Atwasat

الهجرة والموقف من روسيا وتركيا والحكومتان.. 3 ملفات تشغل بال القيادة الجديدة بإيطاليا في التعامل مع ليبيا

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني السبت 01 أكتوبر 2022, 01:42 مساء
WTV_Frequency

لم تكن ليبيا غائبة عن خطاب اليمين المتطرف الإيطالي الفائز في الانتخابات البرلمانية، ما أفصح عن توجّهات السياسة الخارجية المنتهجة في ظل حكومة ستقودها جورجيا ميلوني، حيث ستحدد ثلاثة ملفات طبيعة العلاقات مع السلطات، ويتعلق الأمر بقضية الهجرة والموقف من صراع الشرعيات ومواجهة النفوذ الفرنسي والتركي والروسي في ليبيا، أبرز الملفات التي سيتعين على الحكومة الإيطالية الجديدة (المتوقع أن تكون يمينية متطرفة) أن تتعامل معها.

فقد فاز حزب «فراتيلي ديتاليا» بزعامة جورجيا ميلوني بالانتخابات التشريعية وحصل على الأكثرية في الانتخابات نحو 26% من الأصوات.

وأعلنت ميلوني أنها ستقود الحكومة المقبلة وقالت في خطاب مقتضب في روما، مضيفة أن الإيطاليين بعثوا رسالة واضحة لدعم حكومة يمينية بقيادة فراتيلي ديتاليا، وهو الذي يتحالف مع كل من الرابطة اليمينية المتطرفة بقيادة ماتيو سالفيني وحزب فورزا إيطاليا المحافظ بقيادة سيلفيو برلسكوني.

ويتوقع المراقبون في إيطاليا أن تتبع هذه الحكومة المسار ذاته الذي سارت عليه حكومة ماريو دراغي لحماية المصالح الإيطالية في ليبيا، خاصة مع الإشارة إلى التاريخ الاستعماري الإيطالي. وسيكون قطاع الطاقة هو الهدف الأكبر، إذ تملك روما أكبر نسب استثمار في ليبيا، فيما لا تؤيد إيطاليا أياً من الحكومتين المتنافستين (عبدالحميد الدبيبة وفتحي باشاغا)، فقد دعت إلى تشكيل حكومة جديدة.

رفض إيطالي للحكومتين
المبعوث الإيطالي إلى ليبيا نيكولا أورنالدو، أكد في أغسطس الماضي «الحاجة إلى جسم تنفيذي موحد وشمولي لقيادة البلاد إلى الانتخابات»، في إشارة إلى الرغبة في أن يكون لدى ليبيا حكومة موحدة بإمكانها التفاوض معها على ملفات الطاقة والهجرة.

وبناء على وثيقة الدفاع (2022-2024) المعلن عنها في 7 أغسطس الماضي بإيطاليا، فإن حكومة ميلوني المرتقبة لن تحيد عن الإرشادات الإستراتيجية الوطنية المنتهجة في منطقة البحر الأبيض المتوسط من خلال تعزيز القدرة على منع المفاجآت الإستراتيجية.

ودعت الوثيقة إلى ضرورة التواجد في الحوض الأوسط والشرقي، وعلى وجه الخصوص بالنسبة لليبيا، حيث يتعين توطيد التعاون المنظم لدعم ليبيا التي تعتبر دولة رئيسية للمصالح الوطنية، حسب الوثيقة ذاتها.
وفي هذا الصدد، جرى وصف المنطقة الليبية–التونسية بالأكثر ارتباطاً بمجال النفوذ الإيطالي.

- للاطلاع على العدد 358 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

ومن هذا الباب سارعت روما إلى الإعلان عن مرحلة جديدة من التعاون العسكري الفني مع ليبيا في الأسابيع المقبلة، مع النية لانتشار عدد أقل من الجنود في مصراتة، مقارنة بالموجود حتى الآن.
يأتي ذلك بعد زيارة قائد الجيش الإيطالي فرانشيسكو باولو فيليوولو مدينتي طرابلس ومصراتة الأسبوع الماضي.

وأوضحت وكالة «نوفا» الإيطالية أن الأجواء كانت «ممتازة» خلال الاجتماعات التي تناولت على وجه الخصوص إعادة تشكيل التعاون في مصراتة، التي قالت إنها «ثالث أهم مدينة في ليبيا الواقعة 200 كيلومتر شرق طرابلس»، معتبرة أن تلك الزيارة تعبر عن الانسجام التام مع السلطات المحلية.

- المبعوث الإيطالي: نرفض الأعمال الأحادية المزعزعة للاستقرار في ليبيا
- إيطاليا وأميركا تدعوان إلى تجنب الإجراءات الأحادية في ليبيا والحفاظ على حياد المؤسسات السيادية

في 16 يونيو الماضي، استقبل قائد الجيش الإيطالي فيليوولو كلًا من سفير إيطاليا في ليبيا جوزيبي بوتشينو، وقائد البعثة الإيطالية الثنائية للمساعدة والدعم في ليبيا الأدميرال بلاتشيدو توريسي.

وتعمل روما على الاهتمام بالجوانب التي يحتاجها الجانب الليبي، وفي مقدمتها التدريب والمجال الصحي. فقد اجتمع رئيس الأركان العامة للجيش بحكومة الوحدة الوطنية الموقتة، الفريق أول محمد الحداد، مع رئيس هيئة العمليات الإيطالي في وقت سابق، لمناقشة آليات تعزيز التعاون المشترك بين البلدين في مجال التدريب العسكري. وتعد هذه الاجتماعات مهمة لأنها جاءت بعد اشتباكات بين مجموعات مسلحة في طرابلس.

مخاوف روما من الدور التركي
وتدرك روما أن التوتر الأمني المندلع في وسط المدينة وحول العاصمة وصل إلى طريق مصراتة شرقا، واشتركت فيه قوات اللواء أسامة الجويلي المتركزة في مدينة الزاوية. كما تدخلت لحسمه طائرات دون طيار تركية الصنع، حسبما ظهر من بقايا الذخيرة التي جرى العثور عليها في مواقع المعارك؛ وهو ما يؤرق إيطاليا.

ويقدم المشهد الأمني العام في ليبيا مؤشرات على سلطة حكومة الوحدة الوطنية الموقتة التي لا تزال ضعيفة لفرض نفسها على كامل التراب الليبي، ويتأكد لها أن المساعدة الإيطالية لا تزال مهمة، لكن في المقابل تسعى حكومة الدبيبة إلى تقليص الوجود العسكري الإيطالي إلى الحد الأدنى الضروري. ولم يسلم نهج «القوة الناعمة» الإيطالية من الانتقادات في وسائل الإعلام الإيطالية التي رفضت إبقاء روما على هامش الدعم العسكري لحكومة الدبيبة والمخاطرة بترك المجال للجهات الفاعلة الأخرى لزيادة وجودهم العسكري على غرار تركيا وروسيا، وقالت بعض هذه الوسائل: «يتعين على طرابلس إثبات أنها لا تعتمد على القوى الغربية في تثبيت سلطتها، في الوقت الذي تولي إيطاليا أهمية كبرى لليبيا، حيث يعتبرها حلف شمال الأطلسي نقطة ارتكاز للجبهة الجنوبية القلقة أكثر من التوغل الروسي والصيني المتزايد».

ويسود حذر أيضا من عودة الصدام الإيطالي الفرنسي، ففيما أشاد كل من زعيمي اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان، وإريك زمور بانتصار ميلوني، فإن الإليزيه كان أكثر حذراً، مشيراً إلى أنه يحترم الخيار الديمقراطي للإيطاليين، ويدعو الرئيس الجديد للحكومة الإيطالية إلى مواصلة العمل معا.

وما يثير الترقب مواقف زعيمة اليمين المتطرف الإيطالية، حين انتقدت دور فرنسا في ليبيا بل سارت في شتم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون. ويظهر مقطع فيديو لميلوني يعود إلى العام 2018 وهي تقول «مانويل وصفنا بالمقرفين وغير المسؤولين.. ماكرون نفسه غير مسؤول فهو الذي قصف ليبيا، والذي خاف من أن تحصل إيطاليا على امتيازات في ليبيا بمجال الطاقة مع القذافي والذي تركنا نواجه الهجرة غير الشرعية». وأكملت «والأهم من ذلك كله، المقرف هي فرنسا التي تستغل أفريقيا عبر طباعة النقود لـ14 بلداً أفريقياً وتفرض عليهم رسوم صك العملة، كما أنها تشغل أطفالهم في المناجم وسرقة المواد الخام كما يحصل في النيجر».

- للاطلاع على العدد 358 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

كان هذا الخطاب ردّاً على انتقادات وجهها الرئيس الفرنسي لإيطاليا. في المقابل، ولكونها أصبحت أول امرأة ترأس حكومة إيطاليا عبر تاريخ البلاد، ستكون مواقف جورجيا حاسمة في تحديد طبيعة العلاقة مع موسكو، فالأخيرة من مصلحتها فوز الأطراف اليمينية لكسر العقوبات الأوروبية المفروضة عليها. وقد عبر وزير الخارجية الإيطالي لويغي دي مايو عن مخاوفه من توغل روسيا، وقال إن الذين أسقطوا الحكومة «قدّموا رأس دراغي على طبق من فضّة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين».

موقع روسيا
ويتقاطع هذا الهاجس مع اتهامات إيطالية وجهت ضد موسكو قبل أسابيع حملها تقرير اللجنة البرلمانية لأمن إيطاليا (كوباسير) بوجود علاقة بين زيادة عدد المهاجرين الذين يغادرون ليبيا وبين إستراتيجية الكرملين الشاملة للضغط على دول الاتحاد الأوروبي لاسيما التي تمر بمرحلة انتخابات.

توصّلت اللجنة في تقريرها الذي سلمته للنواب وأعضاء مجلس الشيوخ إلى استنتاج مفاده أن ضغط الهجرة، إحدى وسائل الحرب المختلطة لروسيا «في محاولة لخلق إستراتيجية حقيقية للفوضى». لكن رئاسة جورجيا ميلوني الحكومة الجديدة لن يغير بشكل كبير من سياسة الهجرة مع الجانب الليبي فحسب، بل سيدفع نحو تشديد المنافذ، حيث تشير المصادر الإيطالية إلى توقيع اتفاقات أخرى مع ليبيا بتقديم التمويل والدعم لها لمنع المهاجرين الوافدين الجدد التدفق من سواحلها. وحسب مجلة «لوبوان» الفرنسية، فإن جورجيا ميلوني، الفائزة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، تخطط لإنشاء مهمة عسكرية أوروبية لمواجهة المهاجرين من ليبيا وتونس.

تغييرات في ملف الهجرة
وألقت ميلوني خطابات عسكرية حول موضوع الهجرة وأبدت معارضتها لسياسة رئيس الوزراء ماريو دراغي وسياسات دول المغرب العربي، التي تركت جزءا من شعوبها تستسلم للسراب الأوروبي. ولفتت إلى أحد المنشورات التي تحمل صورة واسم ميلوني يتحدث عن اعتزامها إقامة حصار بحري على البحر الأبيض المتوسط لوضع حد لأمواج الهجرة التي اقتحمت شواطئ بلادها، وأنه مع وجودها في السلطة لا مزيد من الهزل في بروكسل إزاء هذا الملف.

وتريد ميلوني إنشاء مهمة عسكرية أوروبية تنفذ بالاتفاق مع السلطات الليبية لمنع قوارب المهاجرين من المغادرة في اتجاه إيطاليا. وحتى 21 سبتمبر الجاري وصل نحخو 89 ألف مهاجر عن طريق البحر إلى إيطاليا واليونانا، بينما استقبلت إسبانيا 20 ألف مهاجر منذ بداية العام.

وأوضحت المجلة الفرنسية أنه بصرف النظر عن الطرف الحاكم في إيطاليا سواء كان من اليسار أو اليمين، فقد شددت روما باستمرار شروط الوصول إلى أراضيها، ما أدى لتراجع عدد الوافدين إليها من 527 ألف مهاجر في 2007 إلى 247 ألف مهاجر في 2020. بدوره، توقع وزير الداخلية المالطي بايرون كاميليري، أن تبدأ الحكومة الإيطالية اليمينية الجديدة تغيير سياسة الهجرة في البلاد قريبا، بعد تعهد زعيمتها المحتملة جورجيا ميلوني بمنع رسو قوارب المهاجرين في إيطاليا.

وحذّر كاميليري من أنه لا توجد طريقة يمكن بها معالجة أزمة قوارب المهاجرين إذا لم يعمل البلدان (إيطاليا ومالطا) معاً، مضيفا: «نشترك مع روما في نفس التحديات في وسط البحر الأبيض المتوسط، ولا توجد وسيلة لمواجهة هذه التحديات إذا لم نعمل معاً، وجب بذل الجهود في سياق عضويتنا في الاتحاد الأوروبي، وكذلك علاقتنا مع الدول المجاورة مثل ليبيا وتونس».

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
البعثات الأوروبية تعليقا على استقالة باتيلي: يجب تمهيد الطريق لحكومة موحدة وانتخابات
البعثات الأوروبية تعليقا على استقالة باتيلي: يجب تمهيد الطريق ...
«أجوكو» و«إس إل بي» تبحثان تطوير الإنتاج النفطي في ليبيا
«أجوكو» و«إس إل بي» تبحثان تطوير الإنتاج النفطي في ليبيا
مصادر «المركزي» لـ«بوابة الوسط»: سحب ورقة الخمسين دينارا من التداول
مصادر «المركزي» لـ«بوابة الوسط»: سحب ورقة الخمسين دينارا من ...
تنفيذ «ويبلد» الإيطالية لطريق امساعد -المرج يتحدد مايو المقبل
تنفيذ «ويبلد» الإيطالية لطريق امساعد -المرج يتحدد مايو المقبل
مصادرة لحوم فاسدة من محال تجارية في الزنتان
مصادرة لحوم فاسدة من محال تجارية في الزنتان
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم