تشهد مدينة بنغازي منذ شهر مايو العام الماضي اشتباكات عنيفة؛ مما أدى إلى توقف عمل العديد من المؤسسات والجمعيات التي توجد مقارها في مناطق الاشتباكات. ومن بين الجمعيات التي تضررت وتوقف العمل بها جمعية الكفيف التي يوجد مقرها في منطقة سيدي حسين.

والتقت «بوابة الوسط» مع مدير مكتب العلاقات العامة بالجمعية إمراجع الشيخي ومساعد المدير التنفيذي بالجمعية فرج التركاوي للاطلاع على ما آلت إليه الأوضاع بالجمعية بعد توقف العمل والدراسة فيها. وقال فرج التركاوي لـ«بوابة الوسط» إن مبنى الجمعية تعرض لسقوط العديد من القذائف ويوجد به أضرار كبيرة حاليًا.

وأشار التركاوي إلى أن الدراسة والعمل بالجمعية توقفا بعد أحداث 15 أكتوبر من العام الماضي.

الجمعية خاوية
وأكد مدير مكتب العلاقات العامة بالجمعية لـ«بوابة الوسط» إمراجع الشيخي توقف برامج التدريس والرعاية بالجمعية منذ سبعة أشهر مضت. وقال: «كل الطلبة لدى ذويهم والجمعية خاوية حاليًا، ويقوم بعض الموظفين بالتردد عليها أحيانًا للاطمئنان على المقر ومحتوياته رغم المخاطر لوقوعها قرب منطقة اشتباكات».

وأضاف الشيخي أن «الجمعية لم يعد لديها تواصل مع المنظمات والهيئات الدولية التي هي عضو في بعض منها نظرًا لانقطاع العمل وانقطاع الكهرباء وتعطل أجهزة التواصل مثل الإنترنت والهواتف».

وأكد الشيخي أن «مؤسسات المجتمع المدني في مدينة بنغازي لم تتواصل معنا طيلة الفترة الماضية، وفي بداية ثورة 17 فبراير كان مقر الجمعية يعج بالجمعيات الأهلية لإقامة نشاطاتها المختلفة، كما فتحنا مخازن الجمعية لبرامج الإغاثة مع جمعية الهلال الأحمر دعمًا من الجمعية لثورة 17 فبراير».

قرار الدعم «حبر على ورق»
وبخصوص أوضاع الجمعية المالية، أوضح الشيخي أن «الجمعية منذ بداية تأسيسها تعتمد بنسبة كبيرة جدًا على هبات وتبرعات الدولة والمجتمع. ووصلنا مع بداية السبعينات إلى نوع من النضج الاقتصادي حيث أسسنا مصنعًا لتصنيع أدوات النظافة العام 1974 ويعتبر أكبر مصنع في البلاد.

وكان إنتاج المصنع يغطي السوق المحلي بالكامل واستطعنا بعد فترة الاستغناء عن المساعدات التي كانت تقدمها لنا الدولة وطلبنا توجيه الدعم إلى جهات ومؤسسات أخرى مثل الصم والبكم والقدرات الذهنية لأننا اعتمدنا على أنفسنا».

وأضاف الشيخي: «هذا الأمر استمر إلى بداية التسعينات ولكن بعد انفتاح السوق على الدول المجاورة (مصر وتونس) ودخول البضائع بكثرة وتعرض مصنع الجمعية إلى منافسة شديدة، انخفضت الأسعار مما أضر بالجمعية وقمنا بمخاطبة الكثير من المسؤولين.

وآخر مخاطباتنا كانت لحكومة علي زيدان في العام 2013. وصدر قرار بدعم جمعيتي المكفوفين في بنغازي وطرابلس بما قيمته نصف مليون دينار سنويًا لكل جمعية. وخاطبنا مصرف ليبيا المركزي ووزارة المالية لتطبيق القرار الذي مازال حبرًا على ورق حتى هذه اللحظة منذ صدوره».

كما أوضح الشيخي أن «الجمعية تقوم بصرف مرتبات قرابة 80 موظفًا، ونعاني حاليًا من ضائقة مالية وعجز عن دفع مرتبات شهري مارس وأبريل». وقال الشيخي إن قيمة المرتبات تصل إلى 75 ألف دينار شهريًا بالإضافة إلى التزامات أخرى تبلغ 15 ألف دينار.

وأشار الشيخي إلى أن «الشخص الكفيف عندما ينقطع عن الدراسة والتأهيل والتدريب يصبح في عزلة بين أربعة جدران وقد يصاب بمشاكل نفسية واجتماعية». وأعرب عن أمله في عودة الأمور إلى مسارها الصحيح والهدوء والطمأنينة إلى المدينة حتى يتمكن المكفوفون المنتسبون للجمعية من كافة المدن والقرى من العودة للاستفادة من الدراسة وممارسة الأنشطة المفيدة لصحتهم ومساهمة في تخفيف العبء عن ذويهم.

أزمة مالية حادة
وأوضح التركاوي أن «الموارد الذاتية والأساسية للجمعية التي تغطي بها مصروفاتها هي حصيلة بيع منتجات مصنع أدوات النظافة وعيادة العلاج الطبيعي واستثماراتها من الإيجارات من العمارة السكنية التي تمتلكها ومن بعض المخازن وكلها تقع داخل مناطق الاشتباكات مما أدى إلى انقطاع العائد المادي عن الجمعية».

وقال التركاوي: «نفدت مدخراتنا وسحبنا مؤخرًا أموالاً مخصصة لشراء بعض الأجهزة والمعدات لتسديد مرتبات شهر فبراير الماضي».

يذكر أن جمعية الكفيف في مدينة بنغازي أول جمعية تأسست في الثالث من ديسمبر العام 1961 برئاسة محمد بن سعود بهدف تعليم وتأهيل المكفوفين.

ويوجد في الجمعية مدرسة تضم طلبة في الصفوف الدراسية الابتدائية والإعدادية والثانوية، وقسم للرعاية الداخلية الكاملة، وأقسام أخرى للخدمات الثقافية والرعاية النفسية والاجتماعية والتأهيل.

ويعمل بالجمعية أطقم متخصصة ومدربة عبر الـ50 سنة الماضية في مصر وتونس وبعض الدول الأوروبية. كما يعمل بالجمعية فريق مدرب من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين والمعلمين مدربين على رعاية المكفوفين.