Atwasat

معهد ألماني: التدخل الدولي في ليبيا يهدد بمفاقمة المشكلات وليس حلها

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 28 فبراير 2014, 05:18 مساء
WTV_Frequency

أجهض الواقع الليبي الراهن الافتراض الذي تأسس عليه انسحاب القوى الغربية من ليبيا بعد إسقاط نظام معمر القذافي بنجاح، بحسب ما يفيد تقرير نشره موقع إخباري بريطاني يشير إلى هذه القوى أملت عقب الانسحاب في أن تتمتع المرحلة الانتقالية الليبية بشرعية أوسع، وبالتالي تمتلك فرصًا أفضل للنجاح.

وأوضح مقال نشره "المعهد الألماني للشؤون الأمنية والدولية" أن الحكومات الغربية كانت تراقب الوضع في ليبيا بمزيد من الحيرة والقلق، على مدى عام كامل ازداد فيه الانفلات الأمني والتناحر السياسي والانهيار المؤسسي في البلاد.

إلا أن كاتب المقال الباحث المساعد في المعهد فولرام لاتشر، يحذر، في مقاله الذي نشر قبيل انعقاد لاجتماع الدولي الخاص بليبيا في روما يوم 6 مارس 2014، من احتمال أن يؤدي أي شكل من أشكال التدخل الخارجي في ليبيا إلى رفض عالمي واسع النطاق وإلى إثارة مشاكل أكثر من قدرته على معالجة أي من المشاكل القائمة بالفعل.

تحديات الداخل تهدد الجوار الليبي
يعدد المقال الذي حمل عنوان "العجز الدولي تجاه ليبيا"، الاضطرابات التي تتحدى توفير الاستقرار في ليبيا وإتمام المرحلة الانتقالية بعد إطاحة نظام معمر القذافي بنجاح. يصف الموقع الوضع في ليبيا بـ"القاتم" مشيرًا إلى إيقاف الميليشيات الجزء الأكبر من إنتاج النفط ووقوع عدة مناطق فريسةً لصراعات مريرة وتعرّض التحول السياسي في طرابلس إلى التوقف.

ولفت لاتشر المختص في شؤون أفريقيا والشرق الأوسط، النظر إلى أن حكومة رئيس الوزراء علي زيدان لم تحرز أي تقدم في ملف الأمن بينما عززت الميليشيات المحلية موقفها، بما يسمح بازدهار الجماعات المتطرفة والجريمة المنظمة.

وفي بنغازي، حسبما يلحظ المقال، بات أفراد الجيش والأجهزة الأمنية عُرضة للاغتيال يوميًا، دون خضوع أي شخص للمساءلة. أما في طرابلس، فقد تدهورت الأوضاع وأصبح المناخ السياسي مسمومًا على نحو متزايد بحيث أصبح العنف وسيلة روتينية لممارسة النفوذ السياسي، من خلال عمليات الخطف أو الهجمات على وسائل الإعلام أو حصار حقول النفط، على حد ما يقول التقرير.

بينما ينهمك المعسكران المتنافسان في المؤتمر الوطني العام في حروب لا نهاية لها، دخلت العملية السياسية في أزمة عميقة حول الشرعية

ويضيف المقال أنه بينما ينهمك المعسكران المتنافسان في المؤتمر الوطني العام في حروب لا نهاية لها، دخلت العملية السياسية في أزمة عميقة حول الشرعية. ويلحظ لاتشرفي هذا السياق أن نحو ثلث الناخبين المؤهلين هم فقط من سجلوا لانتخابات اللجنة التأسيسية للدستور بينما كانت نسبة الإقبال على تلك الانتخابات أقل من نصف هؤلاء الناخبين المسجلين، حيث قاطعت الأقليات العرقية التصويت.

وينم عدم الاهتمام بالانتخابات، بحسب لاتشر، عن فقدان أوسع للثقة في العملية السياسية. ويوضح المقال أن الصراعات الرئيسية حول السلطة لا تتم في قاعات المؤتمرات، وإنما في المنافسات على السيطرة على قطاع الأمن والحدود وحقول النفط. ويبدو توازن القوى بعد الثورة بعيد المنال.

وأكد لاتشر أن الحكومة لا تمثّل طرفًا فاعلًا، بل مرحلة لهذه الصراعات على السلطة. ويسيطر ممثلو المدن الفردية والقبائل وشبكات الأعمال التجارية ومختلف التيارات الإسلامية على الوزارات والهيئات العامة لحسابهم الخاص. ويرتبط الكثير منهم بعلاقات مع الجماعات المسلحة. ويعتبر قطاع الأمن خليط من الوحدات التي تمثّل مصالح سياسية معينة، وتشيع الاشتباكات فيما بينها. وهناك عدم وضوح للحدود بين الميليشيات المعتمدة رسميًّا والجيش.

وأخيرا حذر لاتشر من خطر امتداد الانفلات الأمني في ليبيا إلى البلدان المجاورة، أو إلى جنوب أوروبا، مرجحا تصاعد هذا الخطر في السنوات المقبلة.

أسئلة من دون جواب
 ومع تعمق الأزمة في ليبيا، تصاعدت النداءات في العواصم الغربية المطالبة بتوفير دعم أقوى للبلاد، بحسب لاتشر الذي يطرح عدد من التساؤلات الإشكالية أمام هذا الدعم: كيف يمكن دعم حكومة ليست وحدة واحدة؟ كيف يمكنك أن تساعد في إعادة بناء جيش بينما لم يُتخَّذ قرار بالجهة التي ستسيطر عليه؟

الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا تدرب 15 ألف متطوع ليبي لتأهيلهم حتى يصبحوا جنودًا، ولكن لا أحد يعرف الجهة التي ستشرف عليهم بعد إكمال تدريبهم

وأفاد المقال بأن المجتمع الدولي لا يمتلك جوابًا متماسكًا للرد على هذه الأسئلة، ولكن هذا لا يمنعه من المشاركة، حيث شرعت الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا في برنامج تدريبي واسع النطاق، يضم 15 ألف متطوع ليبي لتأهيلهم حتى يصبحوا جنودًا. ولكن لا أحد يعرف الجهة التي ستشرف عليهم بعد إكمال تدريبهم، حسبما يقول التقرير، الذي يشير إلى أن رئيس الوزراء زيدان ووزير دفاعه في مشاحنات يشتبكان في خلافات مع رئيس المؤتمر الوطني العام ورئيس هيئة الأركان من أجل سلطة القرار المتعلق بنشر القوات.

ويلاحظ المقال أن العناصر المسلحة التي تتدخل في النزاعات، بناء على طلب الحكومة أو بموافقتها، هي وحدات انبثقت من المجموعات الثورية المسلحة في كل مدينة من المدن الليبية. وبحسب التقرير فإنه يمكن لهذه الوحدات التدخل لتمتعها بأساس سياسي وأهداف واضحة، على عكس الحكومة.

ووفقًا للاتشر فإن الحكومة لا تفتقر إلى الجنود المدربين، وإنما إلى القدرة على اتخاذ القرارات والدعم السياسي اللازم لفرض النظام. ولن تعمل برامج التدريب على تغيير هذا الأمر، على حد قول التقرير.

معضلة السلاح
لفت لاتشر إلى أن الموضوع المهم لمؤتمر 6 مارس هو وضع مبادرات لنزع السلاح والسيطرة على الأسلحة ومخزونات الذخيرة. لا ريب أن انتشار الأسلحة يحتاج إلى معالجة عاجلة، إلا أن التقرير يتشكك بشأن ما إذا كانت الحكومات الغربية ستتبنى الإجراءات التي تتلاءم مع الحقائق على أرض الواقع.

لن تقوم أي ميليشيا بتسليم ترسانتها المسلحة إلى الحكومة طالما يحيط الغموض بمصالح الجهة التي تمثلها الحكومة، والغرب لا يملك حلا واقعيا للمشكلة

"لن تقوم أي ميليشيا بتسليم ترسانتها المسلحة إلى الحكومة طالما يحيط الغموض بمصالح الجهة التي تمثلها الحكومة" حسبما يرجح التقرير، مشيرا إلى أن الحل الموقت سيكون محاسبة الميليشيات عن مخزونات الأسلحة الخاضعة لسيطرتها، وتشجيعها على التعاون مع السلطات. ولكن لا يصلح مثل هذا النهج لإصدار بيانات ضخمة في المؤتمرات الدولية، بحسب التقرير.

ويشير المقال إلى الدعوات المتزايدة لاتخاذ خطوات من جانب واحد من قِبَل الحكومات الغربية نظرا لتمدد اليأس على نطاق واسع في سماء ليبيا. وقد طرح قائد الجيش الفرنسي فكرة إمكانية التدخل الدولي في جنوب ليبيا في يناير.

واعتبرت وسائل الإعلام الفرنسية المنطقة ملاذًا للجهاديين لعدة أشهر. لكن لاتشر يحذر من أن أي شكل من أشكال التدخل الخارجي في ليبيا سيؤدي إلى رفض عالمي واسع النطاق وسيتسبب في مشاكل أكثر مما سيعالج. ويلحظ المقال أنه في أكتوبر الماضي، بالفعل، كادت عملية خطف الولايات المتحدة لأبو أنس الليبي المشتبه في انتمائه للقاعدة أن تطيح حكومة زيدان.

ويشير لاتشر كذلك إلى أنه في ليبيا نفسها، غالبًا ما يتسم الموقف من دور الحكومات الأجنبية بقدر من الانفصام. فهناك نداءات ملحة للحصول على دعم خارجي أكبر لفترة الانتقال السياسي فيما هناك قناعة عميقة بأن القوى الخارجية تتدخل في النزاعات العديدة بالبلاد وتغذيها. ويبقى الدعم الرصين في شكل المشورة والخبرة هو النهج الصحيح.

وحذر المقال من أن يعطي الدعم الأجنبي أي انطباع بانحيازه نحو لاعبين بعينهم أو معسكرات بعينها، مؤكدًا عدم وجود حلول سريعة للفوضى في ليبيا، ولكن هناك بعض الفرص المحدودة لدعم العملية السياسية الممتدة وغير المستقرة ومفتوحة النهاية.

معهد ألماني: التدخل الدولي في ليبيا يهدد بمفاقمة المشكلات وليس حلها

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
من السبعة إلى الغرارات.. استمرار إزالة عقارات لفتح مسار الدائري الثالث (صور)
من السبعة إلى الغرارات.. استمرار إزالة عقارات لفتح مسار الدائري ...
البعثات الأوروبية تعليقا على استقالة باتيلي: يجب تمهيد الطريق لحكومة موحدة وانتخابات
البعثات الأوروبية تعليقا على استقالة باتيلي: يجب تمهيد الطريق ...
«أجوكو» و«إس إل بي» تبحثان تطوير الإنتاج النفطي في ليبيا
«أجوكو» و«إس إل بي» تبحثان تطوير الإنتاج النفطي في ليبيا
مصادر «المركزي» لـ«بوابة الوسط»: سحب ورقة الخمسين دينارا من التداول
مصادر «المركزي» لـ«بوابة الوسط»: سحب ورقة الخمسين دينارا من ...
تنفيذ «ويبلد» الإيطالية لطريق امساعد -المرج يتحدد مايو المقبل
تنفيذ «ويبلد» الإيطالية لطريق امساعد -المرج يتحدد مايو المقبل
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم