Atwasat

باحثون جزائريون يكشفون تفاصيل مشاركة الليبيين في معارك التحرير ضد الاستعمار الفرنسي

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الأربعاء 05 أكتوبر 2022, 07:22 مساء
WTV_Frequency

كشف باحثون جزائريون تفاصيل مشاركة الليبيين في دعم معارك التحرير من الاستعمار الفرنسي، خلال الفترة من 1954 إلى 1962، عن طريق تحويل بلدهم إلى مراكز عبور لجمع شحنات السلاح المهرب من مصر وجمع التبرعات وتجنيد الطوارق من البلدين، فيما تمت الدعوة إلى طلب الوثائق التاريخية التي تبرز تاريخ النضال المشترك للشعبين من الأرشيف الفرنسي.

وقررت السلطات الجزائرية والليبية ابتداءً من العام الحالي تنظيم فعاليات الاحتفال بالذكرى الـ65 لمعركة «إيسين» الحدودية التي وقعت يوم 4 أكتوبر 1957 بقرية «إيسين» في جنوب بلدة غات الليبية بصفة منتظمة مستقبلًا لتظل راسخة في أذهان أجيال المستقبل، فيما يتطلع البلدان إلى تنظيم هذه الذكرى مستقبلًا في منطقة «إيسين» التاريخية.

وبينما كان المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954 بالجزائر العاصمة، اليوم الأربعاء، يحتضن ندوة تاريخية حول المعركة، شهدت العاصمة طرابلس بالمناسبة حضورًا مكثفًا لدبلوماسيين ووزير المجاهدين الجزائري العيد ربيقة، رفقة مسؤولي المجلس الرئاسي ووزراء لإحياء الذكرى أيضًا.

ليبيا قاعدة لوجستية لجمع شحنات السلاح
وفي الجزائر قال الباحث الجزائري الأستاذ مولود قرين، في محاضرة له حملت عنوان «تضامن الأشقاء في معركة التحرر»، إن ثورة التحرير الوطني الجزائرية «جلبت أنظار الدول الشقيقة والصديقة رغم محاولات فرنسا عزلها عن العالم»، مشيرًا إلى عمق التضامن بين الشعبين الجزائري والليبي.

وأكد قرين أن الليبيين دعموا وساندوا الثورة الجزائرية منذ انطلاقها، ما جعل قادة جبهة التحرير الوطني يتخذون من ليبيا قاعدة لوجستية لجمع شحنات السلاح، خصوصًا القادمة من مصر، قبل إدخالها عبر الحدود إلى الجزائر، وكذلك تدريب المجاهدين وتأمينهم داخل قواعد عسكرية.

لجنة ليبية لدعم الشعب الجزائري
وتأسست بالمناسبة، لجنة ليبية لدعم الشعب الجزائري سنة 1956، التي كانت تعمل على جمع التبرعات وتأطير الليبيين الراغبين في مساندة الثورة الجزائرية، حيث استهدف المجاهدون انطلاقًا من ليبيا حقول النفط التي كانت تسيطر عليها فرنسا.
وتابع قرين أن «الثوار» نجحوا في تجنيد الطوارق من الجزائر وليبيا على حد سواء، ما دفع فرنسا إلى استهداف المناطق الحدودية بين البلدين واستشهاد عديد السكان العزل.

- بمشاركة الجزائر.. المجلس الرئاسي يحيي الذكرى 65 لمعركة «إيسين» التاريخية
- الجزائر وليبيا تخلدان ذكرى معركة ضد الاستعمار الفرنسي بشجرة «إيسين»
- مركز المحفوظات يحيي الذكرى الخامسة والستين لـ«معركة «إيسين»

ولم ينسَ قرين خلال حديثه التذكير بتظاهر الليبيين سنة 1958 تحت شعار «يوم الجزائر» الذي عبروا خلاله عن دعمهم للثورة التحريرية، معلنين رفضهم الاستعمار الفرنسي ومجازره الدموية ضد الأبرياء.

بدوره اعتبر الأستاذ بجامعة الجزائر، محمد خوجة، مقاربة الجزائر لضمان أمن واستقرار ليبيا في الوقت الحالي تقوم على عمق الترابط بين البلدين وسعيها للم شمل الفرقاء الليبيين، إيمانًا منها بأن أمنها من أمن ليبيا، وانطلاقًا من مبدئها في حل النزاعات بالطرق السلمية ورفضها التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدول.

وتعود أحداث المعركة، حسب ما أجمع عليه مؤرخون، إلى الفترة ما بين 3 إلى 5 من أكتوبر 1957 عندما نصب مجاهدون جزائريون كمينًا لقافلة تموين فرنسية قامت على أثرها قوات الاحتلال الفرنسي بقصف قرية «إيسين» الليبية مع الحدود الجزائرية كرد على العملية، ليتوحد الشعبان الجزائري والليبي في صف واحد ضد قوات الجيش الفرنسي في معركة تاريخية امتزجت فيها دماء الشعبين في سبيل نيل الاستقلال.

شجرة «إيسين» للصداقة
بالموازاة جرت في العاصمة طرابلس فعاليات إحياء الذكرى الـ65 لمعركة «إيسين» بتنظيم ندوات تاريخية وعلمية بمشاركة رسمية بين البلدين، وسبقها إشراف مسؤولي البلدين على غرس شجرة سميت بـ«إيسين للصداقة» تخليدًا لهذا الحدث التاريخي الذي اختلطت فيه دماء الجزائريين والليبيين في رحلة الكفاح لنيل الحرية والاستقلال ضد الاستعمار الفرنسي.

وحضر ندوة تاريخية أُقيمت يومي الثلاثاء والأربعاء، كل من وزير المجاهدين الجزائري العيد ربيقة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ونائبيه موسى الكوني وعبدالله اللافي، وأساتذة مختصين من المركز الليبي للدراسات التاريخية وأعضاء من السلك الدبلوماسي بالسفارة الجزائرية وأبناء وأحفاد المجاهدين الذين شاركوا في هذه المعركة.

فصول الذاكرة المشتركة بين ليبيا والجزائر
وأكد وزير المجاهدين الجزائري، خلال الندوة العلمية بطرابلس، أن إحياء هذه الذكرى جاء لاستحضار أحد فصول الذاكرة المشتركة، مذكرًا بأن الجيش الجزائري «كان يجد في كل المناطق الليبية ملاذًا ومنفذًا للتزود بما يلزمه من سلاح حربي لمقارعة أكبر قوة استعمارية في التاريخ المعاصر».

ودعا ربيقة إلى الاهتمام بشكل أكبر من قبل المؤرخين والباحثين لتوثيق وتخليد مآثرها كإرث موحد يروي للأجيال ويحكي لها البطولات المشتركة للشعبين الليبي والجزائري، مجدد التأكيد على وقوف الجزائر إلى جانب ليبيا حتى تجاوز محنتها ولم شمل أبنائها درءًا لخطر التشرذم وصونًا لوحدة بلادهم وحفاظًا على ثرواتها ومقدراتها الاقتصادية، منوهًا بالحركية التي تعرفها العلاقات بين البلدين في السنتين الأخيرين، وبما تم تحقيقه، مجددًا العزم على المضي قدمًا في هذا المسار.

«الرئاسي» يدعو للانتهاء من فتح المعابر الحدودية
ولدى تناول نائب رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني، الكلمة من ربيقة، أبرز أهمية إحياء هذه الذكرى وتسليط الضوء عليها لإعطائها حقها، وذلك تتويجًا لمخرجات لقائه رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون خلال زيارته الأخيرة إلى الجزائر، حين شدد على ضرورة الاحتفال بالتظاهرة بشكل سنوي، وهو ما تقرر ابتداءً من هذه السنة بينما كان إحياؤها يقتصر على احتفالات محلية.

وبعدما لفت الكوني إلى الدعم المادي والمعنوي الذي خص به الشعب الليبي شقيقه الجزائري حتى الاستقلال، أكد الحاجة إلى مزيد التلاحم بين البلدين في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة، معربًا عن أمله في أن يتم الانتهاء من فتح المعابر الحدودية بين البلدين لتمكين التواصل المباشر بين شعبي الدولتين.

دعوة ليبية-جزائرية لتوثيق التاريخ المشترك
وصدر في ختام الندوة، التي نظمها المجلس الرئاسي وبإشراف المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية بطرابلس، بيان دعا فيه المشاركون إلى تمويل دراسة تاريخية موثقة من مصادرها الأصلية عن هذه المعركة من قبل أساتذة مختصين، وطباعتها في عمل علمي خاص.

وأوصى بضرورة إنشاء مؤسسة أو مركز بحثي مشترك بين الجزائر وليبيا يهتم برصد وتتبع وتوثيق الجهاد المشترك بين الشعبين ضد الاستعمار الأوروبي. كما أكد البيان ضرورة التواصل مع المؤسسات العلمية والمراكز البحثية والأرشيف الفرنسي وكذلك الجزائري؛ لجلب الوثائق التاريخية التي تخص تاريخ النضال المشترك للشعبين للاستفادة منها في برامج الدراسات العليا والبحث العلمي.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«وسط الخبر» يبحث عن إجابة: من المتسبب في الغلاء ونقص السيولة؟
«وسط الخبر» يبحث عن إجابة: من المتسبب في الغلاء ونقص السيولة؟
توصية من «داخلية الدبيبة» لرفع عقوبات دولية عن «الشرطة»
توصية من «داخلية الدبيبة» لرفع عقوبات دولية عن «الشرطة»
«هذا المساء» يناقش: هل تأتي حلول الاقتصاد الليبي من واشنطن؟
«هذا المساء» يناقش: هل تأتي حلول الاقتصاد الليبي من واشنطن؟
أول لقاء «معلن» بين ستيفاني خوري ومسؤول ليبي
أول لقاء «معلن» بين ستيفاني خوري ومسؤول ليبي
غانيون تبحث مع الباعور التوزيع الشفاف والعادل للموارد
غانيون تبحث مع الباعور التوزيع الشفاف والعادل للموارد
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم