تستمر الصحف العالمية باهتمام في متابعة تطورات ومستجدات الأوضاع داخل ليبيا، خاصة تلك المتعلقة بالعملية السياسية، وتوسع تنظيم «داعش» داخل عدة مدن.

حكومة الوفاق تعلن بدء عملها
اهتمت جريدة «ذا غارديان» البريطانية بإعلان حكومة الوفاق الوطني بدء عملها استنادًا إلى بيان تأييد لها وقَّعته غالبية نواب البرلمان، وقالت إنه يثير احتمالات إرسال قوات أجنبية إلى ليبيا لمساعدة الحكومة الوليدة.

ومن غير الواضح حتى الآن متى ستنتقل حكومة الوفاق إلى العاصمة طرابلس، حيث ما زالت الأوضاع الأمنية مضطربة، وقد يحاول بعض التشكيلات المسلحة داخل طرابلس منع الحكومة من العمل، وفقًا للجريدة.

وواجهت العملية السياسية داخل ليبيا عقبات عدة مع الانقسام حول تشكيل حكومة الوفاق، وتقسيم السلطة بين الفصائل المختلفة، وقيادة الجيش الليبي. وشهد المجلس الرئاسي نفسه انقسامات مع رفض عضوين التصويت على تشكيلة الحكومة المقترحة.

وتأمل الحكومات الغربية أن تستطيع حكومة الوفاق محاربة ووقف تقدم تنظيم «داعش»، الذي استغل الفوضى السياسية والأمنية وسيطر على عدة مدن.

وطالب المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أعضاء مجلس النواب وما يعرف باسم «المؤتمر العام» بتسليم السلطة إلى حكومة الوفاق، والمجتمع الدولي بحصر التعامل معها.

واعتبر المجلس الرئاسي أن بيان أعضاء مجلس النواب الموافقين على حكومة الوفاق يمثل «الضوء الأخضر لبدء عمل حكومة الوفاق الوطني».

وطالب بناء على ذلك المؤسسات السيادية والجهات العامة، على رأسها المؤسسات المالية الرسمية بالبدء بالتواصل فورًا مع حكومة الوفاق الوطني، وذلك لوضع الترتيبات اللازمة لتسليم السلطة بشكل سلمي ومنظم.
عقوبات ضد معرقلي العملية السياسية
وأبرزت جريدة «ذا غارديان» البريطانية أيضًا عزم فرنسا اقتراح عقوبات ضد سياسيين ليبيين ممن يعرقلون الجهود السياسية، في «محاولة يائسة أخيرة» لكسر الجمود الذي لحق بالعملية السياسية.

ورأت الجريدة أن الطلب الفرنسي محاولة لفتح الطريق أمام تدخل غربي محتمل في ليبيا لمحاربة تنظيم «داعش». وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر لوَّح سابقًا بفرض عقوبات مماثلة.

وكان وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت أعلن أن فرنسا ستقترح على الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على المسؤولين السياسيين الليبيين الذين يعطلون قيام حكومة الوفاق الوطني في ليبيا.

ونقلت الجريدة عن أيرولت، قوله: «لا أستبعد أن نهددهم بعقوبات. بأي حال هذا ما سأقترحه على زملائي وزراء الخارجية الاثنين في بروكسل». وأضاف: «الآن لم يعد بوسعنا الانتظار أكثر، هذا يكفي»، منددًا بـ«من يعرقلون (العملية السياسية) لأسباب تتعلق بمصالح شخصية».

وقد تشمل العقوبات تجميد أرصدة ومنع من السفر إلى الاتحاد الأوروبي، يمكن أن تستهدف رئيس المؤتمر المنتهية ولايته نوري أبوسهمين ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس ما يُسمى «حكومة طرابلس» خليفة الغويل.
«داعش» يهدد تونس من داخل ليبيا
أبرزت جريدة «نيويورك تايمز» الأميركية الأحداث التي شهدتها مدينة بن قردان التونسية، والتي أدت لمقتل 54 شخصًا.

وقالت الجريدة إن هجوم بن قردان يثير مخاوف حول انتقال تنظيم «داعش» من ليبيا إلى تونس لتنفيذ هجمات إرهابية.

وكانت السلطات التونسية أكدت مقتل 54 شخصًا بينهم 34 مسلحًا. ومن غير المعروف حتى الآن من أين جاء المسلحون أو مصدر أسلحتهم، لكن شهودًا داخل المدينة قالوا إنهم يحملون لكنة محلية وأطلقوا على أنفسهم لقب «محررين»، وفقًا للجريدة.

وقال الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إن تنظيم «داعش» هو المنفذ لهجوم بن قردان، ويسعى لإقامة ولاية له داخل تونس.

وتعد هذه هي المرة الثانية التي يهاجم فيها مسلحون مواقع للجيش في بن قردان، وقامت السلطات التونسية بإغلاق الحدود وإنشاء نقاط تفتيش، وأعلنت حظر تجوال.

أوباما محق لكنه يتحمل مسؤولية أكبر
قالت جريدة «ذي إندبندنت» البريطانية في افتتاحيتها إن الرئيس الأميركي محق في تصريحات حول تحمل بريطانيا وفرنسا مسؤولية الفوضى داخل ليبيا، لكن الإدارة الأميركية يجب أن تتحمل جزءًا كبيرًا من مسؤولية الأوضاع الحالية لأنها لم تسع لمساعدة ليبيا عقب رحيل القذافي.

وأضافت أن الدول التي تدخلت ضد القذافي العام 2011، بينها واشنطن، كانت جادة حول تغيير النظام داخل ليبيا لكنهم لم يهتموا بالعواقب، خاصة الإنسانية.

واتفقت الجريدة مع أوباما في أن بريطانيا وفرنسا كان عليهما تنفيذ مزيد من البرامج لإعادة البناء ومساعدة الدولة عقب رحيل القذافي، لكنهما «لم تلتزما بوعودهما التي أطلقها كاميرون من داخل بنغازي العام 2011».

لكنها قالت إن «أوباما يريد التخلص من المسؤولية التاريخية، لكن واشنطن تتحمل مسؤولية كبيرة من الفوضى داخل ليبيا، لأنها وفَّرت طائرات دون طيار وذخيرة ومعلومات ومراقبة للقوات التي شاركت في حملة حلف الأطلسي».

ورأت «ذي إندبندنت» أن التدخل العسكري لن يضع نهاية للأزمة الليبية بل سيفاقمها، واعتبرت أنه من الأفضل التركيز على الجهود السياسية لإنهاء النزاع إلى جانب فرض عقوبات على معرقلي جهود تشكيل حكومة وفاق.
البيت الأبيض «يعتذر»
وأثارت تصريحات أوباما ردود فعل سلبية حاول البيت الأبيض تداركها، إذ قال الناطق باسم البيت الأبيض جون إيرنست إن «واشنطن تقدر علاقاتها الخاصة مع بريطانيا، وفق ما نقلته جريدة «ذا غارديان» البريطانية.

وقال إن «واشنطن تتقاسم مع بريطانيا مسؤولية التعامل مع الوضع داخل ليبيا التي تواجه تهديدًا من تنظيم (داعش)».

وكان الرئيس الأميركي انتقد كلاً من بريطانيا وفرنسا لسماحهما لليبيا بأن تتحول إلى فوضى، وقال في مقابلة مع مجلة «ذي إتلانتيك» إن ديفيد كاميرون بدا «مشتت الذهن» عقب التدخل.

وأضاف أن «بعض حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط وأوروبا تواقون لجر الولايات المتحدة لصراعات بعضها ليس له أهمية لمصالح واشنطن».

وفي محاولة لتهدئة الأجواء بين البلدين، قال السفير الأميركي إلى بريطانيا ماثيو بارزون إن «أوباما أقر سابقًا أمام الأمم المتحدة بأن واشنطن تتحمل جزءًا من المسؤولية، وكان علينا فعل المزيد».