Atwasat

تحذيرات من كارثة إنسانية في ليبيا بسبب الوضع الصحي

القاهرة - بوابة الوسط الثلاثاء 09 فبراير 2016, 01:23 مساء
WTV_Frequency

نشر موقع «سي إن إن» العربي تقريرًا عن المستقبل الصحي المجهول في ليبيا في ظل النقص الحاد للمستلزمات الطبية والأدوية والكوادر. وتطرق التقرير إلى الحرب الداخلية في البلاد التي ألقت بظلالها السيئة على القطاع الصحي فأصبح في وضع لا يحسد عليه، مما يهدد بكارثة إنسانية قد تمس أكثر من مليون مواطن.

وضع صحي سيئ
وقال الطبيب المختص في أمراض العظام والمفاصل محمد خليل: «الوضع الصحي في ليبيا سيئ جدًّا»، مضيفًا: «إن الليبيين لم يعودوا يجدون مستشفيات مؤهلة لاستقبالهم، لأن العديد منها أُغلقت بعد تدميرها، وما تبقى من مستشفيات مفتوحة تعمل بصفة جزئية بعد توقف عدة أقسام فيها عن العمل، خاصة أقسام الجراحة التي استنزفت معداتها لصالح المستشفيات الميدانية بهدف مداواة جرحى الحرب»، مشيرًا إلى أن بعض الأدوية أصبحت معدومة، والكوادر الطبية نقصت بعد مغادرتها البلاد.

الليبيين لم يجدوا مستشفيات مؤهلة لاستقبالهم فالعديد منها أُغلق بعد تدميره

وأرجع خليل تدني الخدمات الصحية والخلل الحاصل في المنظومة الطبية في بلده، إلى انعدام الأمن واستمرار الخلافات السياسية بين حكومتين متصارعتين، إضافة إلى مغادرة الأطقم الأجنبية لليبيا والعودة إلى بلادهم بعد استهدافهم من قبل الميليشيات المسلحة بالاختطاف وتهديد حياتهم، «كل هذا نتج عنه تسجيل عدة حالات وفيات، خاصة لدى الأطفال حديثي الولادة والرضع، بسبب غياب الرعاية الطبية الموجهة لهم وانعدام وسائل العلاج».وبخصوص ظروف عمل الكادر الطبي، أوضح خليل أنها أصبحت صعبة وغير مؤمنة وغير مضمونة العواقب إضافة إلى التهديدات، مما اضطر العديد من الأطباء إلى التوقف عن تقديم خدماتهم والتزام البيت، خاصة من النساء، في حين اتجه البعض الآخر لمغادرة البلاد والبحث عن فرص عمل أخرى، بعد استحالة قيامهم بدورهم الإنساني والأخلاقي على أكمل وجه لإنقاذ المدنيين المرضى وتلبية احتياجاتهم الصحية.

ظروف عمل بائسة
وبدوره قال التقني المختص في التخدير بمستشفى الخضراء بطرابلس محمد البوندي: «إن منتسبي الصحة وجدوا أنفسهم يعملون في ظروف بائسة، فهم من جهة يعملون تحت الضغط العددي للمرضى، ومن جهة أخرى لا تتوافر لهم الإمكانات والمعدات اللازمة للقيام بعملهم، إضافة إلى أنهم يعملون دون مرتبات بسبب الأزمة المالية التي تعيشها البلاد وتفشي الفساد في قطاع الصحة، وفي بعض الأحيان يتعرضون إلى الاعتداءات سواء من قبل المرضى أو أهلهم أو الميليشيات.»

اقرأ أيضًا: الطاقم الطبي الوحيد بمستشفى غات يغادره

وأمام هذه الظروف القاسية يجد المرضى الليبيون الذين يتوجهون للمستشفيات صعوبة كبيرة في التماثل للشفاء وفي إيجاد حلول لمشاكلهم الصحية، على غرار أحمد إبراهيم الذي تعرض إلى محاولة اغتيال أثناء ذهابه إلى عمله في مدينة الكفرة الواقعة جنوب شرق ليبيا، نتجت عنها إصابة عميقة في يديه ورجليه جراء شظايا رصاص، مما استوجب نقله إلى المستشفى لتبدأ معاناته مع الخدمات الصحية التي توفرت له.

نحن هنا نموت ببطء ففي حال لم تتحسن ظروف العلاج سيفقد كثير حياتهم

واستنكر أحمد غياب الإحاطة الطبية بالمرضى والجرحى، مضيفًا: «تعذرت مداواته في المستشفى بسبب نقص متطلبات الجراحة والمعدات الطبية وغياب أطباء الاختصاص، إذ أُجريت له بعض الإسعافات الأولية التي لم تنجح، مما زاد من تدهور حالته الصحية، ليضطر في نهاية المطاف إلى مغادرة البلاد نحو تونس لإسعاف حاله على حسابه الخاص».

الإمكانات المادية غير متوفرة
وقال عبد الرحمان المحجوب، وهو مريض يشكو من سرطان الرئة، إن الإمكانات المادية لا تتوفر لكل الليبيين للذهاب إلى الخارج لعلاج أمراضهم، متحدثًا لـ«CNN» بالعربية عن وضعيته منذ أسابيع لم يستطع الحصول خلالها على العلاج الكيميائي قائلاً: «نحن هنا نموت ببطء، ففي حال لم تتحسن ظروف العلاج سيفقد كثير حياتهم، لا غذاء ولا دواء ولا أطباء ولا مستشفيات جيدة ولا خدمات تلبي احتياجات مَن هم بحاجة لها. العديد من الأدوية لم تعد متوافرة في البلاد والتحاليل الطبية لم يعد إجراؤها ممكنًا هنا، والأمراض آخذة في الانتشار، كل هذا والمسؤولون في سبات».

اقرأ أيضًا: القويري: نقص الإمداد الطبي سيؤدي إلى إقفال مستشفيات بنغازي

وكان ممثل منظمة الصحة العالمية لدى ليبيا، سيد جعفر، قد حذر نهاية الشهر الماضي من الوضعية الصحية المتدهورة والمتفاقمة في البلاد، مؤكدًا أن حياة الملايين من المرضى الذين يحتاجون إلى علاج عاجل في ليبيا أصبحت في خطر، بسبب الصراع الداخلي الدائر. وأوضح جعفر أنه في حال عدم وصول المساعدات الصحية المتاحة على الفور إلى البلاد، فسيكون نحو مليوني مواطن معرضين لخطر كارثة إنسانية وصحية، مؤكدًا أنه لم يعد بالإمكان الانتظار للحصول على حل سياسي من أجل الاستجابة لحل تلك المشكلات.ويتطلع المجتمع الدولي إلى إنهاء النزاع في ليبيا عبر توحيد السلطتين في حكومة واحدة للبدء في تقديم مساعدات دولية تشمل كل المجالات، غير أن وزير الصحة الليبي، رضا العوكلي، قال: «يجب على المانحين عدم انتظار تشكيل الحكومة، ومساعدة ليبيا في إعادة بناء نظام الرعاية الصحية المدمر ومكافحة التفشي المتزايد للأمراض»، مشيرًا إلى أنه يجب الفصل بين الاحتياجات الإنسانية للشعب الليبي وبين أي حوار سياسي، وأن ما دون ذلك يعد جريمة.

كنا نقدم مساعدات طبية للدول المحتاجة، أصبحنا اليوم نترجى دول العالم إعطاءنا مساعدات

وفي تشخيصه للحالة الصحية التي تعيشها بلاده، أضاف العوكلي أنه ما بين 60 و70 % على الأقل من المستشفيات الليبية إما أغلق أو أصبح خارج نطاق الخدمة تمامًا، وأن أكثر من 80 % من الموظفين في أقسام تتطلب مهارات عالية، مثل العناية المركزة وغرف الطوارئ والعمليات، تركوا المستشفيات، مشيرًا إلى أن البلاد أصبح لديها عجز في الأدوية المنقذة للحياة.

وفي ظل هذا الواقع، يأسف الليبيون على الحالة التي وصلت إليها بلادهم، وفي هذا السياق يقول كريم الشهاوي شاب ليبي مقيم في تونس منذ 4 سنوات: «انظروا إلى الوضع، بعد أن كنا نقدم مساعدات طبية للدول المحتاجة، أصبحنا اليوم نترجى دول العالم إعطاءنا مساعدات وننتظرها بفارغ الصبر. هذا ما جناه علينا الصراع على السلطة».

 

تحذيرات من كارثة إنسانية في ليبيا بسبب الوضع الصحي
تحذيرات من كارثة إنسانية في ليبيا بسبب الوضع الصحي

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
في العدد 436: هدوء سياسي واشتعال صراع النفط
في العدد 436: هدوء سياسي واشتعال صراع النفط
«تنسيقية الأحزاب» تحذر وتحدد 3 اعتبارات «مهمة» بأحداث رأس اجدير
«تنسيقية الأحزاب» تحذر وتحدد 3 اعتبارات «مهمة» بأحداث رأس اجدير
«مرواط - ليبيا» منصة جيومكانية لدعم استدامة الأراضي الزراعية
«مرواط - ليبيا» منصة جيومكانية لدعم استدامة الأراضي الزراعية
«المركزي» يطالب المصارف بتفعيل خدمات شراء الدولار للدراسة والعلاج وتفعيل «ماستر كارد» و«فيزا»
«المركزي» يطالب المصارف بتفعيل خدمات شراء الدولار للدراسة والعلاج...
«استئناف بنغازي» توقف قرار الدبيبة بفتح اعتمادات مالية موقتة
«استئناف بنغازي» توقف قرار الدبيبة بفتح اعتمادات مالية موقتة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم