Atwasat

المبادرة المصرية والمشاورات التونسية-الجزائرية واستكمال التوافق الليبي

فضيل الأمين الإثنين 09 يناير 2017, 01:05 صباحا
فضيل الأمين

سلسلة الاجتماعات التي عقدت مع عدد من الشخصيات والفعاليات الليبية في القاهرة خلال الأسابيع الماضية أضفت بعض الأجواء الإيجابية في إمكانية تحديد الاعتراضات التي طرحت على الاتفاق السياسي.

والاتفاق السياسي أصبح مرجعية سياسية ليبية ودولية لحل الأزمة الليبية وأساس لها بعد التوقيع عليه وعقب اعتماد مجلس النواب الليبي له في جلسته الرسمية في يناير 2016 وبعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي الذي دعمه وأكد عليه.

وبغض النظر عن الذين يسعون إلى إسقاط الاتفاق أو تجاوزه وهؤلاء قليلون جداً ولكن يبقى لهم الحق في التعبير عن رفضهم أو معارضتهم.

إلا أن أطرافًا وطنية تمثل شرائح ووجهات نظر محددة لا تزال لديها ملاحظات عملية أو بنيوية في بعض مواد الاتفاق مما يجعلها تحجم عن الانخراط فيه وتسجل تحفظاتها عليه. وسعياً لاستكمال توسيع دائرة التوافق الوطني المطلوب الذي يستدعي تعامل عملي محدد وإيجابي عبر تحديد وتحرير نقاط الاختلاف والتحفظات والملاحظات كمقدمة أساسية لفتح مسار تفاوضي بشأنها.

ولعل حوارات القاهرة التي انعقدت في المدة الأخيرة يمكن أن تساهم في مساهمة فعالة في هذا المسار.

ومن هنا نرحب بما تم طرحه في البيان الأول والنقاط التي طرحت فيه باعتباره قد حرّر وحدّد النقاط والتحفظات في شكل واضح ومحدد الأمر الذي يمكن أن يساهم في دفع الحوار حولها إلى الأمام.

وهنا أشير واقترح الإطار العملي والخطوات التالية التي تبحثت فيها مع أشقاءنا في القاهرة الذين استضافوا هذه اللقاءات وما أشرت إليه لهم بضرورة تحديد المسار العملي الذي يمكن عبره تفعيل وتحريك نتائج هذه اللقاءات وإجراء مشاورات حولها عبر لجنة الحوار السياسي وما يمكن أن ينبثق من مسار تفاوضي يمكن أن يخصص لهذه القضايا والتحفظات.

وهذا يبدأ بدعوة السيد رئيس مجلس النواب وزملاءه بدراسة هذه النقاط التي طرحها البيان وعرضها على مجلس النواب في جلسة رسمية وتمكين السادة أعضاء مجلس النواب من دراستها وتعديلها أو اعتمادها كما هي واعتبارها الموقف الرسمي لمجلس النواب كطرف في العملية السياسية.

هذه النقاط عندئذ تعتبر ما يحدده مجلس النواب كأساس لتحفظه وسبب لرفضه القيام بالتعديل الدستوري. وهذا سيفتح المجال أمام تفاوض جزئي محدد حول هذه النقاط الأمر الذي من شأنه أن يوصلنا في حالة التوصل إلى توافق حولها إلى توافق وطني شامل.

ويعتبر اجتماع رئيس مجلس النواب السيد عقيلة مع الأشقاء المصريين الأسبوع الماضي والاتفاق على أن يعقد السيد عقيلة اجتماعا للمجلس تُعرض فيه نتائج المشاورات والنقاط التي حددها البيان. كل ذلك يعتبر مؤشر إيجابي آخر في البيان الذي صدر عقب جلسة التشاور والذي التزم فيه السيد عقيلة بذلك.

وجاء التحرك المصري الإيجابي الثالث بدعوة عدد من أعضاء مجلس الدولة للتشاور معهم أيضا من باب التأكيد على توسيع دائرة التواصل. حسب البيان الذي أصدره يوم الخميس أشقاءنا في القاهرة.

وفي الوقت الذي حدد الاتفاق في داخله آليات التعديل والتطوير والتحسين في حالة القيام بالتعديل الدستوري اللازم. إلا أن هذا لا يعني أنه في حالة إصرار طرف من الأطراف السياسية على إعادة التفاوض أو فتح باب التعديل حول نقاط جزئية كشرط للانخراط في الاتفاق إلا تكون هناك آلية عملية لذلك.

هذا الآلية موجودة عملياً وتعمل عبر قيام المعترضين بتحديد رسمي للتحفظات والاعتراضات عبر المؤسسة النيابية لكي يتم العامل معها والتفاوض بشأنها عملياً. يتلو ذلك تضمين ما يتم التوافق عليه في نهاية الجولات التفاوضية في الاتفاق السياسي.

ومن هنا نعتبر جهود أشقاءنا في مصر جهود إيجابية وعملية وتصب في الاتجاه العملي الصحيح وتضع جميع الأطراف أمام مسؤوليتها الوطنية من أجل التعامل الإيجابي والعملي مع استحقاقات المرحلة.

كما نرحب المشاورات التي أجراها أشقاءنا في تونس خلال الأيام الماضية وتواصلها مع الأشقاء في القاهرة والجزائر من أجل خلق اجواء إيجابية تدفع إلى توسعة دائرة التوافق الليبي دون إقصاء أو إلغاء أو تهميش أو استئصال لأي طرف يسعى للخروج بليبيا إلى بر الأمان وتجنيبها مخاطر حرب أهلية وصراعات مسلحة تعصف بها وبالمنطقة.

الجهود المشتركة المصرية-التونسية-الجزائرية نعتقد أنها تصب في نفس هذا المسار التوافقي ومن أجل استكمال التوافق الوطني الليبي فيما لم يتم التوافق بشأنه من مواد محددة حالياً.

هذه الجهود كما أكد الأشقاء القائمون لا تهدف بأي شكل من الأشكال إلى إلغاء الإتفاق أو إنهاء الاتفاق أو البدء من الصفر كما يتصور البعض. فكل الدول التي تشارك في هذه المبادرات الإيجابية تؤكد بدون تردد أو مواربة على اعتبار الاتفاق السياسي الليبي الذي رعته الاأم المتحدة هو الإطار الأساسي والمرجعية العامة لحل الأزمة الليبية.