Atwasat

22- الزواج ليس مجرد حلم

حنان عبدالرحيم الثلاثاء 26 ديسمبر 2017, 12:09 مساء
حنان عبدالرحيم

لا بديل في الحياة الزوجية عن حسن العشرة؛ لا المال ولا الجاه، فقط الرضى والهناء. فعندما يقفل باب الزوجية وتنقطع صلة الزوجين بما هو خارج بيتهم، على الأقل تلك الليلة لا يعوض مال الدنيا ولا مجوهراتها غياب الرضي والهناء والاستكانة والألفة.

أغلب النساء، ولسن جميعهن، يدفعن الرجال لاستهلاك أنفسهم حتى درجة الموت لإرضاء رفيقاتهم، تريد أن تتباهى، بالدرجة الأولى، أمام بنات جنسها بأنها مرغوبة، وأن زوجها يثابر على نيل رضاها، أو أنها ترى أن تأمين مستقبلها لا يتحقق إلاّ بثراء لا ينضب. وفي سبيل ذلك يندفع الزوج بكل قدراته يجمع المال بمختلف السبل، بل قد ينحرف ويأخذ فسادا يسلع ضميره فيعذبه من دون أن يكون له سلطان عليه فيحيل حياته جحيما. إنهم يكرسون حياتهم لدرجة الإجهاد لتوفير عالم أفضل لنا نحن زوجاتهم. فما هي نتائج مجهود مثل هؤلاء الأزواج؟

- في الغالب إن تورط في مشاريع لم يرضَ عنها ضميره، فيتسلط عليه لدرجة يغيبه معها عن أية فرصة للاستمتاع بما حقق، أو بما يتطلع لتحقيقه، فلا الزوجة تتعاطف معه لأنه في الغالب لن يعترف لها بما قام به، اختلاس أو سرقة، أو على الأقل ما فقده من كرامته من أجل الوصول إلى غايته. فماذا تكون النتائج؟ أو بمعني آخر في ماذا تسبب اندفاع الأزواج نحو تحقيق تطلعات زوجاتهم. إليكم نتائج محزنة أخذت من إحصائيات التأمين على الحياة، بالطبع في الدول الغربية:

- في سن الأربعين يموت 17 رجل مقابل 10 تساء. وفي سن الخمسين يموت 18 مقابل 10 نساء. وتقول إحصائيات أمريكية أنه في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من سبعة ملايين أرملة مات أزواجهن أثناء مراحل قدراتهم على الإنتاج.

- الأزواج، في الغالب، يعملون بكد وجهد خارق، ومع ذلك وبسبب خلاف بسيط ننغص عليهم حياتهم ونزيد من الأعباء النفسية عليهم

- الأزواج، في الغالب، يعملون بكد وجهد خارق، ومع ذلك وبسبب خلاف بسيط ننغص عليهم حياتهم ونزيد من الأعباء النفسية عليهم. ولكن من فكرت، ولو مرات قليلة أن النقود يستحيل أن تكون بديلا عن حسن العشرة، أو الحب، أو الهناء، أو سمه ما شئت. لا أحد ينكر أهمية المال ولكن يستحيل أن نشتري به العواطف الإنسانية الصادقة.

- زوجك يوظف ماله ليعبر لك عن حبه لك، ولكن ما يقدمه لك لا يزيد كثيرا عما تحملينه له من محبة جراء حسن العشرة والحنان الذي يغمرك به. فلماذا ندفعهم لاستهلاك أنفسهم. ولعلك توافينني أنه ليس ثمة هدية يقدمها لك زوجك المحب أكثر من محافظة متصلة لصحته، حتى يكون بمقدوره أن يرتاح ويريحك.

زوجات كثيرات لم يخطر ببالهن أن الزواج يحتاج إلى درجة كبيرة من الانتباه والذكاء باعتباره مشروعا إدارته بالكامل في أيديهن، فهو أولا أكثر ما في حياتهن من أهمية، وبالتالي من الغباء المضي فيه بتطلعات وقتية

- زوجات كثيرات لم يخطر ببالهن أن الزواج يحتاج إلى درجة كبيرة من الانتباه والذكاء باعتباره مشروعا إدارته بالكامل في أيديهن، فهو أولا أكثر ما في حياتهن من أهمية، وبالتالي من الغباء المضي فيه بتطلعات وقتية، وأن ما تتحصل عليه في مناسبة ما أو نتيجة خطة تعدها مسبقا هو أمر مهم، و"شطارة" منها؛ ذلك لأن الزواج هو ارتباط يفترض أن يكون دائما دوام الحياة، ولذلك انتصارها الحقيقي عندما تنتبه إلى أن زوجها هو "الحصان" الذي يقود العربة، وبالتالي صحته وراحته هما أهم عنصرين يتعين على المرأة أن تنتبه إليهما، فمواصلة جره أو دفعه لعربة الحياة هو ما ستتحصل عليه طول الحياة، فلا فائدة من نيل ما تريد من دون معرفة ظروف توفيرها ومدى تأثيرها على ميزانية الأسرة مثلا. على الزوجة أن تنتبه إلى أن زواجها مشروع عملي طويل المدى، وعليها أن تزرع هذه الحقيقة في رأس زوجها وتساعده ليعي ذلك تماما. فالزواج غاية طويلة المدي وليس تحقيق حلم من أحلام اليقظة.

- الزوجة تستطيع أن تنجز ما لا يستطيع إنجازه مستشفى نفسي متكامل، فهي من بمقدورها أن تكتشف نقاط قوة زوجها، وأيا من أمراضه النفسية وشخصيته وإمكانياته، وبالتالي تطوعها لخدمة مشروع عمرها ومستقبل أطفالها، فالرجل صحيح الجسم الذي توفر له زوجته الحياة التي حلم بها يكون الأكثر قدرة على تحقيق نجاحاته في عمله، والأكثر استمتاعا وإمتاعا كزوج وكرب أسرة. وليتحقق ذلك عليها أن تعرف أدق تطلعاته، وهوايته مهما كانت بسيطة وتساعده على ممارستهاـ وأن تنتبه جيدا لصحته، وتفهم أن تفننها في إعداد الأطباق التي يحبها وتقديمها من دون ضوابط قد تكون وسيلة لاغتياله، عليها أن تنتبه إلى كل ما يطرأ على شكله، من حيث وزنه الزائد مثلا، ولا تتمادى فيما قد يزيد من هذا الوزن، فالعلم يؤكد أن أصحاب الوزن المفرط أكثر عرضة للموت بنسبة 79% من أصحاب الوزن العادي. وهذا الانتباه ينسحب على كل ما يتناوله أو يشربه ، داخل وخارج البيت. ولذا إذا كان عمله، على سبيل المثال، يتطلب جلوسا طويلا يتعين أن تنظم له مشيا يوميا وإذا كان يتطلب حركة جسدية أكثر عليها أن تساعده على راحة مناسبة؟.

الزواج ليس مشروعا لجني المال ولا إنفاقه، وإنما وسيلة لقيام حياة آمنة سعيدة

- وأخيرا، الزواج ليس مشروعا لجني المال ولا إنفاقه، وإنما وسيلة لقيام حياة آمنة سعيدة. عليها أن تجعل الحب والود والاحترام والألفة هي هدف زواجها، وهذا ما يقابلها به زوجها. فمعلوم أن نجاح الزواج أساسه الإعجاب المتبادل.

- وفي النهاية على الزوجة أن تعلم أن الوسائل التي تقدم الهناء والراحة لزوجها ستعود عليها بالخير وبالتأكيد تحقيق تطلعاتها كافة.