Atwasat

«الحوار الليبي» انطلق من غدامس وحط في الصخيرات

القاهرة - بوابة الوسط الخميس 01 يناير 1970, 02:00 صباحا
WTV_Frequency

رغم الرحلات عابرة القارات للبحث عن صيغة سياسية للتوافق بين فرقاء المشهد السياسي، ومع حالة التفاؤل الجزئي التي خيمت على المشهد بقرب توقيع اطراف الحوار اتفاقا سياسيا ينهي أزمة البلاد المستحكمة، إلا أن قطار الحوار ما يزال يمضي في رحلته التي تجاوزت العام وسط غيوم سياسية ملبدة.

فمنذ اجتماع أعضاء مجلس النواب المشاركين والمقاطعين في الـ29 من سبتمبر العام الماضي بمدينة غدامس، وصولا إلى آخر محطاته في الصخيرات، ما يزال الغموض يلف مسارات ومآلات العملية التفاوضية، ويضعها في برزخ يصعب توقع نتائجه.

في أكتوبر من العام الماضي، انطلق قطار الجدل من غدامس، حين انقسمت الآراء بشأن تصريحات المبعوث السابق للأمم المتحدة في لليبيا برنادينو ليون حول عزم المنظمة الأممية إجراء حوار مع قادة المليشيات المسلحة، وانتهى الأمر إلى الإعلان عن الصخيرات كمدينة موعودة لتوقيع اتفاق الفرقاء.

ومن جنيف إلى برلين مضت الرحلة، كانت روما المحطة الدولية الأهم والأبرز، وخرجت كما هو متوقع بوعد ووعيد، إذ دعت نحو 20 دولة ومنظمة دولية في ختام اجتماعها إلى وقف فوري لإطلاق النار في ليبيا، وتشكيل حكومة وحدة وطنية مقرها في طرابلس، معتبرة أنها «أمر ضروري للنهوض، بالتعاون مع المجتمع الدولي، بالتحديات الحرجة التي تواجهها البلاد في المجالات الإنسانية والاقتصادية والأمنية». وتدثر البيان بلغة تهديد واضح، إذ حذر «هؤلاء المسؤولون عن العنف والذين يعرقلون ويقوضون الانتقال الديمقراطي الليبي بأنهم سيدفعون ثمن أفعالهم»، متطرقاً إلى احتمال قطع كل اتصال رسمي مع الأشخاص الذين يرفضون الاتفاق، وتحدث دبلوماسيون أيضاً عن عقوبات دولية.

وحضر الهاجس الأمني بوضوح على طاولة الاجتماع، إذ دعا المجتمعون كل الأطراف إلى قبول وقف إطلاق نار فوري وشامل في كل أنحاء ليبيا»، وجددوا تأكيدهم الالتزام بتقديم مساعدة إنسانية، لكن المشاركين لم يتخلوا عن لغة التفاؤل، إذ أشاد مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر بـ«اللحمة» السائدة بين الممثلين المتواجدين في روما حول الاتفاق، معتبراً أنهم يشكلون «القسم الأكبر من الليبيين».ولم يتوقف الأمر عند التفاؤل واللغة الوردية، بل امتد الى دعم دولي لـ«جهود الشعب الليبي لجعل ليبيا دولة آمنة وديمقراطية ومزدهرة وموحدة».

وترغب القوى الغربية في أن تتولى حكومة وحدة وطنية السلطة في البلاد، للتصدي لتزايد نفوذ تنظيم «داعش» في محيط مكان تواجده في سرت، وكذلك شبكات المهربين الذين يرسلون شهرياً إلى إيطاليا آلاف المهاجرين في ظروف غير إنسانية.

منتقدو الاتفاق: تسريع التوقيع يمكن أن يعمق الانقسام .. ومؤيدوه: لا خيار آخر لحل الأزمة

وكان من المفترض أن يوقع أطراف الحوار أمس في الصخيرات بالمغرب، وينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية يكون مقرها في طرابلس في غضون 40 يوماً. غير أن منتقدي الاتفاق يحذرون من أن أية محاولة لتسريع عملية المصالحة يمكن أن يعمق الانقسام، ويذكرون بأن الظروف الأمنية غير متوافرة بعد في طرابلس.

الموقف الأميركي جاء واضحا وحاسما ولم يخل من لهجة التحذير الواضح، إذ قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري: «لا يمكننا السماح باستمرار الوضع القائم في ليبيا». مضيفاً أنه «خطر على بقاء ليبيا وخطر على الليبيين لا سيما وأن تنظيم داعش يعزز حالياً تواجده، إنه أمر خطر لكل العالم».

واعتبرت فرنسا، على لسان وزيرها المكلف الشؤون الأوروبية هارلم ديزير، «إن هذه العملية تشكل أولوية مطلقة للأمن الدولي، خصوصاً في المتوسط»، مشيرا إلى ضرورة محاربة الجهات التي لا تساند الاتفاق».

ويثير وجود آلاف من مقاتلي تنظيم «داعش» في منطقة سرت الساحلية مخاوف كبرى في العالم، خصوصاً أن بعض المسؤولين المحليين يتحدثون عن مئات الجهاديين الأجانب، الذين يأتون للتدرب قبل العودة لشن هجمات أو خوض معارك في بلدان أخرى.

وتعهد وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني بمواجهة: «إالمجموعة الدولية لهذا التهديد في الأشهر المقبلة، كما هي تواجهه اليوم في أماكن أخرى»، في إشارة إلى العراق وسورية.

وأضاف: «إن إيطاليا ستلعب دوراً أساسياً»، فيما أبدت روما استعدادها لقيادة تدخل عسكري محتمل في حال نال موافقة حكومة معترف بها دولياً وتفويضاً واضحاً من الأمم المتحدة.

وحذر ديزير من «أن فرنسا منخرطة في قتال داعش في سورية والعراق، وسنحارب داعش في أي مكان يشكل فيه تهديداً لأمننا».

وبعد توقيع الاتفاق الأربعاء في المغرب «سيتبنى مجلس الأمن الدولي قراراً يدعم حكومة الوحدة الوطنية، سيتيح للمجتمع الدولي دعم هذه الحكومة في مهمتها، خصوصاً في ضمان الأمن في ليبيا»، بحسب ما أعلن الوزير الفرنسي.

وسيكون على هذه الحكومة، علاوة على الاهتمام بالقضايا الأمنية والتصدي للإرهاب، إعادة إحياء الاقتصاد الليبي، وإصلاح الخدمات العامة للسكان ومكافحة الاتجار في البشر المزدهر حالياً في البلاد، بحسب ديزير.

غير أن كثيراً من المراقبين يرون أن هذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه تحت الضغط من خلال وساطة أجنبية، يبقى «رهاناً غير مسؤول»، حسب ما قالت وزيرة الخارجية الإيطالية السابقة إيما بونينو والدبلوماسي الفرنسي الكبير جان ماري غيهينو في مجلة «بوليتيكو».

ونصَّ اتفاق الصخيرات في أكتوبر الماضي، على أن يتولى فائز السراج عضو مجلس النواب رئاسة حكومة وفاق وطني، غير أن الدبلوماسيين استبعدوا أن تسمح الظروف الأمنية بأن يتولى الوزراء مهامهم في طرابلس، ما من شأنه أن يتسبب بمعارك جديدة في العاصمة.

وفي أول رد له على نتائج اجتماع روما رفضت رئاسة «المؤتمر» نتائج الاجتماع، بالرغم من مشاركة النائب الثاني صالح المخزوم، وهي المشاركة التي أشعلت مواجهة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، بين حزب «العدالة والبناء» الذي ينتمي إليه المخزوم، وبين رئاسة «المؤتمر» و«غرفة ثوار ليبيا» التي وصفت مشاركة المخزوم بأنه «انتحال صفة رئيس فريق الحوار الممثل للمؤتمر الوطني»، وكان المخزوم استقال من رئاسة لجنة الحوار الممثلة للمؤتمر، وعيـِّن مكانه النائب الأول عوض عبد الصادق الذي وقع في تونس مع عضو مجلس النواب إبراهيم عميش إعلان المبادئ.

وقلب حزب العدالة والبناء الطاولة بالقول: «إن المؤتمر الوطني العام أصبح معطلاً نتيجة تصرفات رئاسته، مما جعل الدكتور صالح المخزوم يتقدم لملء الفراغ».

واعتبر الحزب، أن المؤتمر الوطني العام «تعطل كمؤسسة شورية تعمل وفق النظم؛ نتيجة تصرفات رئاسته، وأن الدكتور صالح المخزوم يتقدم لملء الفراغ الناتج عن تعطيل قرار الشورى بالمؤتمر».

وأكد الحزب أن النائب الثاني لرئيس المؤتمر الدكتور المخزوم «يمثل أعضاء المؤتمر الوطني العام الموافقين على مسار الحوار السياسي الليبي»، الذي ترعاه الأمم المتحدة.

وجاء بيان الحزب رداً على «غرفة ثوار ليبيا» التي أصدرت بياناً وصفت مشاركة صالح المخزوم في مؤتمر روما بأنه «انتحال صفة رئيس فريق الحوار الممثل للمؤتمر الوطني».

أما رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح قويدر فقد اختار يوم الأحد الماضي توقيتاً لزيارة غينيا كونكري بدعوة من الرئيس ألفا كوندي، وهو ما رآه المراقبون رفضاً لنتائج اجتماع روما، خاصة بعد أن أوفد إلى تونس عضو مجلس النواب إبراهيم عميش للاتفاق على ما وصف بـ«الحوار الليبي - الليبي».

ثمة طرف آخر لن يستجيب لقرار «اجتماع روما» بوقف إطلاق النار في عموم ليبيا، فالحرب الدائرة في بنغازي وضواحي درنة التي يقودها القائد العام للجيش الليبي الفريق أول ركن خليفة حفتر، ستفرض على أطراف في مجلس النواب رفض القرار والاستمرار في الحرب، خصوصاً أن «بيان روما» لم يشر إلا إلى تنظيم «داعش» في سرت، وتجاهل وجود التنظيم في درنة وبنغازي وأخيراً في إجدابيا، وهو ما جعل بعض المراقبين يؤكدون أن ثمة ضغطاً من الولايات المتحدة وبريطانيا لتمرير البيان بهذه الكيفية.

وفي الوقت نفسه لن تستطيع حكومة التوافق تجاهل مطالب قيادة الجيش برفع حظر تسليح الجيش الليبي لمحاربة الإرهاب سواء كانت في طرابلس أو في أي مكان من ليبيا.

ويمكن القول إن «اجتماع روما» قدم للفرقاء الليبيين جزرة كبيرة في يد، بينما مسك العصا باليد الأخرى، فهل ستجبر العقوبات الدولية بعض الشخصيات المعارضة على الاكتفاء من الغنيمة بالإياب، أم أن استعداد إيطاليا لقيادة قوة دولية، بموافقة مجلس الأمن، سيكون هو العصا الحقيقية وسيعيد خلط الأوراق من جديد؟

«الحوار الليبي» انطلق من غدامس وحط في الصخيرات
«الحوار الليبي» انطلق من غدامس وحط في الصخيرات

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
تقرير دولي: أكبر حصة من العمال المهاجرين الأفارقة توجد في ليبيا
تقرير دولي: أكبر حصة من العمال المهاجرين الأفارقة توجد في ليبيا
ارتفاع الدولار مقابل الدينار الليبي في السوق الموازية (الخميس 28 مارس 2024)
ارتفاع الدولار مقابل الدينار الليبي في السوق الموازية (الخميس 28 ...
وصول قطع غيار ألمانية إلى محطة كهرباء بالجبل الغربي
وصول قطع غيار ألمانية إلى محطة كهرباء بالجبل الغربي
وصول أولى رحلات شركة الخطوط الجوية التركية إلى مطار معيتيقة
وصول أولى رحلات شركة الخطوط الجوية التركية إلى مطار معيتيقة
«المركزي»: فتح 339 اعتمادًا مستنديًا للشركات
«المركزي»: فتح 339 اعتمادًا مستنديًا للشركات
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم