Atwasat

كوكبنا وكوكب اليابان

محمد عقيلة العمامي الإثنين 02 أكتوبر 2017, 10:58 صباحا
محمد عقيلة العمامي

الرجل الشرقي لا يعني، في مفهوم الغرب، الرجل العربي فقط. إنه يشمل الهندي والصيني والياباني، يعني آسيا كلها وما نحن إلاّ جزءا بسيطا للغاية منهم. والغريب أن العرب يتفقون مع اليابان في شيء مهم للغاية. فلقد ذكر كاتب ومصمم شهير اسمه ( جورج نيلسون) في مقالة أسماها "هناك كل شيء مقلوب" أن أهم اختلاف اليابان مع الغرب هو أن اليابانيين يعملون على أساس 10% عقل و90% عاطفه، فيما يعمل الغرب عكس ذلك تماما، وبهذا نتفق، نحن العرب، تماما مع اليابانيين فنحن نعمل حتى أقل من 10% عقل والباقي عاطفة.

ولعل هذا التوافق واضح، على نحو ما، عند مشاهدة (السطاش ونص) مثبتا فوق التويوتا اليابانية - شرقية الصنع- ترابية اللون ذات الدفع الرباعي ورجل ليبي -شرقي- ممسك بهذا السلاح المضاد للطائرات. العالم يشاهد هذا التعاون الشرقي الشرقي طوال اليوم في نشرات أخبار القنوات العالمية كافة.

ولقد وجدت الكثير مما نتشابه فيه نحن الشرقيين؛ فمثلا، المرأة تسير وراء زوجها بضع خطوات، في كل وقت وفي كل الظروف، ونشاهد سيارات (البيجو) النص نقل الرمادية الفرنسية، تتحرك في الأرياف والقرى محملة بسيدات يجلسن في صندوق (القيطون) أو(العكارية) أحيانا مع كبش، أو تيس موثق القوائم، فيما يكون المقعد المجاور للسائق خاليا تماما. أذكر ذات مرة أن أستاذي الإنجليزي سألني مستوضحا: "هل جلوس السيدة الليبية في المقعد الخلفي، فيما يظل المقعد المجاور للسائق خاليا، احترام ـ أو احتقار لها؟. ولا أعتقد أنني بحاجة إلى أن أصف لكم (لكلكتي) وأنا أجيبه.

الحقيقة أنني لست بصدد المضي في هذه المقارنة، لأن ما شدني معلومات قد تكون عجيبة، لم أنتبه إليها رغم زيارتي إلى طوكيو مرتين. وبالطبع سنضع عدم الانتباه كحالة من حالات المقارنة التي نتشابه فيها مع اليابانيين.

يقول الكاتب- الغربي- أنهم تعلموا في مدارس طفولتهم أن كل شيء شرقي متخلف. ولكنني لا أتفق معه في المعلومة، فلا أظن أنه يقصد الشرقيين اليابانيين، أو الصينيين ولا الهنود، ولا معظم آسيا، وأتفق معه أن حقيقة هذ التخلف تسري لدى الكثير من الشرقيين الذين يتكلمون العربية. الكاتب يقول أن اليابانيين لا يشاطرون الغرب في الحاجة للاختلاء بأنفسهم، ويتندرون وهم يصفون حالة الرجل الغربي عندما تفاجيء عاملات الفندق اليابانيات، الغربي في غرفته، ويخلعن عنه ملابسه؛ إنهم لاينسون أبدا ذلك الوضع الحرج وهم يتنفسون، ولا يعرفون كيف يفسرون قهقهات الخادمات. ولا أعرف ماذا يقول هذا الكاتب عندما يعرف أن القسم الآخر من الشرقيين ـ وأنا أقصد القسم العربي، الذين يتعمدون ترك باب الغرفة، في أي فندق في العالم، مواربا، أو حتى مُشرعا، فقد تحتاج عاملة تنظيف الغرف، لعود ثقاب أو سيجاره، أو طارئ آخر!. ولربما يتعجب أكثر عندما يعلم من الخادمات أن الزبون العربي على الدوام في لحظات "حرجة" وبالتالي لا يدخلن إلاّ بعد أن يغادر غرفته، بل حتى يغادر الفندق أو المدينة نهائيا.

أما ما نتفق فيه تماما مع اليابانيين هو أن المرأة عندهم وعندنا، يمكن أن نصفها بكلمة واحدة: "مرؤوسة" هي دون مقام الرجل. وهم مثلنا يرتفع مركز الطفل عندهم حتى ولو كان أغبي 56 مره من أخته. والزوجات لا يحضرن، في الغالب، المآدب مع أزواجهن، وإن يكن مع أزواجهن عدد من الفتيات الطيبات جدا ونحن إلى حد كبير نتشابه معهم غير أنه، غالبا، لاتكون الفتيات المرافقات لذكورنا طيبات جدا. ولاحظ الكاتب أن الرجال اليابانيين لا يشعرون بتأنيب الضمير وهم بعيدون عن زوجاتهم برفقة أخريات، ونحن نتفق تماما معهم في ذلك، وإن كنا نتفنن في الكذب وتبرير ذلك إن أنبنا ضميرنا أو أنه لم يؤنب. ولكننا نتفق معهم في أننا نحب زوجاتنا، ولكن ليس جدا، مثلما قالوا له. ويضيف الكاتب أنه من بعد أن تعجب كيف أنهم يسهرون ويتعشون ويتركون زوجاتهم، مبدئيا أنه يشعر بالذنب.

لقد دعوه في اليوم التالي وأحضروا زوجاتهم. وانبهر بهن، لأنهن جميلات مؤدبات، مثقفات، وفي نهاية السهرة سألوه: "هل تشعر بتحسن الآن من بعد أن أحضرنا زوجاتنا؟". بالطبع نحن رغم التقارب الكبير بيننا وبينهم يندر أن ترافقنا زوجاتنا. خصوصا داخل الوطن. فهل يحق لنا أن نقول عن أنفسنا: "كوكب العرب، مثلما نقول عن اليابان ساخرين: كوكب اليابان". بالمناسبة انضمت دولة من كوكبنا إلى بقية العالم فلقد سمحت للمرأة أن تقود السيارة، ولقد فرحت السيدة آنجلا مركيل، التي تقود ألمانيا، بذلك الحدث كثيرا.