نجاح إبراهيم الجضران والمكتب السياسي لما يعرف بـ"إقليم برقة" على تحمل سيناريو المواجهة مع البحرية الليبية والميليشيات الموالية للحكومة سيوفر للجضران والمكتب أفضل فرصة حتى الآن لإقامة دولة مستقلة يسعون إليها، بحسب ما ورد في تقرير نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية.

ولفتت معدة التقرير أماندا كادليك النظر إلى أن التهديدات بتصدير النفط إلى أطراف خارجية خارج إطار القانون والدولة الليبيين بدأت منذ أشهر، مشيرًة إلى أن ذلك يمثل سلاحًا فعالًا في ترسانة الجماعات الانفصالية لمساومة الحكومة المركزية على السلطة.

إلا أن التقرير يحذر من أن الجضران وجماعته المسلحة الذين يحاصرون منذ صيف 2013 حقول نفطية وموانئ في شمالي شرق ليبيا، حيث يتركز معظم نفط البلاد، يمكن أن يعزلوا أنفسهم عن غالبية الدول التي تعمل بموجب القانون الدولي، أو ربما يمهدون، على الأرجح، الطريق لتجدد الحرب الأهلية في ليبيا في حال فشلت المفاوضات مع طرابلس.

وعدّ التقرير محاصرة من أسماهم "انفصاليين من المنطقة الشرقية" ثلاثة موانئ كُبرى في شمال ليبيا، هي "رأس لانوف" و"زويتينة" و"سدرة"، منذ شهر أغسطس خطوة صوب الاستيلاء على حصة أكبر من ثروة النفط الوطني وإعلان دولة ذاتية الحكم.

تهديدات حكومية مثيرة للسخرية
يشدد التقرير على أن عدم قدرة الحكومة المركزية على التدخل في هذه العمليات يقدم مثالًا آخر على عجزها. فقد رست ناقلة نفط ترفع علم كوريا الشمالية مؤخرًا على الساحل الليبي، ولكن السلطات المركزية أصدرت تهديدات بتفجيرها وصفها التقرير بأنها "فارغة".

التحذيرات التي توجهها الحكومة الليبية للميليشيات مرارًا وتكرارًا منذ بداية الفترة الانتقالية تذهب أدراج الرياح وتصبح مثار للسخرية

وبحسب التقرير، فقد ثبت فشل التحذيرات التي توجهها الحكومة للميليشيات مرارًا وتكرارًا منذ الأيام الأولى من الفترة الانتقالية. ومع مرور الوقت تذهب هذه التحذيرات أدراج الرياح أو تُقابل برد فعل عنيف من الميليشيات، وتصبح هذه التصريحات مثيرة للسخرية.

وعلى الرغم من إدخال تحسينات على القدرات البحرية في العام الماضي، بحيث امتلكت القدرة على التعبئة وإطلاق النيران، فإن الأمن على الأرض يقع في أيدي الميليشيات المنتشرة في البلاد بدلًا من الجيش الوطني.

ميزان القوى والتحالفات
رصد التقرير وقوف عدد من الألوية المسلحة التابعة للحكومة، هي ألوية "مصراتة" و"17 فبراير" و"درع ليبيا"، في مواجهة مناورات إبراهيم جضران.

ونوه التقرير إلى التقديرات التي تشير إلى أن عدد الرجال تحت قيادة الجضران يتراوح من ألفين إلى عشرين ألف شخص، مشيرا إلى أن مدى شعبية الجضران محل جدل.

يرى معظم الليبيين أفعال الجضران نوعًا من اللصوصية ومزاعمه بالسلطة الإقليمية جعجعة بلا طائل، على حد قول كادليك. وتضيف أن الجضران والعديد من رجال المكتب السياسي لبرقة غير إسلاميين أو مناوئين لهم، وهو ما يضعه تلقائيًا في خلاف مع القوى المتحالفة للإخوان المسلمين أو الجماعات الأخرى ذات الدوافع الدينية. ويسيطر على شرق ليبيا ميليشيات إسلامية قد تقف له بالمرصاد.

شراكة "الواحة للنفط" الليبية مع "ماراثون وكونوكو فيليبس وهيس" الأميريكية ربما يكون قد عجّل فرض واشنطن عقوبات على تهريب النفط الليبي

ويشير التقرير إلى أن بعض الشركات الكبرى، مثل إكسون وBP ورويال داتش شل، أوقفت عملياتها في ليبيا وسحبت موظفيها، ولكن ما يزال هناك عدة شركات أخرى لا تزال تعمل في ليبيا. وتعود ملكية ميناء السدرة إلى شركة "الواحة للنفط"، وهي شركة وطنية في شراكة مع شركة "ماراثون وكونوكو فيليبس وهيس" الأمريكية، وربما كان هذا هو السبب في تعجيل الولايات المتحدة بفرض عقوبات في حال بيع النفط بشكل غير قانوني، على حد قول كادليك معدّة التقرير.

رجال أعمال ليبيين
يلاحظ التقرير أن الجضران يواصل دفع رواتب قواته وتسليحهم. وفي ظل عدم إقبال مشترين معروفين لعرضه بيع النفط الليبي الخام عالي الجودة على أساس غير قانوني، تشير كادليك إلى أن مصادر تمويله تظل بمثابة لغز. ورجح التقرير أن الجضران يحصل على تمويل من رجال أعمال ليبيين أثرياء.

وتساءلت كادليك حول نقطة أخرى يكتنفها الغموض بخصوص مالك السفينة التي رفعت علم كوريا الشمالية ومن سيحصل على النفط في آخر المطاف؟ وقالت من المعروف أنها كانت مملوكة لشركة نفط خليجية في وقت من الأوقات، ولكن بقية التفاصيل ما تزال غامضة.

وتشكك التقرير في تبعية السفينة لكوريا الشمالية، حيث تتساءل كادليك "لماذا تقوم دولة مراقبة من قِبَل وكالات الاستخبارات الغربية برفع علمها في وسط البحر الأبيض المتوسط؟"