Atwasat

ليبيا CIA

أحمد الفيتوري الثلاثاء 10 أكتوبر 2017, 10:57 صباحا
أحمد الفيتوري

1-
أبانا الذي في المباحث
نحن رعاياك باقٍ لك الجبروتُ
وباقٍ لنا الملكوت
وباقٍ لمن تحرس الرهبوت
* * *
قد يتبدل رسمُك واسمُك
لكن جوهرك الفرد
لا يتحول
الصمتُ وشمك
والصمتُ وسْمُكَ
والصمت – حيث التفت – يرين ويسمك
والصمت بين خيوط يديك المصبغتين المشبكتين
يلفُ الفراشة . . . والعنكبوت.
• شعر: أمل دنقل (بتصرف)

2-
أعرف أن التهم مرميةٌ على الطرقات كمعاني الجاحظ، فالمرء إن لم يكن لأمريكا أو غيرها عميلا فهو "تبع" من أنصار "نظرية المؤامرة"، أعرف أن الجواب يُعرف من عنوانه كما الربيع يبان من الباب، لأن المرء كما جحا صاحب الحمار في القصة المعروفة بهذا الإسم حيث جحا متهم ركب الحمار أو لم يركبه وسار خلفه أو لما حمل هو الحمار، متهم أخوك لا بطلا في كل الأحوال، حتى لو نمت عن حالك وبت على الطوى فأنت كما صاحب الحمار...

لكن دعك من هذا وذاك، فالحياة كما الموت ليست خيارا، أذكر أن هكذا حال أعيشه خاصة كلما غمض الحال والعقل مكبل متخبط في بيت عنكبوت، لذا وجدت مقالي هذا يشتط هنا وهناك يبتغي فقط الخوض في حالنا مُبينا أن ما نرى ليس إلا جبل الثلج، المعطيات المتوفرة حول المسألة الليبية كما خارطة الأمم، وكلام سلامة، يحق عليهما قول الليبي في أواخر عهد القذافي: تحب تفهم تدوخ؟

يفترض أن خارطة الأمم المتحدة لحل المسألة الليبية التي طرحت مؤخرا خارطة كما كل خارطة توضح الطريق والطريقة، هكذا ما جاء على الورق فهو من الوضوح حتى يعمي البصر كشمس صبح ما لا سحب له البتة، لكن مع على الورق البين الواضح حين بدء بتحويله إلى الحوار وبالتالي الإنجاز، انبعثت سُحب ركامية وتعمية مصدرها الكلام الشفهي ما هو لا يفهم، هو كما يُفسر الماء بالقطران، حدث هذا بِحذا مكوكيات المندوب الأممي، بِحِذَا النصر المبين على عصابة تهريب في بلدة صبراتة، بحذا إجماع لا نظير له في تأييد "الخارطة" محليا وإقليميا ودوليا، بِحذا صمت مريب في الميديا حول المسألة الليبية، بِحذا القتال ما عاد مع جولات المندوب الأممي يجول في شوارع طرابلس وبنغازي ولكن دون أن يُعير أحد أهمية لذلك!. بِحذا ما هو أهم تحويل متفق عليه من أجل الاتفاق عليه، واجتماع من لا يجتمعون من أجل ذلكم الاتفاق، إلخ.

3-
المسألة الليبية في هذا الحال: الإجماع على الوفاق حول وزير خارجية بريطانيا العظمى وأقدم الديمقراطيات والحقوق الإنسانية إلى كوميديان كما شارلي شابلن. شارل الساخر من همجية هتلر وجونسون يسخر من جثث الليبيين مرمية في الشوارع تُعيق مشروع الرأسمالية الملكية المتحدة العظمى عن إعادة إعمار سرت. المسألة الليبية في عُرف الخارجية البريطانية مسألة كوميدية صرف، وعند المندوب الأممي مسألة المسائل حتى أكثر من الليبيين، أما في طرابلس الغرب وبنغازي فهي مسألة صبراتة ليس إلا، وعند "الصديق الكبير" فوز مُحقق بالتمديد، عند الصديق الصور المدعى العام المنفرد بالإرهاب مطاردة لا تكلَ، وعند كثير من المثقفين توكيد مازوشي لأعطاب الذات، هذا ما تحقق بجدارة -كما سالب/ إيجابي-من جولة أولي من الحوار الوطني حول خارطة الأمم المتحدة لحل عقدة المسألة الليبية السهلة الحل.

4-
حال هكذا تبدو فيه التكهنات والتوقعات كما ضرب الودع وإخراج الأرنب من القبعة، فالحل الذي على الطاولة بخارطة طريق مُحكمة جالب للسخرية والهذر ومضغ الماء، والصامت في هذا كمن يلغو فليس من جبل يأوي إليه فالكل غرق في "بحر لا ماء فيه"، أما الموتى الجدد فمآلهم لجثث مرمية مدعاة لسخرية الوزراء الدوليين وتبرير الوزراء المحليين لهكذا سخرية.

هكذا مشهد كوميديا سوداء لا تهم أحدا فهي ليست جالبة للضحك بل لمغص لا يحرك فكا علويا ولا يستدعي جنون الحلول... وكما البدء الأمم المتحدة تنفرد بليبيا وسلامة ليبيا في هكذا عزف منفرد على طبل أجوف هو كما المثل قعقعه ولا طحين، أو أن الطحين سري فالمسألة الليبية دخلت إضبارات المخابرات حيث الكلام في الكلام كما التوضيح ليس للتوضيح بل كما كان الكوبيون يقولون: إن كاسترو يتكلم ساعات ست كي لا يقول شيئا.

أولا وأخيرا لا خيار لليبيين فهم من يحبون دون كل البشر قتل بعضهم البعض، هم من تبقى من سلالة شمشون هدموا ويهدمون بيوتهم على رؤوسهم، هم القتلة السفهاء، أو كما يقول المثقفون فيهم، من يستحقون كل هذه السخرية والتسويف والتورية والوضوح ما يغمضه الكلام، ويكفيهم ما يحققه الانفراد الأممي بهم ولهم: لا حرب ولا سلام، ودمتم في هكذا حال.