Atwasat

«بوابة الوسط» تستطلع آراء نخبة الجزائر حول الوضع بليبيا

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني السبت 27 ديسمبر 2014, 07:21 مساء
WTV_Frequency

- الخطاب الرسمي الجزائري يتمسك بنبرة التحذير من «اليد الخارجية»
- جيلالي سفيان: الحوار الذي تحاول الجزائر رعايته مجرد فرقعة سياسية
- الأحزاب الإسلامية المحسوبة على المعارضة «تزكي» الجهود الحكومية لحلحلة الأزمة الليبية
- خبير سياسي: أتباع القذافي ما زالوا يمثلون قاعدة اجتماعية وسياسية

قسّمت الأزمة الليبية الطبقة السياسية في الجزائر إلى ثلاثة أطياف، بين مُشجِّع للتحرك الرسمي لرأب الصدع في البلاد، وآخر يتهم دولًا عربية بـ«التآمر» على الثورة الليبية، وفريق ثالث يرى الموقف الرسمي «مترددًا» أملته ظروف جيوسياسية على صناع القرار.

ويتمسك الخطاب الرسمي بنبرة التحذير من «اليد الخارجية» المتآمرة على ليبيا والجزائر معًا، مستندة إلى آثار تدخل حلف الأطلسي قبل سنوات لإسقاط نظام معمر القذافي الذي أوت الجزائر عائلته بعد مقتله.

الناطق باسم الحزب الحاكم في الجزائر «جبهة التحرير الوطني»، سعيد بوحجة، يصف حوار الليبيين بالأمر الصعب، داعيًا إلى ضرورة وضع مصلحة البلد فوق كل اعتبار، بعيدًا عن الإملاءات الخارجية التي وسّعت الهوة داخل البلاد.

ورفض السياسي المُقرَّب من دوائر السلطة اتهام بلاده بتقديم إملاءات على أحد أطراف الأزمة في ليبيا، قائلاً: «الجزائر لا تملي على أحد، وإنما نحن بحاجة إلى توعيتهم بضرورة التحاور والتشاور للخروج من المرحلة العقيمة لتأسيس دولة مستقرة بجوارنا».

ثورة أم «مؤامرة»
ويرى بوحجة، في تصريح إلى «بوابة الوسط»، أن اتهام دول عربية بدعم جهة على حساب أخرى في ليبيا لا يستند إلى أدلة قاطعة، رغم توضيحه أن مصر تحاول قطع الطريق أمام التدخل الأجنبي، رغم أن القاهرة تعيش أزمة أمنية خانقة، ونظرتها للأحداث تختلف عن نظرة الجزائر.

ويسود اعتقاد لدى مقربين من دوائر الحكم في الجزائر بأن القاهرة كانت لها يد في إفساد الحوار الليبي عن طريق دعم جهة على حساب أخرى، بينما تحدث الأمين العام للحزب الحاكم أن المؤامرة التي ضربت دول ما يعرف بالربيع العربي، ومنها ليبيا، تحاول أن تجر بلاده نحو آتون الفوضى.

رغم تأكيد الناطق باسم جبهة التحرير الوطني أن ما وقع في ليبيا العام 2011 كان «ثورة»، لكنّه لا يؤمن بوجود «الربيع العربي».

ورغم تأكيد الناطق باسم جبهة التحرير الوطني أن ما وقع في ليبيا العام 2011 كان «ثورة»، لكنّه لا يؤمن بوجود «الربيع العربي»، واصفًا ما يحدث حاليًا بـ«توسع أجنبي حاول أن يضرب الجزائر وتونس ومصر».

وظلت الجزائر مترددة في الاعتراف رسميًا بحكومات منبثقة عن موجة تغيير أنظمة عربية منذ العام 2011؛ مما أسفر عن انتقادات داخل البلاد دفعها إلى إطلاق جملة من الإصلاحات السياسية والاجتماعية الشكلية.

الموقف الجزائري دفاعي
ورغم توحّد المعارضة الجزائرية لأول مرة في تاريخها من أجل دفع النظام إلى إحداث تغير سياسي عبر ما يسمى بتأسيس تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، لكنّها لا تتفق كثيرًا في التعاطي الرسمي مع ما خلفته ثورات الربيع العربي خاصة في الداخل.

وفي هذا الصدد، يعتبر رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، الأزمة الليبية معقدة للغاية بعدما كانت ثورة شعبية أطاحت نظامًا فاسدًا، مستدركًا أنه بسقوط النظام صعدت الدولة إلى الهاوية في محاولة للعودة إلى الفكر العشائري.

وتابع سفيان: «الآن من المفترض أن تساعد الدول المجاورة ليبيا على بناء نفسها، لكن للأسف نلاحظ أن مصر وتونس كانتا في حالة عدم استقرار، وموقف الجزائر لم يساير التطور الحتمي، وظلَّ يتراوح بين تحول وتغييرات لا يمكن ردعها من جهة، وخوف من انعكاس انعدام الاستقرار في ليبيا على البلاد من جهة أخرى؛ وهو ما جعل موقفها ضعيفًا جدًا ومترددًا ودفاعيًا فقط».

ولم يقتنع المرشح السابق للرئاسيات الجزائرية، أبريل الماضي، بتحركات بلاده لرأب الصدع في ليبيا، وقال سفيان لـ«بوابة الوسط» إن الحوار الذي تحاول الجزائر رعايته مجرد فرقعة سياسية، بحسب وصفه، لافتًا إلى أن النظامين المصري والتونسي يمتلكان نفوذًا أكبر على ليبيا، منوهًا بأن الجزائر تدفع الثمن مع جيرانها بسبب غياب تغيير جذري للنظام.

وأعيد انتخاب الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة في أبريل 2014، وهو ما أثار ردود فعل المعارضة الرافضة لاستمراره في ظل تدهور صحته وعدم القدرة على مسايرة الأوضاع المحيطة بالبلاد عبر الحدود مع مالي وليبيا وتونس.

واعتبر السياسي الجزائري عضو ائتلاف معارض في البلاد جيلالي سفيان أن فرنسا وقطر ومصر تدافع عن مصالحها الاقتصادية في ليبيا، بينما أهمل النظام الجزائري مصالح البلاد، قائلاً: «النظام يُدافع عن (عصبة حاكمة)، مع أن الفساد والتزوير والنهب موجودة، فهم يسعون إلى الحفاظ على مصالحهم بتخويف الشعب من الوضع في ليبيا وسوريّة».

واستقبل، خلال شهر يونيو 2014، رئيس ديوان الرئاسة الجزائرية أحمد أويحيى، الذي يوصف في الجزائر بالرجل الأكثر عداوة للإسلاميين، القائد السابق للجناح العسكري للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة مدني مزراق.

وكان مزراق الذي أسهم في التوقيع على اتفاق الهدنة بين الجيش الإسلامي للإنقاذ والسلطات العام 1997، وعاد بموجبه آلاف من مسلحي التنظيم إلى بيوتهم بعد تسليم أسلحتهم.

إخوان الجزائر يتهمون
إزاء ما سبق، فإن الأحزاب الإسلامية المحسوبة على المعارضة «تزكي» جهود الحكومة الجزائرية لحلحلة الأزمة الليبية، وهذا ما يبديه رئيس حركة مجتمع السلم (إخوان الجزائر) عبدالرزاق مقري، قائلاً: «نشجع الحوار في ليبيا لتجسيد الانتقال الديمقراطي، والنموذج التونسي نجح بالحوار».

مقري اعتبر التدخل الإماراتي والمصري يعقّد الأمور داخل ليبيا، لافتًا إلى أن ذلك لن يُساعد مبادرة الجزائر على النجاح.

واعتبر التدخل الإماراتي والمصري يعقّد الأمور داخل ليبيا، لافتًا إلى أن ذلك لن يُساعد مبادرة الجزائر على النجاح.

ويُضاهي موقف إخوان الجزائر موقف التنظيم العالمي للإخوان على خلفية ما يرونه «انقلابًا على الشرعية في مصر»، حيث يعتبر مقري الأطراف الخارجية المتسببة في الأزمة الليبية تتمثل في «الإمارات والسعودية ومصر».

وتحدث زعيم حركة حمس عما اعتبره «تآمرًا» تحيكه مصر في المسألة الليبية، وزعم أن برنارد ليون كشف للعمامرة عن وجود مؤامرة مصرية في ليبيا لعرقلة الحوار. ويشير مقري إلى أن الأمين العام للحزب الحاكم قال إن هناك مؤامرة على الجزائر، في إشارة إلى تلك الدول العربية، لكنّه أيّد الموقف الجزائري، داعيًا الليبيين إلى أخذ العبرة من التجربة التونسية، وفق تعبيره.

تهاوي البترول قد يعجل بالحوار
في المقابل، يعتقد المحلل السياسي والأكاديمي الدكتور عبدالعالي رزاقي أن الأطراف المتصارعة في ليبيا تقبل الطرح الجزائري، متهمًا بعض الأطراف بدول الجوار بدعم «تطرف» فصيل على حساب فصائل أخرى، قائلاً: «أميركا تشجع القتال لإضعاف طرف على آخر في وقت يعد من الصعب أن يجتمع برلمان طبرق وطرابلس».

وأشار إلى وجود علاقات تجمع رئيس حزب الوطن الليبي عبدالحكيم بلحاج بـ«ناتو»، معتبرًا إيّاه أحد ممثلي الإخوان المسلمين في ليبيا، داعيًا إلى أن يكون طرفًا في الحوار.

فيما حذّر الأستاذ بكلية العلوم السياسية والإعلام بالجزائر، عبدالعالي رزاقي، من خطورة الحسم الجوي في ليبيا، لافتًا إلى أن انهيار أسعار النفط في السوق الدولية من شأنه التسريع لعقد حوار شامل في أقرب وقت بسبب تداعياته الخطيرة على بناء الدولة.

دخوش، يرى أن الموقف الجزائري غير متردد، وأشار إلى أن الجزائر تريد أن تكون وسيطًا مقبولاً من كافة أطراف الأزمة الليبية.

ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر محمد دخوش، في تصريحات إلى «بوابة الوسط»، أن الموقف الجزائري غير متردد، لافتًا إلى أنه مرتبط بتطورات الأحداث داخل ليبيا التي ترسمها الميليشيات المسلحة. وأشار إلى أن الجزائر تريد أن تكون وسيطًا مقبولاً من كافة أطراف الأزمة الليبية، وترفض محاباة طرف دون الآخر، منوهًا بأنه ليس من مصلحة الجزائر تفاقم النزاع بليبيا، مؤكدًا أنه لا حديث عن حوار جدي في ظل احتكام فرقاء الأزمة الليبية للسلاح.

ووفق الخبير في الشؤون السياسية، فإن المبادرة الجزائرية تهدف للم شمل جميع فرقاء الأزمة مهما كانت انتماءاتهم الأولية أو الأيديولوجية، لافتًا إلى أن اشتراط طرف إقصاء الآخر يُعدُّ نوعًا من عرقلة الحوار.

واعتبر أن أتباع القذافي ما زالوا يمثلون قاعدة اجتماعية وسياسية، مُطالبًا بإشراكها في تسوية الأزمة، إذ استمرارها يجعل باب التدخل الخارجي مفتوحًا، وهو ما ترفضه الجزائر.

«بوابة الوسط» تستطلع آراء نخبة الجزائر حول الوضع بليبيا

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
وزيرة العدل تبحث مع السفير الصيني تطوير قوانين الاستثمار والجرائم الإلكترونية
وزيرة العدل تبحث مع السفير الصيني تطوير قوانين الاستثمار والجرائم...
مبعوث المنفي يسلم بوريطة رسالة لملك المغرب
مبعوث المنفي يسلم بوريطة رسالة لملك المغرب
إيقاف مواطن هدَّد شقيقته بسلاح ناري لمطالبتها بالميراث
إيقاف مواطن هدَّد شقيقته بسلاح ناري لمطالبتها بالميراث
«استئناف جنوب طرابلس» تقرر وقف قرار ضريبة الدولار «موقتًا»
«استئناف جنوب طرابلس» تقرر وقف قرار ضريبة الدولار «موقتًا»
جريدة أوغندية: كيف حاول موسيفيني إنقاذ القذافي من قنابل «ناتو»؟
جريدة أوغندية: كيف حاول موسيفيني إنقاذ القذافي من قنابل «ناتو»؟
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم