Atwasat

رجل الأعمال حسني بي: انقسام «المركزي».. «وهم» والدعم بوابة للفساد والاقتتال!

القاهرة - بوابة الوسط: علاء حمودة السبت 05 ديسمبر 2015, 03:00 مساء
WTV_Frequency

يشخص رجل الأعمال البارز ورئيس «مجموعة حسني بي» الاقتصادية حسني بي الأوجاع الاقتصادية في البلاد، ويقترح روشتات لحلول يراها ـ من وجهة نظره ـ سبيلاً لخروج ليبيا من أزمتها الاقتصادية.

وعلى الرغم من تراكم تحديات ليبيا، فإنه لا يزال يتمسك بالأمل في عودة الاستقرار، منتقدًا ما اعتبرها «أزمة أخلاق» تاريخية ومصالح ذاتية وسوء إدارة يتحكم في المشهد ويعطل دوران عجلة الاقتصاد الوطني.

في حوار شامل إلى جريدة «الوسط» نُشر بعددها الأسبوعي الثاني قدم حسني بي رؤيته لأسباب أزمة الدينار، ووصف الدعم السلعي بأنه بوابة الفساد والاقتتال القبلي، وانتقد سيطرة الدولة الكاملة وعدم التخطيط الشامل، منوهًا بأنها أكبر عقبات الاستثمار، وكان هذا نص الحوار:

- كيف تقرأ خارطة المشهد الاقتصادي في ظل الأوضاع المأزومة التي تعيشها البلاد؟
• نحن في أزمة اقتصادية من خلق أيدينا، وليبيا وطن تتوافر له كل المقومات الاقتصادية للخروج من المأزق، لكن هناك مَن يبحثون عن مصالحهم الآنية، بعضها تحت عنوان سياسي أو قبلي أو عرقي... إلخ، وأشبههم بالممثلين الذين يبحثون عن أدوار ويرضون حتى بدور كومبارس ليبقوا بالمشهد.

وعلينا أن نعترف بأن الإقصاء والتجاذبات والمصالح الذاتية هي جوهر معاناة الوطن وأزمتنا الليبية، فكل طرف يشير بأصابع الاتهام للطرف الآخر دون الحكم أولاً على الذات.

- وهل هذا الوضع وليد اليوم؟
• لا، إنه وضع بائس ولد منذ سبتمبر 1978، حين شرعن نظام القذافي النهب والسرقة والحرابة والقتل تحت شعارات «شركاء لا أجراء» و«البيت لساكنه» و«الأرض ليست ملكًا لأحد» و«السيارة لمن يقودها»، وحين أُطلقت نظرية أو أكذوبة «سلطة الشعب» فقاد ذلك النهج البلاد إلى «الفوضى الخلاقة العارمة التي نعيشها منذ أربع سنوات بعد الثورة».

سيطرة الدولة الكاملة وعدم التخطيط الشامل أكبر عقبات الاستثمار

 - لكن ثورة 17 فبراير أطاحت هذا النظام؟
• الثورة أطاحت الأشخاص ولم تغير النظام والمنظومة والسياسات، فقد أدار الدولة شخصيات تشبعت بثقافة التخوين والإقصاء والكذب والافتراء على الخصم، وحتى نخرج من دوامة الماضي لا بد من مصالحة وطنية شاملة واعتراف وطني بضرورة تغيير المنظومة والسياسات المنبثقة منها.

- وسط الانقسام الوطني واستمرار السياسات القديمة.. أين تجد انعكاسات ذلك على المشهد الاقتصادي؟
• هناك حقائق ثابتة، أهمها أن النفط يمثل 97% من موازنة الدولة، والدولة تسيطر على 85% من الناتج العام الليبي، من خلال خزانة واحدة ومصرف مركزي واحد ومؤسسة نفط واحدة، وحتى آثار انخفاض أسعار النفط أو تدني استخراجه يشمل الجميع، والأرصدة بالخارج تعوض العجز في الموازنة ومنها تصرِف المرتبات.

وعلى الرغم من الانقسام وازدواجية المؤسسات التشريعية والتنفيذية، فإن الوضع الاقتصادي يمثل حزمة واحدة، وأؤكد أن تلك الازدواجية المؤسسية بين طبرق وطرابلس شكلية، وتوحيد البيت الليبي يحتاج إلى إرادة حقيقية وإعلاء لمصلحة الوطن، ومحاربة ثقافة الفساد المتجذرة.

- تفاقمت أزمة الدينار أخيرًا حتى وصل سعر الدولار في السوق الموازية إلى 3.70 للدينار.. فأين ترى موضع الخلل؟
• السياسات المالية والاقتصادية وجميع القرارات تؤثر في أسعار الصرف والتضخم، مثلما الحال في نظرية «الأواني المستطرقة»، حيث التوازن فرض نفسه على المشهد وعلى أزمة الدينار، لقد كان إنتاج ليبيا النفطي مليونًا و600 ألف برميل، والموازنة العامة تعتمد على إيرادات النفط والأرصدة الخارجية بنسبة 97%، لكن هناك تشكيلات مسلحة تحتل آبارًَا وتغلق أنابيب النفط وتحتل مصافي وموانئ، مما يوقف هذا التدفق، الذي كان يدر عائدات من الدولار على ليبيا، إذ يصل العجز إلى 25 مليار دولار نظرًا لتدني إيرادات النفط إلى عشرة مليارات بدلاً عن 35 مليارًا، في حين تبلغ تكلفة الإنفاق الحكومي على الرواتب والدعم نحو 43 مليار دينار، ومن ثم فإن ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية أمر طبيعي، والحل يكمن في إعادة تشغيل الآبار النفطية والرجوع إلى مستويات الاستخراج (1.6 مليون برميل يوميًا).

- هل هذا هو جوهر المشكلة التي يمر بها الاقتصاد الوطني حاليًا فقط؟
• بالإضافة لوقف تدفق النفط بمعدلاته الطبيعية بالطبع هناك سببان آخران، الأول هو العدد الضخم للموظفين العموميين وازدواجية المرتبات، الذين يشكلون ضغطاً على موازنة الدولة، وهنا أقول إن العمل بنظام الرقم الوطني أمر مفيد، خصوصًا أنه خفض مخصصات المرتبات من 24 إلى 16 مليار سنويًا بواقع ثمانية مليارات دينار، وقبل هذا القانون كان بعض الموظفين يتقاضون مرتبات عدة أرهقت الدولة.

أما المشكلة الثانية فهي مخصصات الدعم وسوء إدارتها وتوزيعها بسبب البضائع المدعومة التي تُسرَق وتُهرَّب، وهي سبب المعارك بين بعض العناصر للسيطرة على الممرات الحدودية، وسميت بحروف بين القبائل، وانتقلت عدواها إلى المدن، وبالطبع فإن هذا المناخ الفاسد حقق مكاسب تصل إلى 1000%، ولن تجدي معه محاولات منع التهريب لأن المنظومة فاسدة وتفسد النزيه.

نعم لمنافسة حكومية «مشروطة».. ولم أطالب بتغيير قانون المصارف

- وما الحل؟
• لا خيار إلا استبدال الدعم السلعي بدعم نقدي، فمنح المواطن المال ليشتري السلع من السوق الحرة، يجفف منابع الفساد والتهريب والسرقات، فالدعم بصورته الحالية يكلف الدولة 220 دينارًا للفرد شهريًا، وتحويله إلى نقدي سيوفر خمسة مليارات دولار من ميزان المدفوعات، وسبعة ملايين دينار من مخصصات الدعم.

- أين ترصد المعوقات التي تقف في طريق المستثمر المحلي أو الأجنبي؟
• في أية دولة يمثل التخطيط والوصفات الفنية 60% من الناتج العام، في حين تتقلص هذه النسبة في الولايات المتحدة وغرب أوروبا لتبلغ 30%.

لكن الدولة الليبية لا تزال تخطط وتنشئ وتسوق للمزارع والمصانع والمساكن، في حين يغيب التخطيط الشامل والمحفظات الخدمية.

وكما سبق أن ذكرت فإن المقومات الاقتصادية ممتازة، لكن الإدارة سيئة، وبالإمكان خلق ثروة للجميع بالتخطيط العمراني والصناعي والمناطق التجارية، مع خروج رأس مال الدولة من الدورة الاقتصادية، ومساواة جميع القطاعات بناء على القانون التجاري، والتزام الجميع بدفع الضرائب والضمان الاجتماعي والجمارك والرسوم، أو باختصار فإن واجب الدولة هو التخطيط والتقنين، وعلى الشعب الإنتاج والاستثمار والنمو.

- إذن.. هل يمكن استنتاج رفضك الكامل لمشاركة الدولة في العملية الاستثمارية؟
• على العكس، ليس عندي مشكلة مع منافسة شركات الدولة، شريطة أن تكون شركات قطاع عام مملوكة لوزارة الخزانة، وذات هيكل مؤسسي ربحي، وتنمو وتنجح بإدارتها الذاتية، لا أن تخضع لحماية ورعاية الوزارة وتقتطع من موازنة الدولة لتغطية خسائرها.

أوقفنا التوسعات الاقتصادية في مجموعتنا بعد الانقسام السياسي

 - ديوان المحاسبة رفع الحجز على حسابات بعض شركات المجموعة الاقتصادية التي تمتلكها.. فما ملابسات ما حدث؟
• نهاية أكتوبر الماضي، اُتُّهمنا ظلمًا ودون دليل بتهريب نقد أجنبي وتزوير مستندات رسمية، والتهرب من دفع الرسوم الجمركية، وترتب على هذا أضرار مادية ومعنوية لشركة يعمل بها 2500 موظف وعامل، إلى جانب فقد الثقة بالمؤسسات المالية والعمل بالقطاع الخاص في البلاد.

وبعد ثلاثة أسابيع، رفع الديوان الحجز عن حسابات شركات، ولي أن أوضح أن التهمتين الأولى والثانية لا تخصانا، أما الرسوم الجمركية والبالغة 17 ألف دينار فرق رسوم فقد جرى تسويتها، وفي مثل تلك الحالات يكون المخلِّص الجمركي هو المتهم.

- هل تفكر في إقامة دعوى قضائية للتعويض؟
• رغم الأضرار، فإن جهدنا انصب على مواجهة هذا الاتهام، ومعالجة آثاره المادية والمعنوية على المركز المالي للمجموعة، وندرك أن هذا خطأ وقع فيه موظف، ولا يجب أن تدفع ثمنه الدولة، فالدولة يكفيها همومها وأزماتها.

- ألا تخشى تكرار هذه النوعية من الاتهامات في المستقبل؟
• لقد اُتُّهمت في حياتي تسع مرات، وتعرضت للحبس احتياطيًا سبع مرات، والمنع من السفر 13 مرة، والسجن، وكلها اتهامات لم أفكر بعدها في طلب تعويض، لكن ركزت على العمل لخدمة ليبيا واقتصادها.

- لكنك متهم اليوم شعبيًا بالاحتكار في ظل أزمة الغلاء التي تعيشها البلاد.
• لا أساس لهذا الاتهام من الصحة، وهناك خلط بين احتكار السلع وبين احتكار العلامة التجارية، فالاحتكار يكون للأولى وليس للثانية، وفي السوق الليبية هناك مئات العلامات التجارية، وبالتالي أنا بريء من هذه التهمة.

- تحدثت في مواقع عدة عن شراكتك في مصرف «السرايا» وقلت إنك تتمنى امتلاكه لولا العوائق القانونية.. فهل تطالب بتغيير قانون المصارف مثلاً؟
• أفتخر بمساهمتي كشريك بهذا المصرف، الذي تحول من أهلي إلى تجاري، والقانون لا يسمح لأي فرد وعائلته للدرجة الرابعة بامتلاك ما يتعدى 5%، وأحقية الشركات المساهمة امتلاك 5% من أسهمه لكل شركة، مع نص القانون عدم جواز امتلاك أكثر من 30% من أسهم المصارف، لكنني لا أطالب بتغيير القانون ونحترمه كعائلة وكشركات، بل أطمح لأن يصبح أكبر مصرف ليبي ونموذجًا في الشفافية والالتزام بقواعد الحوكمة وجودة الخدمات.

«الوفاق الوطني» هو المَخرج الوحيد من سيناريو «الصوملة»

- هل تفكر في طرح مبادرة اجتماعية لصالح الشعب خلال الفترة المقبلة؟
• نقدم عديد المساهمات على صعيد الدور الاجتماعي لرأس المال، لكن البلاد تعاني سوء إدارة الموارد، وهو ما يدفعنا لتكرار الدعوة إلى تغيير المنظومة بأكملها، وعلى رأسها منظومة الدعم التي تستنزف الموازنة.

- وما تأثير الانقسام السياسي الحادث في البلاد على أنشطتكم؟
• وقفنا التوسعات الاقتصادية كافة بعد أن زادت حدة التجاذبات السياسية في البلاد، واكتفينا بافتتاح ثلاثة مصانع، أحدها للعصائر والثاني للأجبان والثالث للمفروشات، وبديهي القول إن أية مشاريع جديدة رهن لعودة الاستقرار والتئام حكومة التوافق وبرلمان موحد وناتج محلي موحد ورقابة مالية موحدة.

- كيف ترى مستقبل ليبيا؟
• رغم كل الصعوبات لم أتخل عن تفاؤلي، فالنظرة طويلة المدى تؤكد أن أزمة ليبيا ليست مستعصية على الحل، وأن أكثر من 95% من الليبيين يريدون السلام والاستقرار والوفاق، أما القلة المتبقية، التي لا تصل إلى 5% من الشعب الليبي، فهم المستفيدون من الإقصاء والتجاذبات، وأعتقد أن الخلاص لن يأتي إلا بحكومة توافق أيًا كانت الأسماء، لأن عكس ذلك يعني «صوملة» ليبيا وكل قبيلة لها حدودها، والشعب لا يريد ذلك.

- ماذا سيكون قرارك بعد عودة الاستقرار؟
• لحظة فرح أنتظرها بفارغ الصبر، وسأنخرط وقتئذٍ في مشاريع الإعمار لإعادة بناء الوطن من خلال شركات المجموعة بمختلف مجالات اختصاصها، التي نعتقد أن أهمها كما سبق ذكره الاستثمارات العقارية والصناعية والتجارية بأنواعها. 

 

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«اقتصاد بلس» يناقش: هل تحمل مشاورات «المركزي» مع صندوق النقد حلولا اقتصادية؟
«اقتصاد بلس» يناقش: هل تحمل مشاورات «المركزي» مع صندوق النقد ...
«تغطية خاصة» ونقاش مفتوح: القضاء في مواجهة عقيلة والكبير!!
«تغطية خاصة» ونقاش مفتوح: القضاء في مواجهة عقيلة والكبير!!
الدبيبة في أديس أبابا على رأس وفد وزاري
الدبيبة في أديس أبابا على رأس وفد وزاري
حفتر يبحث «مجمل أوضاع الجنوب» مع حماد وعمداء بلديات الواحات
حفتر يبحث «مجمل أوضاع الجنوب» مع حماد وعمداء بلديات الواحات
الوحدة السادسة تدعم محطة كهرباء شمال بنغازي
الوحدة السادسة تدعم محطة كهرباء شمال بنغازي
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم