فسر الضابط الجزائري السابق الخبير في الشؤون العسكرية الدكتور أحمد عظيمي، في حوار مع «بوابة الوسط»، الزيارات المتتالية لدول لها نفوذ في ليبيا «على رأسها فرنسا» بـ «محاولة إقناع الحكومة الجزائرية بمرافقة قواتها خارج الحدود في الجارة الشرقية»، معددًا أسباب «فشل» الحسم العسكري في البلاد، بينما قال إن مبادرة الأمم المتحدة «قبرت» مؤتمر الحوار الليبي - الليبي في الجزائر.
ما هو تعليقكم على حيثيات زيارات قيادات عسكرية وسياسية من فرنسا وإيطاليا وتركيا والإمارات وقطر والولايات المتحدة وغيرها إلى الجزائر، وما رافقها من تصريحات حول ليبيا؟
«اختيار الجزائر الجارة القريبة من ليبيا ينبع من خبرتها وقوة جيشها في مكافحة الإرهاب، وهي تعد من مجموعة دول أخرى سيتم إلحاقها في حال تم اللجوء إلى خيار التدخل العسكري في ليبيا، وباريس هذه المرة، تريد جر الجزائر إلى مستنقع الحرب في ليبيا رغم رفضها سابقا خوض الحرب في مالي مطلع 2013 ، لكن هاته المرة السلطة السياسية في الجزائر ضعيفة، وباريس تعلم ذلك، وحين تدخلت باريس في مالي، كانت الفترة مغايرة للتي توجد عليها الجزائر اليوم ومن الخطأ بمكان أن تقتنع السلطة السياسية بمقترح فرنسا وترضخ لحرب لن تخرج منها أبدًا».
إلا تعد الموافقة على المقترح الفرنسي خيارًا يسمح بإنهاء الأزمة الليبية التي أضحت مصدر تهديد للجزائر عبر الحدود؟
«مستحيل أن ينهي الخيار العسكري الإرهاب في أي منطقة في العالم، رغم أنه بعد سقوط نظام القذافي كل ما هو موجود في ليبيا أصبح متناولاً في أيدي المليشيات والمسلحون ومؤخرًا تمكنوا من تهريب غاز الخردل وصورايخ سكود إلى غرب ليبيا أي على مقربة من الجزائر وممكن أن تستعمل، لكن الجيش يتحكم عند الحدود بالوضع منذ إسقاط النظام وفي الحقيقة كان المستهدف من إسقاطه الجزائر أيضًا وإقحامها في حرب عسكرية داخل ليبيا».
فتحت الجزائر بشكل جزئي حدودها مع ليبيا يوم 23 نوفمبر الماضي لدواع إنسانية، هل مس الإجراء المصابين من التشكيلات المسلحة؟
«الجزائر تتعامل بمنطق الإنسانية في هاته المسألة، فقبل دخولهم يتم فرض إجراءات أمنية متبعة بالتنسيق مع الجانب الليبي منها مراقبة الهوية وإظهار الملفات الطبية، ولا تطرح أي مشكلة لما يكون فتح 20 أو 30 معبرًا حدوديًا لا يمكن المرور منها، فالمسألة تطرح خارج الإطار الرسمي عبر المعابر السرية التي يتبعها المسلحون أين تتم محاولة إدخال الأسلحة والمخدرات وتهريب البشر.
وفي العالم كله لا وجود لضبط حدود كاف في أمريكا مثلاً مع المكسيك استعملت كل الوسائل الحديثة لمنع توافد أفواج المهاجرين غير الشرعيين، ولكن مع ذلك تمكن المكسيكيون من الدخول، فدائمًا يوجد إمكانات واختراق أيضًا وفي الحدود الغربية قناطير من المخدرات تدخل البلاد رغم الإجراءات الأمنية، وهنا يمكن القول أن الوصول إلى النقطة صفر في تأمين الحدود شبه مستحيل».
الحوار الليبي في الجزائر يراوح مكانه، ما رأيكم؟
«دعت هيئة الأمم المتحدة قبل يومين إلى حوار ليبي ما يعني أن الجزائر فشلت في رعاية المؤتمر الجامع وقلت سابقًا أن مصر أفسدت الحوار ولها مصالح كبرى في ليبيا، ولا أدري لماذا يفشل النظام الجزائري أمام القاهرة في فرض رأيه في قضايا إقليمية».
كيف أفشلت مصر حوار الجزائر؟
«عن طريق دعم جهات وحركات في ليبيا على حساب أخرى، وكذا تصريح السيسي عن استعداده التدخل العسكري، كما كان رئيس الحكومة الليبية أعلن من مصر وليس من دولة أخرى أنه لا علم له بالحوار الليبي في الجزائر».
إذن الرهان على وساطة الجزائر لحل الأزمة الليبية ضئيل؟
«لا أتصور وجود حوار في الجزائر على الأقل في القريب، ثم إذا دخلت فيها أطراف عربية لن يكون هناك حوار. وفي الوقت الحالي لما ننظر في الخريطة العربية لا توجد دولة بالإمكانيات المادية والعسكرية مثل الجزائر، فلما تقرر أن تكون قائدًا في المنطقة تدخل في نزاعات مع الدول الكبرى لأن السلطة الحالية ضعيفة ولا تريد أن تلعب هذا الدور القائد».
لكن الجزائر استنجدت بتركيا وقطر والإمارات لنفوذهم في ليبيا كوسطاء لدفع عجلة الحوار المرتقب؟
«لا يجب أن نأخذ ما تقوله السلطة في الجزائر، فهي تطرب كثيرًا لما تسمع كلام الأميركان أو إيطاليا وغيرهم حول الدور الجزائري ونحن نعلم أن العلاقات الاستراتيجية الأميركية هي مع المغرب والإمارات مثلاً ولما تحتاج الجزائر إلى مواقف لا تجدهم ورغم استنجادها بهؤلاء لإنجاح حوارها فهو لا يخدم مصلحة أي طرف، فلما تقوي طرف على طرف آخر تعمق الأزمة ويجب البقاء على الحياد فكلهم سواسية لبناء الدولة الليبية».
ما حقيقة حديث حفتر لصحيفة إيطالية عن دعم تلقاه من الجزائر ومصر والإمارات بأسلحة لحسم معركته العسكرية؟
«من الخطأ أن تدعم الجزائر في غياب حكومة قوية في ليبيا أي طرف ولا أظن أنها فعلت ذلك لعلمها أن الأمر ينعكس سلبًا على منها الداخلي.
ومن المستحيل على أي طرف في ليبيا أن يحسم الأمور عسكريًا وجربتها السلطات الجزائرية مطلع التسعينيات وقالت إنها ستقضي على الإرهاب في ظرف وجيز لكن بعد ربع قرن لا يزال بقايا الإرهاب في البلاد وسمعنا حفتر أيضًا قبل أشهر قال سنقضي على الإرهابيين في ستة أشهر لكنه لم يتمكن لحد الساعة».
تعليقات