Atwasat

انفجار الجغرافيا والديموغرافيا والصراع على الثروة (السودان ودويلاته نموذجاً)

فضيل الأمين الإثنين 10 أكتوبر 2016, 09:14 صباحا
فضيل الأمين

يعاني السودان على مدى عقود انقسامات داخلية وصراعات سياسية وعسكرية وحروبا أهلية تداخل فيها الشأن الداخلي مع التدخل الخارجي.

فهي بلد مترامي الأطراف، يعاني من سلطة مركزية ضعيفة وصراعات على الجغرافيا والديموغرافيا بتنوعاتها والنفط والثروات الأخرى. كمايعاني من تدخلات دول الجوار وطوق ما حول دول الجوار ومن يبحث عن امتداد استراتيجي في القارة السمراء مثل إيران وإسرائيل.

تناهشته أيدي وأنياب الجيران (شماله وشمال غربه وجنوبه وغربه) ومخالب ذوي المصالح والشأن من الأطراف الخارجية.

فهناك عدة أطراف على رأسها:
جبهة تحرير السودان في الجنوب
جماعة العدل والإحسان في الشمال في دارفور
جماعات الإسلام السياسي والأحزاب السياسية الفئوية وجماعات المصالح والمؤسسات العسكرية والأمنية في الوسط.

انقسم الجنوب في شكل دويلة مستقلة (دويلة جمهورية جنوب السودان) لإصرارها على الديموغرافيا والثروة
دويلة الجنوب سرعان مانشبت بها حرب أهلية بين حلفاء الامس الذين أصبحوا الرئاسة ونيابتها... دويلة جنوب السودان انقسمت وتقاتلت في داخلها وفي طريقها إلى الاندثار فقد ولدت دولة فاشلة منذ فترة الحمل الطويل.
دويلة جنوب السودان لن تستطيع أن تنجح ولا أن تعود إلى الأصل الذي انفصلت عنه ففي داخل تكوينها الجيناتي موروثات الانقسام والفشل معاً.

وسط السودان مستمر في حكم العاصمة بالحديد والنار ولايستطيع الحكم خارجها فعلياً. حاكم مطارد ومطلوب دولياً لمحكمة الجنايات الدولية يتحرك في دوائر محدودة ضمن لها الحد الأدني من الأوكسجين والبروتين من أجل البقاء. رضي هو بهدف البقاء ورضي العالم من حوله بوجوده في القفص. يناوش حاكم الخرطوم هذا المناطق التي حوله، تارة في الشمال وتارة في الجنوب وتارة جيرانه الضعفاء من أجل الابتزاز والتخويف للمحافظة على البقاء. شمال السودان بمنطقة دارفور مسرح حرب أهلية مدوّلة إقليمياً وعالمياً تداخل فيها الجانب الجغرافي مع الديموغرافي ومصالح ومطامح دول الجوار والمؤسسات الدولية التي جعلتها حقل تجارب وأكل عيش.

السودان البلد العريق الذي ارتبط تاريخياً بالشمال والجنوب عبر نهرالنيل العظيم. كفاءاته العلمية والثقافية والسياسية مضرب المثل ومثال في بلدان العالم النامي. ثرواتها الطبيعية والزراعية جعلته يُعتبراقتصاديا "سلة غذاءأفريقيا". موقعه المتوسط في قلب القارةالسمراء يجعله القلب النابض. التنوع العرقي والاجتماعي يجعله قادرا على نسج علاقات عابرة للحدود وقادرا على التواصل والتأثير والنفوذ.

كل ذلك لم يشفع له بسبب مايعانيه من تمزق وتشتت وصراعات وانهيار اقتصادي واجتماعي كبير.

انفجار الجغرافيا والديموغرافيا والصراع على الثروة يضمن لك انهيار الوطن. قد يضمن لك قطع عقارات في شكل دويلات هنا وهناك ولكن لن يَضمن لك تكوين دويلات جديدة ناجحة إطلاقاً.

مايضمنه لك انفجار الجغرافيا والديموغرافيا والصراع على الثروة هو نشوء كيانات هشة تحمل في تركيبها الجيني خلايا الانفجار الأول والانقسام الثنائي البسيط مرة تلو المرة.

مايضمنه لك هو عدم استقرارك وعدم استقرار من حولك وما حولك.
مايضمنه لك هو التدخل المستمر من قبل الأطراف الإقليمية والدولية في شؤونك وشؤون غيرك.
مايضمنه لك هو الارتهان الدائم مع الفشل المستمر.