شهدت بنغازي خلال الثلاثة أيام الماضية موجة من العنف بين عمليات اغتيال وقتل بالرصاص العشوائي ومواجهات مُسلحة خلفت كثيرًا من القتلى والجرحى.

بدأت الانتفاضة المُسلحة في ساعات متأخرة من ليل الاثنين - الثلاثاء الماضي، التي كان موعد انطلاقها يوم 15 أكتوبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث انتشر الشباب المسلحون لتأمين مناطقهم بالتنسيق مع وحدات الجيش الليبي، بعد أن أصدرت غرفة عملية الكرامة بقيادة اللواء خليفة حفتر بيانًا تُطالب فيه الشباب بتأمين مناطقهم ودعت كل من لا يملك السلاح عدم الخروج من منزله، وطالب المواطنين بالتعاون مع قوات الجيش والابتعاد عن مواقع الاشتباكات.

بدء المواجهات
بدأ شباب المناطق في الانتشار بين الأحياء لتأمينها للحد من عمليات الاغتيال والخطف والسطو المُسلح، والتنسيق فيما بينهم لتوزيع الحواجز الأمنية بالأحياء وسط ترقب كبير من الكتائب المنضوية تحت «مجلس شورى ثوار بنغازي»، التي حذرت في بيانات عبر صفحاتها الرسمية بموقع «فيسبوك» أنها ستستخدم القوة حال الهجوم على مُعسكراتها، أو استهداف منازل قادتها، وأنها لن تتهاون في الرد على كل شخص يحاول استهدافها.

بدأت المواجهات المُسلحة بمنطقة بوهديمة التي تُعتبر أولى المناطق التي انتشر شبابها قبل انطلاق موعد الانتفاضة المُسلحة، لتأمين المنطقة التي عرفت بمناصرتها المؤسسة العسكرية والأمنية في بنغازي، كما اندلعت اشتباكات مُسلحة أمام مُعسكر «204 دبابات»، بين قوات تابعة للجيش وبين عناصر تنظيم «أنصار الشريعة»، و«مجلس شورى ثوار بنغازي» بعد محاولة انتحاري اقتحام البوابة الرئيسة للمُعسكر فجر الأربعاء؛ حيث تم التعامل معه بحسب مصدر عسكري بالكتيبة، وأسفر الهجوم الانتحاري عن سقوط أربعة جرحى بينهم أحد المسؤولين عن الصفحة الرسمية للكتيبة على «فيسبوك».

مُشاركة كتيبة الصاعقة 21 وسلاح الجو
دخلت كتيبة الصاعقة 21 المعروفة بكتيبة شُهداء الزاوية التي استهدفت بعدة صواريخ وقذائف للهاون في المواجهات المُسلحة، لصد الهجوم على الكتيبة 204 دبابات؛ حيث أكد العقيد جمال الزهاوي أمر الكتيبة لـ«بوابة الوسط» إعلان حالة النفير القصوى، موضحًا أن الهجوم فشل ومُعسكر الصاعقة 21 و204 دبابات تحت سيطرة الجيش الليبي.

وفي سياق مُتصل أكد أمر سلاح الجو بغرفة عملية الكرامة العميد رُكن صقر الجروشي لـ«بوابة الوسط» أن طائرات سلاح الجو سوف تكثف غاراتها الجوية، بعد تحديد أهدافها بدقة؛ حيث شُنت غارات جوية بعد تصريح الجروشي بدقائق على تجُمعات ومواقع تابعة لقوات مجلس شورى ثوار بنغازي، مؤكدًا أن أي تحركات لسيارات مُسلحة غير تابعة للجيش الليبي ستكون هدفًا مشروعًا للطائرات المقاتلة.

قتلى يوم 15 الأربعاء بمُستشفيات بنغازي
وأفاد مصدر بمُستشفى الجلاء للجراحة والحوادث، بأن المُستشفى استقبل خمسة جرحى جرَّاء تعرضهم لرصاص عشوائي نتيجة الاشتباكات المسلحة في المدينة.

وأوضح لـ«بوابة الوسط» أن الجرحى جميعهم من المدنيين وتتراوح أعمارهم بين 19 و60 عامًا، لافتًا إلى أنهم يتلقون الخدمات الصحية والرعاية بمستشفى الجلاء للجراحة والحوادث.

كما تسلم مركز بنغازي الطبي تسعة قتلى وجريحين جراء الاشتباكات.

مقتل عائلة بن صويد
اقتحم مُسلحون منزل آل بن صويد الواقع بمنطقة بوهديمة وقتل رب الأسرة وأبناؤه الثلاثة بعد تبادل إطلاق النار، وتبادل المهاجمون وعائلة بن صويد الاتهامات، واتهمت كتيبة الشهيد راف اللّه السحاتي «شباب المناطق» بقتل العائلة، وكان أحد أبناء بن صويد لقي مصرعه في معارك بنينا شرق بنغازي.

وأكد مسؤول المكتب الإعلامي لكتيبة الشهيد راف الله السحاتي في تصريحات إلى «بوابة الوسط» أن أبناء بن صويد لا ينتمون لتنظيم أنصار الشريعة، وأن هذه التهمة نُسبت لهم بحجة أن شقيقهم، المنتسب لمجلس شورى ثوار بنغازي، كان أحد المشاركين في معارك بنينا.

إغلاق طريق مُستشفى الجلاء
أغلق مساء الأربعاء عدد من شباب منطقتي السلماني وشارع بيروت ببنغازي الطريق المؤدي إلى مُستشفى الجلاء للجراحة والحوادث، بعد تعرضهم للرماية العشوائية، وأكد شاهد عيان من منطقة الماجوري لـ«بوابة الوسط» أنه سمع إطلاق أعيرة وانفجارين واتضح أن مُسلحين استهدفوا شباب المنطقة الذين يتمركزون في حاجز أمني لتأمين مناطقهم، وقال الشاهد إنّ دانة «آر بي جي» أُطلقت بشكل عشوائي سقطت على أحد المنازل بمنطقة رأس عبيدة دون وقوع خسائر بشرية أو مادية تُذكر.

وتلقى الهلال الأحمر الليبي ببنغازي بلاغًا مُفاده العثور على أربع جُثث قرب نادي الهلال تعود لشُبان في مقتبل العمر تعرضوا للقتل بالرصاص.

مُطالبات بالإخلاء والتعامل مع هجوم انتحاري
طالبت الكتيبة 204 دبابات بإخلاء المساكن المجاورة لـ مُعسكر17 فبراير بأسرع وقت مُمكن، وأكدت الكتيبة «أن وتيرة الاشتباكات سترتفع، خلال الساعات المقبلة، وحرصًا منهم على حياة المدنيين نطالب المواطنين بإخلاء منازلهم القريبة من المُعسكر».

وأكد أمر كتيبة شهداء الزاوية «صاعقة 21» العقيد جمال الزهاوي لـ«بوابة الوسط» أن شباب منطقة بوهديمة استهدفوا سيارة مُحملة بالمواد المتفجرة، صباح الخميس كانت في طريقها إلى مُعسكر «الصاعقة 21»، موضحًا أن سائقها رفض التوقف عند حاجز أمني لشباب منطقة بوهديمة فتم التعامل معه، مما تسبب في خروج السيارة عن الطريق وفقدان السيطرة عليها، وقُتل سائقها ويُدعى أيمن المغربي.

اشتباكات مُسلحة في منطقة قاريونس
واستقبل مركز بنغازي الطبي، الخميس طفلة تعرّضت للإصابة بشظايا مقذوف جراء سقوط قذيفة على منزل أسرتها بمنطقة قاريونس.

وشهدت قاريونس اشتباكات مُسلحة، كما سقطت عدة قذائف على بعض المنازل والعمارات السكنية دون وقوع خسائر بشرية، بحسب شهود عيان في المنطقة، بين قوات تابعة للجيش لليبي وشباب المناطق من جهة، وتنظيم «أنصار الشريعة» و«مجلس شورى ثوار بنغازي» من جهة أخرى.

وتسلم مركز بنغازي الطبي جُثتين مجهولتي الهوية لشابين في مقتبل العمر تعرضا للاستهداف بالرصاص مما أودى بحياتهما.

وقتل مسلحون مجهولون شخصين أحدهما عسكري؛ حيث أكد شاهد عيان أن عزالدين البرغثي أحد مُنتسبي المؤسسة العسكرية استُهدف بوابل من الرصاص قرب مسجد التوبة بمنطقة الليثي أرداه قتيلاً.

وذكر مصدر بمركز بنغازي الطبي لـ«بوابة الوسط» أن المركز تسلم جُثة البرغثي، وتم وضعه في ثلاجة حفظ الموتى، كما تسلم جُثمان سند العبدلي الذي يعمل بمحل للحلاقة، موضحًا أن ذوي العبدلي تسلموا جُثمانه من مركز بنغازي الطبي، بعد الانتهاء من الإجراءات اللازمة.

وفي سياق مُتصل أكد المصدر نفسه أن المركز تسلم خمس جثث لأشخاص قُتلوا بالرصاص في حوادث متفرقة بين اشتباكات، ومواجهات مُسلحة ورصاص عشوائي والقتل العمد والاغتيال.

حرب شوارع في بنغازي
وشهدت مدينة بنغازي في ساعة متأخرة من ليل الخميس، وصباح الجمعة حرب شوارع واشتباكات مُسلحة بعدة مناطق مُختلفة، بين شباب مدنيين من المناطق ومُسلحين تابعين لتنظيم أنصار الشريعة.

وأكد مصدر أمني أن الاشتباكات المُسلحة انحصرت بمنطقة الماجوري والبركة والكيش، موضحًا أن منطقة الليثي شهدت أيضًا اشتباكات أمام مُقسم الهواتف قرب مسجد النور المبين، كما شهدت منطقة بوعطني اشتباكات ومناوشات أيضًا بمفترق المساكن في ساعات متأخرة من الخميس.

وأفاد المصدر بأن سلاح الجو الليبي استهدف عدة مواقع وتجمعات تتمركز بها قوات مجلس شورى ثوار بنغازي.

وأعلن مصدر عسكري رفيع المُستوى بالكتيبة «204 دبابات» أن مسُحلين تابعين لقوات «مجلس شورى ثوار بنغازي» حاولوا اقتحام مُعسكر الكتيبة من محور المنطقة السكنية المُحاذية لكتيبة 17 فبراير، الجمعة.

وقال المصدر لـ «بوابة الوسط»: إنه تم صد الهجوم بعد الدخول مع مسلحي «شورى ثوار بنغازي» في اشتباكات مُسلحة دامت ساعتين، موضحًا أن الأمور في المُعسكر تحت السيطرة، وردًا على سؤال لـ«بوابة الوسط» عن القتلى والجرحى، أوضح أنهم لم يسجلوا خسائر بشرية أو مادية في جانبهم.

حصيلة حرب الشوارع
أكد مصدر بمركز بنغازي الطبي أن المركز تسلم 12 قتيلاً وسبعة جرحى جراء الاشتباكات المُسلحة ليل الخميس – الجمعة، وأوضح أن المركز الطبي استقبل ستة جرحى، جميعهم إصابتهم خطيرة.

بيان «الصاعقة 21»
طالبت كتيبة «الصاعقة 21 » شُهداء الزاوية، في بيان، الجمعة، أهالي منطقة قنفودة غرب بنغازي، ومنطقة قاريونس في طريق الوادي، بطرد المُسلحين الذي يستهدفون مُعسكرات «الصاعقة 21» و«204 دبابات» من مزارعهم.

أعلنت الكتيبة في بيانها الذي خصت به «بوابة الوسط» أن الجيش الليبي لديه تعليمات باستهداف مصادر النيران من قبل رئاسة الأركان، ولكن وجود المدنيين منعهم من الرد على مصدر النيران.

أكد مدير فرع الهيئة الليبية للإغاثة والمساعدات الإنسانية في بنغازي محمد الأثرم، الجمعة، نزوح جميع سكان منطقتي قاريونس وبوصنيب؛ جراء الاشتباكات الدائرة فيها منذ أكثر من يومين.

وأضاف الأثرم لـ«بوابة الوسط» أن معظم سكان منطقة الماجوري وشارع 14، غادروا منازلهم بسبب الاشتباكات الواقعة في المنطقة، وأشار إلى أن أغلب نازحي تاورغاء بمخيم قاريونس غادروا أيضًا واتجهوا إلى منطقة قمينس جنوب بنغازي بعد أن شهد مخيمهم اعتداءات متكررة بسبب الاشتباكات الدائرة.

هجوم انتحاري
أغلق شباب المناطق الشوارع الرئيسة ومداخل مناطقهم بموانع أسمنتية وحديدية، كما استمر الشباب المُسلحون في تأمين مناطقهم، مع استمرار المناوشات والاشتباكات المُسلحة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة بعدة مناطق في مدينة بنغازي.

وسُمع دوي انفجار كبير هُز منطقة بوهديمة؛ حيث أكد شهود عيان لـ «بوابة الوسط» أن سيارة مُفخخة يقودها انتحاري انفجرت بأربعة شباب عند حاجز أمني تابع لشباب المناطق الذين خرجوا في الانتفاضة المُسلحة لتأمين مناطقهم يوم 15 أكتوبر.

وأكد مصدر مسؤول بمركز بنغازي الطبي لـ«بوابة الوسط» أن المركز استقبل مساء الجمعة ثلاث جُثث من الشباب الذين لقوا مصرعهم على الفور، وهم مجدي العربي وعادل الفلاح وسعيد الحسوني، كما استقبل المركز جريحًا هو عبدالرحمن طاهر إبراهيم الدينالي، ولفظ أنفاسه الأخيرة بغرفة الإنعاش.

ونقل المصدر رواية المُسعفين الذين أكدوا أن الشباب الأربعة من سكان منطقة بوهديمة، وأصيبوا في انفجار سيارة مفخخة مرت قريبًا منهم أثناء وقوفهم على الطريق السريع لتأمين منطقتهم.

كما تسلم المركز عددًا من الجُثث مجهولة الهوية، بينها جُثمان ونيس محمد الفاخري، فيما وصل المركز صباح اليوم، السبت أربع جُثث مجهولة الهوية.