلال الدكتاتورية ـ القبلية إلى أبد الآبدين.

تكلمت بحذر، وقتها، لتبيين مؤشرات المحاولة العسكرية المنقلبة وتداعياتها على النظام الليبي كونها من ضباط مقربين ينتمون إلى قبيلة موالية

استنكرت رأيي بعض التعليقات: نافية عني معاصرتي ـ بحكم وجودي خارج ليبيا ـ للمحاولة الانقلابية، وهو ما أُقرّ به. ففي يوم الإعلان عن اكتشاف المحاولة 1993 كنت في ألمانيا بغرض الدراسة العليا وتواقت الحدث مع حضورنا مؤتمرا علميا حول ليبيا في المتحف التاريخي بمدينة همبورغ وكانت القاعة غاصّة بالضيوف الألمان من باحثين وكتاب وصحفيين وأصحاب شركات لهم مصالح اقتصادية بدأ يهدّدها حصار لوكربي، وجاءنا إعلان الخبر الذي لم يسمع به الليبيون وقتها من معارض عرفنا بعد ذلك من لقبه أنّه طرابلسي هو من ضحايا حادثة المكتب الشعبي الليبي بألمانيا ـ بون 1982 التي دبرّها قيادي اللجان الثورية والطالب المبتعث إلى ألمانيا للاختصاص العالي في الطب مصطفى الزائدي. المعارض الليبي (...) وقف وطلب الكلمة باللغة الألمانية مبلّغاً بالمحاولة منوّهاً بوطنية الضباط والجنود الذين كان الجيش يقصفهم بالطائرات. بدأت الاستراحة وقد حسم إنتماؤه إلى قبيلة ورفلة تحوّله عن تأييد النظام انتشر، كان رئيس اتحاد الطلبة الليبيين في ألمانيا، وقتها، بين الحضور وتكلمت بحذر لتبيين مؤشرات المحاولة العسكرية المنقلبة وتداعياتها على النظام الليبي كونها من ضباط مقربين ينتمون إلى قبيلة موالية وإن كنت مبدئيا ضد المحاولات القبلية والجهوية العسكرية.

كذلك استنكرت التعليقات حكمي بقبلية المحاولة وجهويتها ونفيي عنها التوجه الوطني وعدم إلمامي بالمشتركين فيها من ضباط ينتمون إلى بلدات ليبية أخرى. وأوردوا قائمة بالأسماء تصدرّها ضباط من ورفلة وذيل آخرها باسمي ضابطين من بلدتي غريان وككلة تبين فيما بعد أن أصولهما ترجع إلى القبيلة المذكورة. 

طوال الحكم الملكي في ليبيا 1951 ـ 1969 لم تجد القبائلية لها منفذاً في الجيش الليبي عدا محاولة وحيدة قام بها ضباط من قبيلة المغاربة عُرفت باسم (حركة الأطيوش) والتي تمّ اكتشافها فِي أواخر سنة 1961 وقد التصقت باللواء السنوسي الأطيوش معللة نزوعها إلى التمرّد بسبب إعفائه مِن رئاسة الأركان في نوفمبر1961، ولكن لم تكن للأطيوش الذي ينتمي إلى مشيخة قبيلة المغاربة أيّ علاقة أو دور بالمحاولة المذكورة.

القذافي الذي أظهر ميوله بالاستئثار بالسلطة وتركيزها في قبضته دفع رفاق انقلابه المقدمين أن يقودا انقلاباً عسكريا

 

وما يؤكد ذلك تعيينه سنة 1964وزيراً للمواصلات، واستمراره في منصبه في حكومتين حتى استقالته عام 1967، ليترشح لعضويّة مجلس النَّواب الذي حلّه انقلاب ضباط الجيش الصغار سبتمبر 1969 والذي مكّن الملازم أوّل في الجيش الليبي الذي ينتمي إلى قبيلة صغيرة وغير فعّالة من أن يصير فيما بعد العقيد معمرالقذافي وأن يصل للسلطة في ليبيا. تبيّن قائمة أعضاء مجلس قيادة الثورة والضباط البارزين في تنظيم من سميوا بالضباط الأحرار العقيدة الوطنية للجيش وليبيته المعمّمة على كل بقاع البلاد، ولكن القذافي الذي أظهر ميوله بالاستئثار بالسلطة وتركيزها في قبضته دفع رفاق انقلابه المقدمين آدم حواز من قبيلة العُرّفة وموسى أحمد من قبيلة الحاسة في 7 ديسمبر من العام نفسه أن يقودا انقلاباً عسكريا، بالسيطرة على بعض المعسكرات الهامة بشرق ليبيا، لكنَّ النظام استطاع بمساعدة المخابرات المصرية أن يحبط المحاولة بترويج قبلية وجهوية قائديها وقام باعتقالهما، ولقى الأول حتفه في السجن وسجن الآخر لمدة عشرين عامًا فيخرج عام 1988 ليقتل يوم 24 أبريل سنة 2005 في جريمة غامضة. لكنَّ المحاولات الانقلابية على نظام القذافي لم تهدأ.

فبعد سنة واحدة حاول الأمير عبدالله عابد السنوسي القيام بانقلاب صبغته الشبهة القبلية والجهوية ببروز عائلة سيف النصر من قبيلة أولاد سليمان النافذة في الجنوب الليبي، الأمر الذي أفشله قبل الشروع في تنفيذه، أما محاولة أغسطس 1975 التي، رغم ورود أسماء عضوي مجلس قيادة الثورة الرائدين بشير هوادي من ودان وعبد المنعم الهوني الذي تستقرعائلته ببلدة جنزور على مشارف طرابلس وعوض حمزة من بلدة قمنيس على تخوم بنغازي الذي دعمت أصوله المصراتية شبهة جهوية المحاولة التي ألصقت باسم عضؤ مجلس قيادة الثورة الرائد عمر المحيشي وأبناء عمومته المصارتة من تنظيم ماسمي بالضباط الأحرار رغم مشاركة ضباط من عديد المناطق الليبية.

محاولة التمرد العسكري بقيادة الضابط إدريس الشهيبي آمر كتيبة الأمن بمنطقة اللواء التاسع بطبرق هي المحاولة العسكرية الأبرز

 

محاولة التمرد العسكري بقيادة الضابط إدريس الشهيبي آمر كتيبة الأمن بمنطقة اللواء التاسع بطبرق هي المحاولة العسكرية الأبرز التي التصقت بها شبهة القبلية بشكل ملتبس وظاهر فتضارب الأقوال بين نسبة قبيلة الشهيبات إلى مرابطين سعادي برقة وإلى قبيلة السننه نزالة الطرف المحسوبين على قبيلة أولاد علي الممتدة في مصر عصف بالمحاولة التي قضى عليها النظام بالاستعانة بالجنود الألمان الشرقيين الموجودين بطبرق.

إن ما أخرّ ضباط محاولة 1993 ، 22 عاما عن أول محاولة كان رّدة فعل الدكتاتور رأس النظام إزاء محاولة أغسطس 1975 الانقلابية وتجييرها ضد مدينة مصراتة، بأن رّد الاعتبار لقبيلة ورفلة التي أهملها انقلابه عام 1969 من أجل استقطابهم حلفاء له بتسميتهم أخوة الجد لقبيلته القذاذفة وتمكين نفوذهم في الجيش والأمن ومؤسسات الدولة وأن الجهوية القبلية كانت دافعهم الانقلابي ككل المحاولات الانقلابية العسكرية المندرجة في قانون انقلابات أفريقيا، وهو مستنقع لن تخرج منه ليبيا إلا بالمدنية والتفكير الديمقراطي.

وللذين يردون بعواطفهم نرّد عليهم بمعرفتنا وخبرتنا وبعقولنا ووطنيتنا التي لاتنحاز إلا لليبيا ديمقراطية بعيدة عن حكم العسكر الذي نلمحه اليوم يطل من نافذة الانتخابات وسيلة الديمقراطية عبر مانشرته قناة 218 عن دعوة مُسمّى الجيش الوطني التي أدلى بها متحدثه 3. 1. 2018، لمنتسبيه بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية وهو مايعزّز صدقية منشور متداول في مواقع الفيس بوك باسم رئيس اللجنة العليا للتفويض الشعبي بعرض قائمة بتاريخ 23 .12 . 2017 بأسماء مترشحي مُسمى الجيش الوطني للانتخابات الرئاسية المتوقعة في 2018 وعدا تكرار أسماء من المؤسسات التي أعاقت ليبيا منذ 2012 في مسيرتها نحو الديمقراطية فمن ألقابهم تفوح القبائلية لاالجدارة ولاالكفاءة ولاتقريباً الوطنية.