Atwasat

حكومة تشادية جديدة تفتح الأعين على «خزان المرتزقة» بالجنوب الليبي

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الجمعة 21 أكتوبر 2022, 01:03 مساء
WTV_Frequency

قاد اتفاق الدوحة بين الأطراف التشادية بعد أسابيع من جولات الحوار إلى تشكيل حكومة وحدة من ضمن أعضائها معارضون «متمردون» ينتمي لبعضهم مقاتلون في الجنوب الليبي استمروا لسنوات في الاحتماء بهذه المنطقة الصحراوية الحدودية في نشاطهم ضد نظام إنجامينا، وهو ما يطرح اليوم تساؤلات حول مدى انعكاس الخطوة على انسحاب جزء من «خزان المرتزقة» من ليبيا.

وتنامى خطر وقوة الحركات التشادية المعارضة خلال السنوات العشر الأخيرة بحكم استفادتها من الوضع الأمني الهش والانقسام السياسي الحاد في الجارة ليبيا، حيث وجدت موطئا لها مع انتشار ترسانة من الأسلحة وسهولة تهريبها بين البلدين؛ بسبب ضعف الرقابة الأمنية على الحدود المشتركة ما جعل الوضع يحدث صداعا كبيرا للسلطات في طرابلس وبنغازي وإنجامينا. وأثبتت تقارير خبراء مجلس الأمن الدولي أن أطراف محلية ليبية وأخرى خارجية عمدت إلى مد هذه الحركات بالسلاح والأموال للمشاركة في حروب دارت رحاها في ليبيا على مدى العقد الأخير.

واليوم أمام تزايد رغبة الدول المنخرطة في الصراع الليبي في التخلص من آلاف المرتزقة رغم تعثر عمل اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» المكلفة متابعة هذه المهمة، تبرز التطورات الجارية في المشهد السياسي التشادي كـ«محفز» قد يساعد على دفع الملف نحو ترحيل عدد منهم.

قراءة في تشكيل الحكومة الجديدة في تشاد
وقبل أيام أعلن مرسوم رئاسي تشكيل الحكومة التشادية الجديدة بعد أسبوعين من حوار مصالحة وطنية رعته دولة قطر منذ أشهر مدّد الفترة الانتقالية عامين وأبقى محمد إدريس ديبي إيتنو على رأس الدولة. حكومة الوحدة الجديدة المكونة من 44 وزيرا ووزير دولة، تضم قادة معارضة وقعوا اتفاق الدوحة للسلام الذي أتاح مشاركة نحو 30 فصيلا مسلحا في الحوار الشامل في العاصمة إنجامينا من 20 أغسطس إلى 30 سبتمبر.

واللافت أن تشكيلة الحكومة حملت اسم توم إرديمي (67 عاما) المؤسس المشارك مع شقيقه التوأم تيمان إرديمي لما يعرف بـ«اتحاد قوى المقاومة»، إحدى الجماعات المعارضة الرئيسية الثلاث في تشاد، وقد أوكلت له حقيبة وزير الدولة المسؤول عن التعليم العالي والبحث. كما منحت حقيبة التنمية الإقليمية والتخطيط العمراني لمحمد أسيلك حلاتة، نائب رئيس «اتحاد القوى من أجل الديمقراطية والتنمية»، وهي جماعة معارضة وقعت اتفاق الدوحة. كما عُين صالح كبزابو (75 عاما)، وهو صحفي سابق ومرشح رئاسي لأربع مرات والمعارض التاريخي للرئيس إدريس ديبي، الذي قتل في أبريل 2021 على يد متمردين قدموا من الجنوب الليبي.

ومن المعروف أن تيمان إرديمي يصنف كأبرز قادة التمرد التشاديين عاد إلى بلاده عشية افتتاح جولات الحوار الوطني في نجامينا في أغسطس، وله مئات المقاتلين في جنوب ليبيا، والمتمرد الآخر المتحالف معه هو الجنرال السابق محمد نوري مؤسس «اتحاد القوى من أجل الديمقراطية والتنمية» عاد للبلاد أيضا، وذلك بعد قضائهما عدة سنوات في المنفى، وكان لإرديمي دورا في معركة انتهت بمقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي في أبريل 2019، فرغم إيقاف قصف طائرات الجيش الفرنسي آنذاك تقدم مقاتلي حركة «اتحاد قوى المقاومة» المتسللين من جنوب ليبيا باتجاه إنجامينا.

وجمعت تيمان إرديمي علاقة قوية مع الرئيس الراحل إدريس ديبي، الذي عينه مديرا لمكتبه خلال الفترة من 1993 إلى 1997، إلا أنهما اختلفا، ما دفع بإرديمي لإعلان التمرد في 2006، وبعدها تمكن إرديمي من دخول العاصمة إنجامينا بمعاونة زعيم التمرد محمد نوري في 2008، الذي وقع هو الآخر على اتفاق الدوحة للسلام في تشاد في 8 أغسطس الحالي، لكنهما فشلا في الاستيلاء على الحكم. أما المتمرد الآخر محمد نوري مؤسس «اتحاد القوى من أجل الديمقراطية والتنمية» الذي تمركزت حركته في ليبيا فسبق أن أوقفته في العام 2019، السلطات الفرنسية وشخصين آخرين مشتبه بقيامهما بجرائم ضد الإنسانية وقعت في تشاد والسودان بين الأعوام 2005 و2010.

- ماذا يحدث في تشاد ولماذا سقط 30 قتيلا في «مواجهات الخميس»؟
- انطلاق «حوار وطني شامل» في تشاد وسط مقاطعة المعارضة.. وديبي يعتبره «لحظة حاسمة»
- تشاد تستعد لانطلاق «حوار وطني شامل» اليوم بعد إرجائه مرارا
-  عشية «الحوار الوطني» بإنجامينا.. قائدا حركتين متمردتين تتمركزان في جنوب ليبيا يعودان إلى تشاد

5 حركات تشادية متمردة في الجنوب الليبي
وحسب منظمات دولية، فتحتمي خمس حركات تشادية متمردة في الجنوب الليبي، تشن بين الفينة والأخرى عمليات عسكرية، فإلى جانب مجموعة إرديمي في الجنوب الليبي، هناك «الحركة من أجل الديمقراطية والعدالة في تشاد»، التي تتكون من مسلحين تابعين لقبائل التبو التشادية، وتأسست في جبال تيبستي، ونقلت نشاطاتها إلى الجنوب الليبي بعد الثورة وتعد من أقدم الحركات المتمردة في الصحراء، وقد سُجن غالبية قادتها خلال حقبة معمر القذافي قبل ثلاثة عقود بطلب من حكومة إنجامينا.

أما المجموعة الأخرى وهي «القوات الثورية المسلحة من أجل الصحراء» التي تشتهر بنشاطاتها المسلحة جنوب ليبيا وشمال تشاد والنيجر. في المقابل، فإن «جبهة الوفاق من أجل التغيير في تشاد»، تتمركز قرب سبها، وتحديدا في بلدة أم الأرانب، ويقود هذه المجموعة اثنان من أشهر الأسماء المعارضة في تشاد هما مهدي علي محمد والجنرال محمد نوري. كما ينشط بالجنوب الليبي أيضا «المجلس العسكري لإنقاذ الجمهورية التشادية»، وهو من بين الفصائل المعارضة لنظام الحكم في إنجامينا.

هل يؤثر الاتفاق في تشاد على انتشار المرتزقة في الجنوب الليبي؟
وقد يكون لتقلد شخصيتين تشاديتين بارزتين في هذه الحركات على الأقل مناصب عليا في البلاد انعكاس على وضع اتباعهما في الجنوب الليبي، غير أن ذلك يحتاج أيضا إلى تفعيل خطة إنهاء وجود المرتزقة والمسلحين الأجانب في ليبيا، خاصة مع حضور الملف على أجندة المبعوث الأممي الجديد عبدالله باتيلي، الذي سيتعين عليه إعادة بعث نشاط اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» في أقرب وقت.

وطرحت القضية بقوة خلال الأيام الأخيرة حين أكد القائم بالأعمال في السفارة الأميركية لدى ليبيا، ليزلي أوردمان، ضرورة إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، ونزع سلاح الجماعات المسلحة وإعادة دمجها لتجنب الصراع ودفع عملية الانتقال السياسي. وأضاف أوردمان أن «تنفيذ هذه الأهداف يحقق السلام، ويؤمن سيادة ليبيا واستقرارها على المدى البعيد»، مشددا على وقوف الولايات المتحدة الأميركية مع الشعب الليبي في هذا الجهد الساعي إلى توحيد المؤسسة العسكرية.

كما حث أعضاء البرلمان الأوروبي بعد اجتماع لهم هذا الأسبوع الاتحاد الأوروبي على تكثيف جهوده الدبلوماسية لاستعادة السلام والأمن في ليبيا. وللقيام بذلك، أوصوا الدول الأعضاء التصرف بطريقة أكثر توحيدا والتحدث بصوت واحد عندما يتعلق الأمر بليبيا، وتجنب الأساليب المتفرقة في الماضي. ولتمهيد الطريق لتحسين الأمن في ليبيا يريد أعضاء البرلمان الأوروبي انسحاب جميع المرتزقة والمقاتلين والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية، بما في ذلك مجموعة «فاغنر» شبه العسكرية الروسية. ويحثون جميع الجهات الفاعلة الدولية المعنية، بما في ذلك روسيا والإمارات وتركيا، على عدم التدخل في ليبيا والامتناع عن تأجيج التوترات من خلال التدخلات العسكرية المباشرة والتي ترعاها.

واتفقت اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» في نوفمبر الماضي مع ممثلي دول الجوار تشاد والنيجر والسودان، في اجتماع القاهرة، على إنشاء آلية اتصال وتنسيق فعالة لدعم تنفيذ خطة عملها بشأن خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية في عملية تدريجية ومتوازنة ومتزامنة ومتسلسلة، لكن المساعي تعثرت من وقتها.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
إيقاف مواطن هدَّد شقيقته بسلاح ناري لمطالبتها بالميراث
إيقاف مواطن هدَّد شقيقته بسلاح ناري لمطالبتها بالميراث
«استئناف جنوب طرابلس» تقرر وقف قرار ضريبة الدولار «موقتًا»
«استئناف جنوب طرابلس» تقرر وقف قرار ضريبة الدولار «موقتًا»
جريدة أوغندية: كيف حاول موسيفيني إنقاذ القذافي من قنابل «ناتو»؟
جريدة أوغندية: كيف حاول موسيفيني إنقاذ القذافي من قنابل «ناتو»؟
بالصور.. وصول معدات ألمانية لمحطة كهرباء شمال بنغازي
بالصور.. وصول معدات ألمانية لمحطة كهرباء شمال بنغازي
عبدالجليل يتفقد احتياجات النازحين السودانين بمستشفيات الكفرة
عبدالجليل يتفقد احتياجات النازحين السودانين بمستشفيات الكفرة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم