Atwasat

ركن العامرية.. هي وهو في رمضان

فدوى بن عامر الثلاثاء 13 يونيو 2017, 12:15 مساء
فدوى بن عامر

في الغالب تفضّل المرأة العاملة والرجل في بلادي الحصول على إجازة من العمل خلال شهر رمضان الكريم والكثير منهم يفعلون.
هي لتطبخ وهو لينام!.

ولا يمكن أبدًا نسيان تلك الجلسة البرلمانية الرمضانية التي تنادى فيها العديد من الأعضاء بوجوب الإجازة بغية التعبُّد!. وكأن لم يتناه لمسامعهم أن العمل عبادة سواء في رمضان أو غيره، بل قد يكون أحيانًا أهم العبادات إن اقتضت الضرورة، كمعاناة البلاد من ويلات الحروب وتهجير الجموع والغرق في الفوضى والفساد والموت.

فشهر الصيام قد حان والكنّات والعمَّات والسلّفات والصبيات/ الحموات في حالة تأهب كامل، وصفحات الأكلات تملأ الأنحاء ولا حديث في الأرجاء إلا عن الطعام. نحتاج لسيولة مضاعفة لأنه رمضان ونحتاج لتسّوق مضاعف لأنه رمضان، وبحاجة (لمواعين) جديدة لأنه رمضان ونحن بحاجة لأضعاف مضاعفة من اللقاءات العائلية لأنه رمضان، وكأن الشهر شهر الإسراف في المال والأكل والثرثرات وكل شيء آخر.

المهم الأكلات الرمضانية التي تعدها الأيادي الليبية الناعمة في ظل الأجواء العائلية الغاية في الحميمية. إنها حكاية المعاناة اللامتناهية للمرأة الليبية. أقول معاناة وربما هناك من لا تعتبرها كذلك، ومع هذا فأكاد أجزم أن أعلى معدل لعدد الساعات الرمضانية المطبخية التي تقضيها المرأة العربية في غسل (المواعين)، سيكون من حظ الليبية مهما كانت المرحلة العمرية والمستوى الاقتصادي والحالة الصحية طالما استطاعت تحريك عينيها!. فأنا أزعم أن واقع غالبية النساء الليبيات في رمضان لا يكون إلا بين أوراق البوريك والبراك، وفي ظل أجواء عائلية حميمية للغاية ومحمومة في بعض الأحيان.

إن كنتِ سعيدة عزيزتي المرأة بهذا العطاء اللامحدود منتظرة أن يبادلكِ إياه الرجل ذات رمضان فانتظري آلافا أخرى من (الرمضانات)

وأزعم أيضًا أن المرأة تتحمل جزءاً كبيراً من مسئولية ما يحدث، فهي تتفنن مطبخيًا طوال العام وفي رمضان على وجه الخصوص، محاولة بذلك وبإسراف إرضاء جميع الأذواق، وبذا ينشأ ابنها معتقداً بدور المرأة الرمضاني، فيقوم بما قام به والده وتكبر ابنتها على خطى أمها، وهذا هو التقليد الذي يسري في المجتمع كالعدوى إلى يوم يعلمون.

إلا أن ما يثير إعجابي الكبير هو إقدام بعض الرجال الشجعان في نهاية رمضان على شكر زوجاتهم وأمهاتهم وأخواتهم وبناتهم، دون حتى ذكر لأسمائهن على الصفحات الزرقاء حيثُ تستوقفني جمل من قبيل "شكرًا لكِ زوجتي، أمي، ابنتي واختي على مجهوداتكن العملاقة في إقامة الولائم لي ولرجال الأسرة، وفي ظل الأجواء العائلية الحميمية خلال الشهر الكريم". لا تملك نفسي حينها إلا القول ماشاء الله!.

ليتك قبل كتابة هذه الكلمات الجميلة تتذكر رغم ضعف ذاكرة الرجال في العموم مقارنة بذاكرة النساء، وذلك لأسباب مختلفة، فهناك من الباحثين من يرى بكبر حجم مركز الذاكرة في دماغ المرأة عنه عند الرجل، ومنهم من يقول بسرعة تشكله في الأنثى الجنين عنه في الذكر، وهناك من يعزو ذلك لظروف تطور الدماغ عبر آلاف السنين وقول آخر يرى أن ذلك قد يكون لكثرة المسارات في مخ المرأة عن الرجل. المهم في الأمر أن ثمة شبه إجماع علمي على أن ذاكرة المرأة أقوى من الرجل. ولذا فمن أجلي حاول أيها الرجل التذكر لتجيب عن الأسئلة التالية بكل صراحة.

فكم مرة خلال هذا الشهر أعلنت عن استيائك من طبخة ما لم تعجبك، وكم مرة أشدت بأكلة ما؟.

وكم مرة طلبت منها الراحة فلا تدوس قدمها أرض المطبخ لأنك عزمت على تدليلها الْيَوْم إما بالطبخ لها أو باحضار أكل من أحد المطاعم؟.

أصعبة هذه يا رجل..! ربما.. كم مرة إذًا صنعت لها القهوة أو الشاي وأحضرته لها وهي جالسة أمام التلفزيون؟.

وكم مرة ساعدتها في تحضير السفرة الرمضانية أو تنظيف المطبخ بعد الإفطار؟.

في المقابل، كم مرة ذهبتْ هي لشراء مستلزمات المطبخ والبيت خلال الشهر؟. و كم مرة رافقتها أنت في تلك المهمة؟.

كم مرة أوصلتْ الأولاد للمدارس والجامعات و دورات التقوية وغيرها؟.

وربما السؤال الأهم، كم مرة احتجّت أو أعربتْ عن تعبها أو عدم رغبتها بالقيام بكل ذلك.. أعني كم مرة (حششت) بالمعنى الرمضاني الليبي للكلمة في مقابل كم مرة (حششت) أنت؟.

أعلمُ تمامًا أن الكثير مما تقوم به المرأة الليبية لهو من اختراعها ظنًا منها بعقلها الأنثوي المعطاء أن العطاء والمزيد منه ثم المزيد منه كفيل بجذب اهتمام الرجل وربما هو المفتاح لقلبه مما سيزيده رغبة في إرضائها. ربما هي لا تعلم أن الرجل في الغالب لن ينتبه لكل ذلك كما ينبغي له أن يفعل لأن المرأة و بدون أَن تشعر لا تسمح له بذلك ولذا عليها هي أن تتعلم كيف تأخذ اهتمامه لا أن تنتظر أن يعطيها، عليها أن توقظ حاسة العطاء لديه وبذا تكون السعادة من نصيب الاثنين فالرجل أيضًا يرغب بإسعاد المرأة كما ترغب هي تمامًا.

ولكن إن كنتِ سعيدة عزيزتي المرأة بهذا العطاء اللامحدود منتظرة أن يبادلكِ إياه الرجل ذات رمضان فانتظري آلافا أخرى من (الرمضانات) ولكِ الأجر.. وإني معكِ من المنتظرات.