Atwasat

الزواج شركة

حنان عبدالرحيم الإثنين 25 سبتمبر 2017, 09:41 صباحا
حنان عبدالرحيم

10

شركة الزواج:

كل المؤشرات الحديثة تقول إن الزواج شركة ينبغي أن تنجح بالضرورة، وأرى أنه من المفيد القول إنني لا أنوي التعرض إلى شركات الزواج التي تضم أكثر من شريكين، لأن ديننا الصالح لكل زمان ومكان وضحه وفسره ولا نحتاج إلاّ تنفيذ شروطه طالما قبلنا بهذا الشكل من المشاركة.

أما لماذا نقول إن الزواج مشاركة ينبغي أن تنجح بالضرورة، لأن الأمر ببساطة شديدة، يقول إن الشريكين الطبعيين، في عصرنا الحالي اختارا بعضهما البعض. ولم يفرض عليهما أحد أن يقترنا، صحيح أن مساحة التعارف، في الغرب، شاسعة جدًا، ولكن ما زالت مسألة التعارف في مجتمعنا الليبي محصورة جدًا ومقننة للغاية، وفي تقديري أنها مثلى، وفي الغالب حق الموافقة النهائية على هذه الشراكة من عدمه مكفول للطرفين، أكثر من سواهما وهذا حق أعطاه لنا ديننا الصالح لكل زمان ومكان. فكيف تكون الخيارات، أو بمعنى أدق كيف نجعلها منهجًا أو مرشدًا لنا؟.

حسنا، الدراسات تقول إنه على الزوجين أن يجدا أوجه التوافق بينهما، أما إن لم يكتشفا توافقًا بينهما خلال فترة التعارف أو الخطوبة وانتفت إمكانية إيجاده عليهما ألاّ يستمرا، إلاّ إن توافرت الثقة في التغلب على نقاط الاختلاف بشرط ألاّ تكون أساسية، وتقدير ذلك متروك لهما، وعليهما أن يتحملا مسؤولية قرارهما.

التوافق كلما زاد في مناحي الحياة اليومية تأكد نجاح هذا الزواج، فالزوج يريد أن يستكين وكذلك الزوجة

إن التوافق كلما زاد في مناحي الحياة اليومية تأكد نجاح هذا الزواج، فالزوج يريد أن يستكين وكذلك الزوجة، والاستكانة ليست أن يأكلا مع بعضهما البعض أو يناما مع بعضهما البعض فقط، لأن هذه الأمور مساحتها الزمنية محددة، ولو استقطعنا هذه الفترة من اليوم لوجدنا بقية ساعاته كثيرة جدًا، وتكون صعبة ومملة ولن يكون يومهما مريحًا ما لم يتسع حجم توافقهما على الأمور المختلفة. وأنا أعني كل ما يخطر على البال من أمور نفعلها في يومنا من قراءة أو عدمها، مشاهدة التلفزيون أو سماع الأغاني أو متابعة الأمور السياسية، أو المساهمة في أعمال متنوعة سواء على مستوى العائلة أو المدينة. وبالطبع لا يشمل هذا التوافق المسائل الشخصية الحياتية، كأن يفضل أحدهما قهوته بسكر أو من دونه. إن كان هناك توافق حقيقي على مثل هذه الأشياء، من دون خداع تكون النتائج رائعة، أما إن كان توافقًا من دون قناعة كاملة تكون النتائج رمادية، وبالتالي يكون نجاحهما أو فشلهما بنسبة متساوية. وكلما اقتربا من التوافق، كانت فرص نجاح شراكتهما أكبر وبالتالي حياتهما.

الزواج شركة جدية للغاية، ولكن الجدية التي نتحدث عنها ليست الصرامة المبالغ فيها سوى من الزوج أو الزوجة. الحياة اليومية مسألة جادة، وليس من السهل أن يمضي الإنسان يومه في جدية كاملة، إنه يحتاج إلى كسر هذه الصرامة بالاسترخاء، والضحك والفكاهة، وما لم يكن هنالك توافق، فقد يبالغ أي من الطرفين في فكاهته، فتتحول إلى سخرية قد تمس الطرف الآخر. ينبغي أن يكون المرح ذكيًا خاليًا من ابتذال، أو قلة ذوق أو أدب. إن المرح بين الزوجين صمام أمان هائل إن عرفا كيف يوظفاه.

الزواج يحتاج إلى أكثر من الرومانسية، يحتاج إلى تفاعل ليظل نابضًا بالحياة والشريكان السعيدان هما من يخلقان لهما جوًا أو حالة تلائمهما وتبعد عنهما الملل

الزواج يحتاج إلى أكثر من الرومانسية، يحتاج إلى تفاعل ليظل نابضًا بالحياة والشريكان السعيدان هما من يخلقان لهما جوًا أو حالة تلائمهما وتبعد عنهما الملل، فليس هناك زوج يترك أسرته ليمضي ليلته في لعب الورق أو ما شابه ذلك؛ إلاّ لفقدانه للسكينة، لأنه إن وجد الاستقرار والسكن والراحة في بيته رفقة شريكته لا يحتاج إلى البحث عنها خارجه. إن الزواج هو بالتأكيد أسمى العلاقات الإنسانية وبالتالي لابد أننا نجد فيه «الزوايا» المريحة لنا ولشركائنا، فالأطفال جزء من هذه الشراكة فهم زيادة لرأسمالها ويتعين استثماره.

وتظل (نحن) التي تحل محل الضمير (أنا) هي الأكثر أهمية، مثلما ذكرنا من قبل. لقد أورد مستشار زواج تفسيرًا منطقيًا للغاية فهو يقول، بعيدًا عن الزواج، لو أنك قضيت يومًا ممتعًا من بعد دعوة من زوجين في مزرعة مثلاً، هناك طريقتان تبدي بهما شكرك لهما: الأولى كأن تقول: «إنني قضيت وقتًا جيدًا معكمًا» والثانية أن تقول: «لقد كنتما مضيفين رائعين» تأكد أن الثانية هي ما تجعلهما يكرران الدعوة. والأمر له القوة نفسها عندما تؤكده برضاكما انتما الاثنان، وأيضًا بشراكتهما في كرم ضيافتهما. في العموم المثابرة من أجل إنجاح الحياة الزوجية من أي الطرفين حالة تستحق المديح، ولكنها حالة لا تتحقق ألاّ مع المرونة. فكونوا مرنين في علاقتكما وسوف تسعدان.