Atwasat

لا صوت يعلو على صوتِ العقل

أحمد الفيتوري الثلاثاء 11 أكتوبر 2016, 10:26 صباحا
أحمد الفيتوري

1-
- قال حكيم : لا تتوقف عن الحُلم حتى لو بات حُلمك مستحيلا.
قال يوسفيني-الرئيس الأوغندي منذ عقود- ما معناه: إن أفريقيا أضاعت الكثير من الأرواح ثم الوقت والجهد والمال حول مسألة الهوية الوطنية، كان هذا في الجلسة الاحتفالية لختام الحوار الوطني السوداني التي نقلت عبر محطة تلفزيونية يوم الأحد 10 – 10 – 2016م، شدني ما قال.

قلت لنفسي: إن هذا المأزق جعل التنمية بعيدة عن القارة، وكما حلم التهمهُ كابوس الهوية الذي جعلنا جوعى خائفين، ونتمترسُ خلف أوهام الهوية في احترابٍ تُغذيه كلُ المصالح المتضاربة والمخاوف وفقدان الثقة، وترعرع استبعاد العقل، ونما اللامعقول، وصدع بأن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ومن هذا باتت الهوية الوطنية التي تجمعنا جميعا: هوية الغابة.

قال عضو من التحالف الوطني أن هوية التحالف التنمية، ولم أقل له هل من تنمية في بلاد هويتها الغابة؟ قال مسئول ذو منصب كبير في ليبيا: إن المسألة الرئيس التي تغيب في ضجيج المسائل الواضحة والممكنة، مسألة الأمن التي توضع على الطاولة أولا ثم اللغط الحاصل يتركها على الطاولة، وتُحمل محمل الجد ملفاتٌ أخر أثارتها هذه المسألة الرئيس، ثم وكد أن مسألة المسائل الأمن، التي تعني أساسا الجيش الوطني وصنوه الجهاز الأمني المركزي، هي المسألة الخلافية الأولى والأخيرة وعمود الدولة وحامى سلطاتها، والصراع على السلطة حاليا يلف ويدور حولها.

القذافي سيطر على ليبيا الجغرافيا لأربعة عقود ونيف ثم من بعده ورثتها المليشيات الإسلامية

وأوضح أن الجيش الوطني الذي عملت قوى إسلامية مسلحة من أجل إلغائه لأجل تكوين جيشها، الجيش الوطني نتيجة هذه المواجهة نجح في الشق الشرقي من البلاد وانتصر وتأسس من جديد في خضم المعركة، أما في الشق الغربي فقد نجحت المليشيات المُتعددة المشارب في السيطرة وإن لم تنجح أمنيا ولم تكون قيادة حازمة حاسمة، بذا فالخصام أنتج عدم ثقة بين كل الأطراف، واللغو السياسي الحالي حتى من الشريك الدولي والإقليمي ليس أكثر من قنابل دخان، أو كمن يغطي الشمس بغربال: مسودة رابعة أو اتفاق الصخيرات وهلم جرا ... ثم قال إن الطرفين اللذين في حال لا صوت يعلو على صوت المعركة يُدركان أنه ما من تحارب أهلي حسم في معركة ولذا هما في مأزق وما نسمع منهما قعقعة ولا طحين، وبذا فإن اللحظة الاستثنائية: لا صوت يعلو على صوت العقل، وفي هذا فليتنافس المتنافسون.

قلت له: ما يساهم في انسداد الأفق أيضا مسألة مستقبل ليبيا التي هي المعادلة الثالثة، فالحقيقة التي تُعطى بالظهر هي النقطة الفارق: ليبيا ليست مصر كما ليبيا ليست تونس، كما أن الجيش في مصر حافظ على مصر فإن مؤسسات تونس المدنية كاتحاد الشغل التاريخي حافظت على تونس، لكن ليبيا كانت ومازالت دولة الأمم المتحدة مثلما فعل قرار 1973م. إذاً ليبيا حل ثالث ما يهرب منه الليبيون، وأيضا فهذا كما أنه الحل فإنه يبدو الخلطة المستحيل، وبالتالي كان على الليبيين وفي أقل من عقد اجتراح ما ليس على الطاولة كما فعلوا في فبراير 2011م ، حين كان من المُستحيلات الأربعة أن يفوز الليبيون في مواجهة: القذافي صاحب العقود الأربعة من الجرائم. إذا كانت مسألة الجيش الوطني المشكل الرئيس فإن هذا المشكل نابعٌ من أن مستقبل ليبيا كدولة واحدة على المحك، ليبيا التي ليست تونس، ليبيا التي ليست مصر، وهذا ما يُدركه الجميع لكن في نفس الوقت لا يدركه أي طرف، ومنهم من لا يريد إدراك ذلك لأنه لا يريد الحل.

قال السياسي: إن طول الخيط يضيع الإبرة، لذا فالمُماحكات كسب للوقت كما أن كاسب المعركة ليس بالضرورة كاسب الحرب، لذا لابد لليبيا من طاولة يجلس عليها من على الأرض يمسكون بالخيوط أعنى أولا السياسيين المستبعدين وأولا مكرر العسكريين ومعهما البرلمانيين من الطرفين، جلسة استكمال لاتفاق الصخيرات دون مسودات هي مجرد حجج لكسب الوقت لإرضاء هذا الطرف أو ذاك ولن يرضى الطرف هذا ولا الطرف الآخر ولو دخلت دينهم.

قلت: ورئيس الجلسة يكون العقل أولا، لكنهم في غيهم يعمهون.
قال التاريخ: إن القذافي سيطر على ليبيا الجغرافيا لأربعة عقود ونيف ثم من بعده ورثتها المليشيات الإسلامية على الخصوص وخلال هذا خرجت البلاد من التاريخ، وعلى هذا ليس للبلاد مُكنة أن يُسيطر عليها كما فعل القذافي، لأن ليبيا التي دخلت التاريخ وكدت جيوسياسي البلاد في فبراير 2011م، ولأن الليبيين لم يتوقفوا عن حلمهم حين كان مستحيلا ولا الآن، وهم لأجل ذلك لم يتوقفوا عن تقديم الغالي والنفيس، ولم يرفعوا الراية البيضاء لأن مشروعهم في الإمكان أبدع مما كان، وتوكيد ذلك يكون الآن وليس غدا: أن لا صوت يعلو على صوت العقل.