Atwasat

أيها السراج الحرب ليست مبررة دائما!

أحمد الفيتوري الثلاثاء 07 مارس 2017, 10:33 صباحا
أحمد الفيتوري

1-
تحت أي مُبرر الحرب غير مُبررة خاصة بالنسبة للنائب فائز السراج، النائب الذي فر هاربا من حرب في مدينته كان يخوضها زملاء من النواب من مصراته على رأسهم عبد الرحمن السويحلي، لأجل السيطرة والهيمنة لرفض نتائج صندوق الاقتراع الذي جاء بأغلبية يرفضونها منها فائز السراج بذاته، وقد ظلت هذه الحرب تقودها مليشيات ما يفرقها أكثر مما يجمعها وتُدعم من تحت الطاولة وتُموه أهدافها وتتلون حسب المرحلة، حينها والساعة أيضا توضع كل المبررات لهكذا حرب مسوغها كان محاربة الشيطان الأكبر "مجلس النواب" غير الشرعي بحكم من محكمة عليا، يعرف النائب فائز السراج قبل غيره أهليتها لإصدار أي حكم تحت سنابك مدافع "فجر ليبيا" حامي حمى مباديء ثورة فبراير العظمى، أما مسوغها اليوم فحرب استرداد وتحرير مثلث برمودا "الهلال النفطي الليبي" ما كان ويبدو أنه سيبقي مذبح الليبيين ومعبد ليبيا الذي يهدمه " شمشون ليبيا ": الأخوان.

أيها السراج أنت الساعة تحمل مبدأ الشرعية وأنك المعترف به دوليا، بعد أن نجح "فجر ليبيا" وكل الأخوة الأعداء في قبر "مجلس النواب"، قد تعتقد كما اعتقد قبلك أعداء الأمس وحلفاؤك اليوم أن الحرب مُبررة، وقد تسوغ ذلك كما فعل قبل "فجر ليبيا" هذه الحرب بالشرعية، وقد تعتقد باعتبارك هذا بمبدأ: أن ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة، لكن هذا لم ولن يشرع الحرب قبل وبعد فلا شرعية لحرب أهلية في أي زمان وأي مكان لك ولكل الأطراف، ولن يُجديك نفعا أي نصر، لأنك الساعة ترى أنت قبل غيرك أن نصر الطرف الآخر في الحرب التي تخوض غير شرعي.

أيها الفائز السراج لقد جئت كما يفترض من وفاق عقد "اتفاق" إشكال، وبغض النظر عن المُشكل، أنت كما هو مُعتاد أنت ناتج اتفاق، ولهذا أنت في موقع رجل السلام، وليس رجل الحرب التي تنقض وجودك في ذاته فتصير وأنت الحكم أنت الخصم، بهذه الحرب التي تخوض تجعل من نفسك قائداً جديدا لـفجر ليبيا، الظلام الذي يُموه نفسه كما يفعل رجال حرب العصابات من يلبسون لبوسا لكل حالة، أيها السراج أنت بحالك هذا تقود بلادك إلى ظلام دامس لا مخرج منه وفي هذا التوقيت بالذات؟

الحرب قادمة في ليبيا بحكم التزاحم الدولي والإقليمي على الأرض وفي الجو والبحر

2-
قبل أن يخوض فائز السراج حربه هذه دُعي من قبل لجنة مصالحة مصرية بين مسئولي أطراف المنازعة الليبيين إلى "القاهرة" لأجل عقد جلسة حوار، لم تُعقد الجلسة حسبما صرح فائز السراج بذاته، لكن على عجل دعت وزارة الخارجية التونسية لاجتماع للوزرات المماثلة في دول جوار ليبيا العرب، وتمخض عن الاجتماع العاجل اتفاق على عجل أعلنت الأطراف الليبية القبول به: "بيان تونس" ما فحواه الذي كان يفترض أن يجمع الأطراف حوله في "القاهرة"، وكأنه اتفاق القاهرة ولكن الإعلان جاء في تونس ليس إلا، وبهذا البيان والموافقات توكد أن المسألة الليبية قد حُلت عقدتها، وتوج ذلكم بزيارة للسيد فائز السراج إلى موسكو التي عَقد فيها السراج جلسات أُعلن بنتاجها عن دعم مسار الوفاق وبالتالي دعمه، وفي الحين كانت قوات تُخفي هويتها تحت مسمى "مجلس شورى ثوار بنغازي" تتستر تحت "ظلام ليبيا" وسراب صحرائها وتقوم بالهجوم المسلح الكثيف الثقيل للاستيلاء على مثلث برمودا الليبي.

لم يكن ما جرى في "المثلث" بغير المتوقع، بل وأنا ولست بالاستراتيجي ولا من يدعون معرفة بألف العسكرية، كنت كتبت بـ"بوابة الوسط" مقالة منذ أشهر تحت عنوان "الحرب قادمة"، فالحرب قادمة لأن الصراع ما يدور في ليبيا وحولها يدور حول مثلث: السلطة والسلاح والثروة التي تهم الجميع، والنفوذ والمصلحة جعلا من الجارين الأكبرين ومن دول الإقليم كتركيا ودول الخليج اللاعب الرئيس، على الأرض الليبية التي تتواجد عليها قوات إيطالية وفرنسية معلنة وقوات أمريكية وروسية غير معلنة وطائرات وبواخر معلنة جدا جدا، فالحرب إذا قادمة بحكم هذا التزاحم الدولي والإقليمي على الأرض وفي الجو والبحر وإن كان صغيرا فإن النار تندلع من صغار الشرر، بهذا وغيره تخاض في ليبيا حروب بالوكالة صغيرة، ولكن الحروب الأهلية هذه سيماؤها دائما حروب أفقية .. حروب صغيرة، أكبرها في ليبيا ما بعد القذافي حرب المثلث، ومن أيقونته الغرائبية التواجد التشادي الذي جعل القذافي يغوص في حرب ضروس لعقود كان من قادتها العسكريين السيد خليفة حفتر قائد الجيش الليبي في حرب المثلث الساعة.

ما يبدو أن "بيان تونس" كان بيان حرب أو على الأقل لم يجف حبره حتى وقع على الأرض الليبية بالدم على نقضه، وقبل أن يأتي السراج القاهرة وقبل أن يذهب إلى موسكو وقبل أن يوقع بيان تونس كانت "الجفرة" القاعدة التي تُعد فيها العُدة- لن أذكركم بزيارة السراج لهون مبكرا- لبيان السراج، بيان المثلث الذي هو نقطة على السطر وعود إلى البدء، إلى بيان فجر ليبيا ليلة حرب مطار طرابلس قبل بيان الكرامة، ويبدو أنه البيان الحق والحقيقة بيان شمشون ليبيا الذي ختم به معمر القذافي كتابه بأن بعد انهيار دولة الجماهيرية تتكون دولة الفوضى، والفائز فيها هو المهزوم ولا سلام ولا ختام.