Atwasat

ليبيا - النجاح العسكري وكيفية تأمين السلام بعد الحرب

ريتشارد غالوستيان الأحد 11 يونيو 2017, 10:54 مساء
ريتشارد غالوستيان

في الثالث من يونيو، حققت قوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر انتصارها العسكري الاستراتيجي الأبرز في الجزء الجنوبي من البلاد، مما يعني أن ثلثي ليبيا واقعة تحت سيطرته.

وهذا يغير من قواعد اللعبة.

دخلت قوات الجيش مدينة ودان الجنوبية في الجفرة واجتاحت المنطقة. وسيطرت على كامل منطقة الجفرة، والمدن القريبة، بينها سوكنة، بالتعاون مع القبائل المحلية. وتعد تلك الخطوة ذات أهمية استراتيجية كبرى، إذ توفر المنطقة لقوات الجيش تغطية جوية كبيرة لكامل الدولة خاصة مناطق الجنوب، ويفتح طريق مباشر لهم، لوجيستي وتقني، دون أي معوقات، من شرق ليبيا إلى غربها.

دخلت قوات الجيش مدينة ودان في الجفرة واجتاحت وسيطرت على كامل منطقة الجفرة، والمدن القريبة، بينها سوكنة، بالتعاون مع القبائل المحلية؛ وتعد تلك الخطوة ذات أهمية استراتيجية كبرى.

هذا الانتصار هو الانتصار الأكثر حسمًا لقوات الجيش منذ إنشائه على يد خليفة حفتر.

كانت قوات الجيش في مواجهة مع ميليشيات متحالفة مع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، من بينها «سرايا الدفاع عن بنغازي»، ومدعومة من مرتزقة من تشاد. لكن قوات الجيش حصلت بالفعل على دعم محلي.

«سرايا الدفاع عن بنغازي»، مرتكبي مذبحة براك الشاطئ، صُنفت حالياً منظمة إرهابية في السعودية والإمارات ومصر والبحرين في 8 من يونيو الجاري. وكانت «سرايا الدفاع»، ومازالت، مدعومة لوجيستيًا من قطر، وفي بعض الأحيان من تركيا.

استراتيجية قوات الجيش هي السيطرة على مصراتة وطرابلس بأقل الخسائر الممكنة. ومن المتوقع أن تساعد القبائل المحلية في ذلك، وأنه في غضون 30 يومًا سوف يتم تحرير طرابلس.

بالنسبة لي، قدم حفتر بالفعل «غصن زيتون»، وقدم تنازلات تحت ظروف خاصة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة، بينما في الوقت نفسه، يستمر في التقدم، فيما ثبت أنه استراتيجية عسكرية ذكية، بالسيطرة على منطقة الجفرة للضغط من أجل حل سياسي قبل الحل العسكري. لا يبدو أنهم قبلوا غصن الزيتون، لكن القبائل قبلت.

وبالتالي، الجيش الليبي على مسافة قريبة من السيطرة على الثلث الباقي من البلاد. على طرابلس ومصراتة تقبل انتصار الجيش، وطرد فصيل الإخوان المسلمين وأعضاء القاعدة والمتعاطفين معها، وبخاصة الجماعة الليبية المقاتلة. والبديل أمامهم هو حملة عسكرية للجيش للقضاء على جميع الإرهابيين ومحاصرة طرابلس وصبراتة، بمساعدة ميليشيات كانت موالية لحكومة الوفاق وقبائل محلية، لضمان الحد الأدنى من الخسائر.

ما يجب فعله الآن هو التخطيط للسلام بعد الحرب، وهو شيء فشلت الولايات المتحدة وبريطانيا به بشكل لافت في العراق.

إطلاق سيف القذافي وتوحيد ليبيا

عند هذه النقطة، أتطرق إلى موضوع آخر مثير للجدل: سيف القذافي، الذي أعلن يوم السبت، 10 يونيو 2017، عن إطلاق سراحه من الزنتان ووصوله إلى شرق ليبيا، إلى البيضاء. وهذا يعد تغييرًا هامًا لقواعد اللعبة على أرض الواقع سياسيًا وعلى مستويات أخرى عديدة.

ما يجب فعله الآن هو التخطيط للسلام بعد الحرب، وهو شيء فشلت الولايات المتحدة وبريطانيا به بشكل لافت في العراق.

هذه التطورات هي جزء من ديناميكية جديدة، يبدو أنها بدأت في الظهور داخل ليبيا. الفكرة هي إقامة محكمة للحق والوفاق، شبيه لتلك التي أقامها مانديلا في جنوب أفريقيا، من أجل تحقيق الوحدة بالبلاد. بعض القبائل الليبية بدأت في دعم سيف القذافي، وإذا حصلت على دعم مجلس النواب وحفتر، ستظهر محاولة جديدة وسلمية، على ما نأمل، للتوحيد، عند توقف القتال.

معظم القبائل التي دعمت والد سيف، معمر القذافي، ترى أنه «المخلص أو المنقذ» ومستعدة لدعم وجوده في أي عملية سياسية تساعدة في تحقيق التوافق الوطني.

حفتر مقرب من أعيان قبيلة ورفلة. قبيلة ورفلة هي القبيلة الأكبر في ليبيا وتوجد بشكل أساسي في بني وليد وسرت إلى جانب قبيلة ورشفانة. كلتا القبيلتين تعارضان التشدد وكثير منهم متعاطف مع سيف القذافي. والأهم، تعتقد القبائل أن سيف قد يساعد في التوفيق بين الفصائل الليبية على طريقة محاكم مانديلا، لغفران الجرائم التي اُرتكبت قبل وبعد 2011 أو محاكمة مرتكبيها.

الجيش الليبي ينتصر، ويحظى بشعبية، وفي الوقت نفسه، علينا القول إن سيف القذافي يحظى بشعبية متزايدة لدى شريحة واسعة من الليبيين. وأي حل في ليبيا بعد الحرب الأهلية يجب أن يتضمن على الأقل عضوًا واحدًا من عائلة القذافي.

وفي كلتا الحالتين، يبدو أن الحرب الأهلية قد أوشكت على الانتهاء بانتصار الجيش الليبي وقيادته السياسية البرلمان المنتخب، مجلس النواب، ما لم يكن هناك تدخل خارجي فتتحول إلى مستنقع أكبر.
____________
ريتشارد غالوستيان، محلل في الشؤون الأمنية والدفاعية
(ترجمة: هبة هشام)
*مقالات الرأي تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي «بوابة الوسط»