Atwasat

المغرب: مجتمع يسابق الإيدز لالتهام أرواح المرضى

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 29 سبتمبر 2019, 11:32 صباحا
WTV_Frequency

لا تقتصر معاناة بعض المرضى على الآلام الجسدية فقط، فهناك آلام نفسية هي الأخطر، والتي تؤرق حياتهم المحفوفة أصلا بالموت.

وتروي زينب الإيجابية المصل بصوت مرتجف قصتها المشحونة بالخوف والعار والنبذ خلال ورشة «الثقة في النفس» من تنظيم جمعية محاربة السيدا (الإيدز) في الدار البيضاء، قائلة «هنا أشعر بأنني طبيعية وأعامل كالبشر»، وفق «فرانس برس».

هم اثنا عشر شخصا يعبرون عن همومهم كل بدوره في القاعة التابعة لفرع الجمعية في الدار البيضاء، بحضور عالمة نفس ومعاونة على العلاج. وكلهم أخفوا إصابتهم أو نبذوا من أقربائهم، ما عدا أربعينية تعتبر «محظوظة جدا» في مجموعتها.

ويروي يوسف (28 عاما) الذي حاول الانتحار مرتين «تعاملت والدتي معي كما لو كنت مجرما، وكنت لفترة طويلة أشعر أنني وحيد في العالم».

أما اليوم، فبات له أصدقاء «كلهم مثله» يشكلون «شلة مرحة تتعاضد». وهو يعيش «عيشة حسنة»، لكنه يفضل الإدلاء بشهادته تحت اسم مستعار ليكون «بمنأى عن كل سوء»، ككل إيجابيي المصل الذين التقتهم وكالة «فرانس برس».

المحظورات والجنس
ويقول يعقوب، أحد وسطاء جمعية محاربة السيدا إن «المسألة من المحظورات لأن العدوى مرتبطة بالعلاقات الجنسية التي هي من المحرمات في المغرب» حيث القيم الأخلاقية والمحظورات الدينية متجذرة في المجتمع. ويردف الشاب البالغ من العمر 25 عاما «النبذ الاجتماعي شديد لدرجة أن البعض يخسرون كل ما لديهم، من أقارب وأصدقاء ووظيفة ومسكن».

تخفي زينب (29 عاما)، ككثيرين غيرها الأدوية التي تتناولها للتستر على مرضها. وهي أخبرت أقرباءها أنها تعالَج من داء السكري. أما ابنها (17 عاما)، «فهو لا يدري بشيء. وأعجز عن إخباره حقيقة الأمر من شدة خوفي»، على ما تروي بحسرة.

وعندما يصاب المرء بهذا المرض، «يصبح نكرة» على ما تقول ساكنة، وهي ربة عائلة لا تتكلم أبدا عن إصابتها، سوى مع الأطباء والوسطاء وإيجابيي المصل الآخرين.

وكما الحال مع 70% من النساء اللواتي أصبن بالفيروس في المغرب، التقطت ساكنة العدوى من زوجها. وأدار لها حمواها ظهرهما وهي لا تجرأ على مفاتحة ابنها البالغ 15 عاما لإخباره بأنه مصاب بدوره. وهي لطالما كذبت عليه، فأرقها الهم، بحسب ما تخبر وهي تغص بالبكاء خلال الجلسة.

وسرعان ما يبادر شاب لتقديم النصح لها، قائلا «لا تخبريه بتاتا». ويقول آخر «احرصي على أن يعلم بالأمر من شخص آخر». فتتدخل العالمة النفسانية لتذكر بأن الغرض من الاستشارات الفردية هو «التمعن في هذه المسائل المعقدة».

وإضافة إلى هذه الورش، تؤمن الجمعية متابعة العلاج في المستشفى أو الوقاية أو حملات التشخيص الميدانية. وقد أسست جمعية محاربة السيدا بعيد الكشف عن أول إصابة بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (إيدز) في البلد سنة 1986. وتضم الجمعية نحو 36 وسيطا موزعين على حوالي20 مدينة وحوالي 30 مركزا للمعلومات/والتشخيص من بينها خمسة نقالة، وهي تمول من الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز.

وصمة العار
ويقول الطبيب كمال المرحوم الفيلالي، رئيس جناح الأمراض التعفنية في مستشفى ابن رشد في الدار البيضاء الذي يتعاون مع الجمعية، «نتداول المسألة منذ ثلاثين عاما والفيروس معروف، لكن التمييز لا يزال قائما مصحوبا بوصم من المجتمع وأيضا من الطاقم الطبي في المستشفيات».

ووصمة العار هذه قاستها أمينة التي تخبر «عندما قصدت المستشفى للتوليد، لم يكن أحد يريد الاعتناء بي أو لمسي. وانتهى بي المطاف في قسم الإنعاش».

وتردف جارتها في الجلسة «نحن محظوظون لانتفاعنا من متابعة في جناح الأمراض التعفنية. فنحن نلقى علاجا جيدا بالمقارنة مع الآخرين، ولا سيما نظرا لقلة الموارد وتردي الأحوال في المستشفيات المغربية»، حسب «فرانس برس».

ونجحت المغرب التي تعدها وكالة الأمم المتحدة المعنية بالإيدز «بلدا نموذجيا» في تخفيض الوفيات (350 سنة 2018) والإصابات الجديدة (- 42% بين 2010 و2016)، بفضل تحسين التشخيص والنفاذ إلى العلاج والمتابعة.

ويكون قسم الطوارئ متخما في المستشفى أحيانا، فكل طبيب يتابع نحو 40 مريضا يوميا. أما في جناح الأمراض التعفنية، فالوضع مختلف تماما. وكل مريض يحظى بمتابعة فردية في القسم بمبادرة من وسطاء الجمعية المتعاونين مع الطواقم الطبية، مما يشكل «ميزة فعلية»، على حد قول البروفسورة ولد لمسن من مستشفى ابن رشد. ويقول الطبيب مهدي القرقوري، رئيس جمعية محاربة السيدا، «هذه ضريبة النجاح، فقد تلغى المساعدات المقدمة لنا».

ومن المرتقب بت هذه المسألة خلال مؤتمر الصندوق العالمي المزمع انعقاده في منتصف سبتمبر في ظل تخفيض المساعدة المخصصة للإيدز والجدل الذي يحوم حول الوكالة الأممية.

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
ماكرون يقلّد الزعيم التقليدي راوني وساماً فرنسياً رفيعاً في الأمازون
ماكرون يقلّد الزعيم التقليدي راوني وساماً فرنسياً رفيعاً في ...
زراعة الأشجار في الأماكن الخطأ قد تفاقم الاحترار المناخي
زراعة الأشجار في الأماكن الخطأ قد تفاقم الاحترار المناخي
أزهار الخوخ الوردية تبشر اليونانيين بحلول الربيع (فيديو)
أزهار الخوخ الوردية تبشر اليونانيين بحلول الربيع (فيديو)
السلطات السلوفاكية أردت دباً تسبب بجروح لخمسة أشخاص
السلطات السلوفاكية أردت دباً تسبب بجروح لخمسة أشخاص
«كارثة» في أستراليا.. أرصدة ائتمان كربوني مشكوك في صحتها
«كارثة» في أستراليا.. أرصدة ائتمان كربوني مشكوك في صحتها
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم