رصد تقرير وكالة أميركية أبرز السيناريوهات المتوقعة بعد عودة الاشتباكات إلى العاصمة الليبية طرابلس، وحظوظ نجاح أي حوار بين رئيسي الحكومتين المتنافسين، مشيرًا إلى أن بناء «ليبيا ما بعد القذافي» أصبح أكثر تعقيدًا مما كان يعتقد سابقًا.

واندلعت اشتباكات عنيفة في طرابلس بين مجموعات مسلحة موالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة عبدالحميد الدبيبة، وأخرى تابعة لرئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا، وهو التصعيد الأكثر دموية في ليبيا منذ وقف إطلاق النار قبل عامين، مما أثار مخاوف من اندلاع صراع كبير وفق وكالة «ذي ميديا لاين» الأميركية المستقلة اليوم الإثنين.

الحوار معقد
وقال محلل استخبارات بشركة استشارية للمخاطر، تركز على التطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ريانون فيليبس، إن الاشتباكات الأخيرة تمثل امتدادًا للبيئة الأمنية والسياسية غير المستقرة في ليبيا، معتبرًا أن انعدام الأمن ينبع من الانقسامات الشديدة بين الحكومتين المتنافستين، مع الخلافات طويلة الأمد التي أدت إلى انهيار الجهود التي تدعمها الأمم المتحدة لوضع خريطة طريق للانتخابات، التي تعطلت في ديسمبر 2021.

- خبراء دوليون يشخصون المشهد الليبي بعد اشتباكات طرابلس

وتعتقد الوكالة أن التطورات التي حدثت في الأشهر القليلة الماضية تظهر كيف أن بناء «ليبيا ما بعد القذافي» أصبح أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد سابقا. وحسب الباحثة ماريو سافينا، فإن «الحل السياسي يبدو صعبا بشكل متزايد، نظرًا لوجود مسافة بين الدبيبة وباشاغا، مما يجعل الحوار معقدًا».

وصرحت سافينا لموقع «ذي ميديا لاين» الأميركي قائلة إن «الاشتباكات الأخيرة تقوض احتمالية انتقال ليبيا إلى بيئة ديمقراطية مستقرة على المدى القريب إلى المتوسط مع زيادة الاستقطاب السياسي الذي يزيد من احتمالية اندلاع حرب أهلية واسعة النطاق في الأشهر المقبلة».

ترشيح استمرار الفراغ السياسي
ويضيف ريانون فيليبس أن «التصعيد المستمر والمأزق السياسي الطويل سيهدد حتمًا قدرة ليبيا على تجسيد نظام ديمقراطي مستقر، ما يعني تأخير إجراء الانتخابات التشريعية المقترحة واستمرار الفراغ السياسي».

كما أن عدم التعاون بين الفصائل المتنافسة في البلاد يعيق أي محاولة للانتقال التدريجي إلى الديمقراطية، خاصة مع الخلافات القوية حول الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وإعادة توحيد الجيش ووثيقة مسودة الدستور، وفق ما أوضح الباحث نديم أحمد موناكال.

وأضاف الباحث، المدرس بجامعة مانيبال بالهند، أن تطور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في ليبيا لا يزال من العوامل المهمة جدًا للعودة إلى الديمقراطية، كما أن المأزق السياسي يزيد من تعقيد الوضع الداخلي، خاصة أمام فشل مباحثات الأمم المتحدة في القاهرة وجنيف في التوصل إلى توافق بشأن القاعدة الدستورية.

وقال موناكال: «إن الطريقة التي تصاعدت بها التوترات في الأسبوعين الماضيين تكشف مخاطر جدية يمكن أن تزيد من تصعيد النزاع». وتزيد عليه الباحثة سافينا أنه في النقاش السياسي الحالي داخل ليبيا، لا يقال إلا القليل عن مشاكل البلاد الهيكلية التي تحتاج إلى حل، بينما يتم وضع كل الاهتمام على الانتخابات والمناصب التي يتعين شغلها للسيطرة على السلطة.

ملفات في الطريق إلى صناديق الاقتراع
وترى أن الطريق إلى صناديق الاقتراع يجب أن يواكبه حل المشاكل الكبرى، وفي مقدمتها توحيد المؤسسات والدستور ومعالجة أزمة الجهاز العسكري والأمني المركزي.

بدوره رسم فيليبس، سيناريو مخيفًا على مدى الأسابيع والأشهر المقبلة، عندما زعم أن التنافس على الموارد في ليبيا سيؤدي إلى هجمات على البنية التحتية الحيوية مثل مرافق النفط والكهرباء والمياه، حيث تسعى المجموعات المسلحة إلى زيادة نفوذها السياسي من خلال السيطرة على القطاعات الرئيسية، كما لوحظ مع اقتحام حقول النفط، مثل ميناء الزويتينة النفطي وحقل الشرارة؛ مما أدى إلى توقف الصادرات بسبب إعلان حالة «القوة القاهرة».