Atwasat

الإضراب والعصيان المدني

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 10 ديسمبر 2017, 09:28 صباحا
عمر أبو القاسم الككلي

تتخذ بعض أشكال التعبير عن الرأي، أو"وجهات النظر" طابعا احتجاجيا، مثل المظاهرات والاضرابات والعصيانات المدنية، وهي، بهذا المعنى، ذات طبيعة جماعية تضيق أو تتسع. جماعيتها واحجاجيتها تحولها من فعل "تعبير" عن الرأي مرتبط بالجدال الفكري إلى فعل ميداني يستهدف "تحقيق" مطالب. وبالتالي فهي عمل من أعمال الضغط يوجه، بالذات في ما يتعلق بالمظاهرات والعصيان المدني، ضد سلطة الدولة لإرغامها على الاستجابة لمطالب محددة.

وسنتناول هنا الإضراب والعصيان المدني.

فالإضراب أداة ضغط فعالة يمكن أن توجه ضد سلطة موضِعية (إدارة مصنع أو شركة مثلا، تابعة للقطاع الخاص أو العام) وأحيانا ضد سلطة الدولة وتقوم به نسبة غالبة تنتمي إلى قطاع معين، مثل المدرسين أو عمال الموانيء، مثلا. ومن حيث هو ورقة ضغط وإرغام، يمثل عنفا غير مباشر ترد السلطة عليه أحيانا، حتى في الدول الديموقراطية، بفعل يتسم بدرجة من درجات العنف أو العقوبات القاسية. نُذكر هنا بإضراب عمال مناجم الفحم في بريطانيا في عهد تاتشر الذي دام سنة كاملة: 1984-1985 والذي تمكنت تاتشر بطرق مختلفة من إفشاله، وإضراب المراقبين الجويين في أمريكا سنة 1981في عهد ريغان الذين تم طرد أكثر من 11000 مراقبا منهم من عملهم جراءه واستعيض عنهم بمراقبين جويين عسكريين. والإضراب يكسر القانون أحيانا. ففي حالة إضراب المراقبين الجويين الأمريكيين اعتبر هذا الإضراب غير قانوني لأن قانونا صادرا سنة 1955 يعاقب على مثل هذه الإضرابات التي تقوم بها نقابات على المستوى الفدرالي، وهو قانون أيدته المحكمة العليا الأمريكية سنة 1971.

فالإضراب إذن، عمل احتجاجي سلمي الشكل، عنفي الباطن. سلمي باعتباره وسيلة من وسائل التعبير عن الرأي ولفت الانتباه وإيصال هذا الرأي للجهة المعنية أولا ثم للعموم، وعنفي باعتباره أداة ضغط تستهدف إرغام الطرف الموجه ضده هذا الضغط على الإذعان، كما أنه يلحق ضررا ما بالاقتصاد ويربك الحياة اليومية لقطاعات عريضة أحيانا من الشعب. وهو كثيرا ما يؤدي إلى تسويات تحقق بعض أهدافه، وأحيانا يحقق أهدافه كلها.

مما سلف يتضح أن الإضراب يتعلق بمطالب ومصالح محددة لقطاع من قطاعات العمل في الدولة.

أما العصيان المدني فهو يتميز بعموم مطلبه على المستوى الوطني حيث تقوم قطاعات واسعة من الشعب بالاحتجاج ضد قانون أو قرار أو إجراء أصدرته الدولة أو مؤسسة من مؤسساتها ذات الطابع العمومي، يعتبره المحجون غير عادل.