Atwasat

تعليق «بوابة الوسط»: الإرهاب سيحرق الجميع إن بقي طليقًا

القاهرة - بوابة الوسط السبت 21 فبراير 2015, 01:25 صباحا
WTV_Frequency

يأتي التصعيد الإرهابي الدموي الذي طال بلدة «القبة»، اليوم الجمعة، ضمن مسلسل جرائم القتل اغتيالًا وذبحًا وقطعًا للرؤوس وتفجير السيارات المفخَّخة، زد عليها جرائم الخطف والتعذيب والترويع النفسي والجسدي، في ما ينضوي كله تحت عنوان واحد هو «الإرهاب»، الذي صار يتحرك جهارًا في وضح النهار وبأسماء معلنة ومحدَّدة، بل إنَّه أصبح يبثُّ جرائمه البشعة مصوَّرةً وموثقةً تلفزيونيًّا وعلى شبكات (الإنترنت) على مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي ما فتئ يحمل شعار «الحرب على الإرهاب».

غير أنَّ هذا المجتمع الدولي نفسه، وعلى رأسه الدول الكبرى، نراه يرفع صوته عاليًّا منددًا ومتوعدًا بل ويرد بقوة كلما استهدف الإرهاب بلدانًا أو جنسيات بعينها، ويدعو إلى مقاطعة ومحاصرة ومطاردة من يؤوي أو يموِّل الإرهاب، لكن عندما يطال الإرهاب وفي أبشع صوره بلدانًا أو جنسيات أخرى لا نسمع هذا الصوت، وإنْ حدث فسنسمعه خافتًا خجولاً وربما مترددًا، وإلا كيف نفسِّر تلك التظاهرات الدولية الرسمية تحديدًا والتعبئة الإعلامية الكونية المواكِبة لها التي تخرج «غاضبة» كلما ضرب الإرهاب أماكن بعينها، ثم تختفي ولا نراها حين يتعلق الأمر ببلدان وشعوب أخرى؟!

بالأمس شهدت العاصمة الفرنسية إحدى أكبر التظاهرات الرسمية ضد الإرهاب شارك فيها عددٌ كبيرٌ من قادة العالم إثر الهجوم الإرهابي الذي استهدف مقر جريدة «شارلي إيبدو» الفرنسية وأدى إلى مقتل 12 من صحفييها، وشارك قادة عرب في تلك التظاهرة من منطلق أنَّ الإرهاب واحد أينما كان وأيًّا كان فاعله أو جنسيته أو دينه، لكننا لن نرى تلك التظاهرة تتكرر في غير مكان وتحديدًا في منطقتنا التي يكاد يصبح فيها الإرهاب والتفجير والدم جزءًا من الحياة اليومية فيها، بل الأسوأ هو أننا سنجد مَن يشكك ويختلف في توصيف هذا الإرهاب ويتباطأ في إعلان موقف منه رغم فظاعة الجريمة.

قبل أيام استيقظ هذا المجتمع الدولي نفسه على مشهد إرهابي مريع، حين بثَّ تنظيم «داعش» صورًا متحركة وثابتة لعملية ذبح 21 مصريًّا كان التنظيم خطفهم في ليبيا، ولم نر اصطفافًا دوليًّا في حجم ذلك الذي رأيناه في باريس. واليوم يضرب الإرهاب بقوة وبوحشية بلدةً ليبيةً آمنةً هي «القبة» فيُقتل من أبنائها بتفجير ثلاث سيارات ملغومة ثلاثة أضعاف مَن قتلوا في حادثة «شارلي إيبدو»، وهي عملية إرهابية غير مسبوقة في شكلها وحجمها تشهدها ليبيا، ويأتي رد الفعل بطيئًا خجولاً لا يمكن قياسه بالرد الذي شاهدناه في باريس، لم نسمع جهة أعلنت أنَّها ستلاحق الإرهابيين على الرغم من أنَّهم كشفوا هويتهم ومكان وجودهم و«تلفزوا» جريمتهم!.

وفي السياق يأتي تفجير «القبة» في وقت يناقش فيه مجلس الأمن مشروعًا عربيًّا لرفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي كي يتسنى له الدفاع عن بلده وحماية وطنه ومواطنيه من الأخطار التي تهدِّد بلاده وفي مقدِّمتها الإرهاب، ويساعد العالم في حربه ضد هذا الغول، فنسمع مَن يبدي تحفُّظه ومَن يبرر لاستمرار الحظر وترك ليبيا دون جيش أو بجيش منزوع السلاح في وجه إرهاب مدجَّج ومدعوم بالمال والسلاح، يهدد ويتحدى المجتمع الدولي كله عبر تصعيد عملياته، وليس آخرها تفجيرات «القبة» المروعة.

لا يطلب الليبيون من قادة العالم ومتصدري الحملة على الإرهاب ليأتوا إلى ليبيا ليتضامنوا معهم ويتظاهروا ضد الإرهاب والإرهابيين، لأنَّ بلدهم غير آمنة، وحكومتها لا تستطيع حماية هؤلاء على أرضها، وهي غير القادرة حتى على حماية نفسها، لكنهم، أي الليبيين، يريدون سماع أصوات أولئك القادة وأفعالهم وصدقية شعاراتهم التي يعلنون تحتها مكافحة الإرهاب، مرددين إنَّ الإرهاب هو الإرهاب وعلينا جميعًا محاربته.

إنَّ أي تراخٍ من قبل المجتمع الدولي، ويمثله الآن مجلس الأمن، في رفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي كقوة شرعية مستمَدة من شرعية مجلس النواب الليبي المنتخب ومن حكومته التي يعترف بها العالم، سيصب في رصيد الإرهاب، وسيعمل بشكل أو آخر على توفير مناخ آمن للإرهابيين ليمضوا في تصعيد ونشر الإرهاب الذي ستحرق ناره الجميع إنْ بقي طليقًا.

 

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
بالصور.. إصلاح أعطال الكهرباء في درنة
بالصور.. إصلاح أعطال الكهرباء في درنة
الكبير يبحث مع فريق بنك «نيويورك ميلون» مكافحة غسل الأموال
الكبير يبحث مع فريق بنك «نيويورك ميلون» مكافحة غسل الأموال
أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الدينار في السوق الرسمية (الأربعاء 24 أبريل 2024)
أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الدينار في السوق الرسمية ...
بالصور.. تسليم أمصال العقارب في المنطقة الجنوبية
بالصور.. تسليم أمصال العقارب في المنطقة الجنوبية
اختتام اجتماع وزراء شباب تجمع دول الساحل والصحراء في طرابلس
اختتام اجتماع وزراء شباب تجمع دول الساحل والصحراء في طرابلس
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم