Atwasat

الأكاديمي الليبي علي عبداللطيف احميدة: ليبيا جسد بلا رأس.. وأزمتها مستمرة لهذه الأسباب

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 31 يوليو 2022, 01:44 مساء
WTV_Frequency

توقع الأكاديمي الليبي د. علي عبداللطيف احميدة، استمرار الأزمة في ليبيا «دون حل» ما لم يجرِ التوصل إلى حل وسط أو اتفاق ما لإزالة العوامل التي أدت إلى الاقتتال الداخلي والصراع وعدم الاهتمام بإجراء الانتخابات.

وأوضح أنه «لن يكون إجراء انتخابات نزيهة أمرًا ممكنًا حقًا طالما لدينا مرتزقة أجانب برعاية روسية وسورية وتركية وتشادية وسودانية في ليبيا».

وقال الأستاذ بقسم العلوم السياسية بجامعة «نيو انغلاند بيدفورد» الأميركية، في حوار مع المركز الدولي لمبادرات الحوار، إن «هناك عديد الجهات الفاعلة داخل ليبيا وربما على المستوى الإقليمي غير مهتمة بإجراء انتخابات نزيهة، وبالنسبة لهم لا مصلحة في إجراء هذا الاستحقاق»، ومضى موضحًا: «الأزمة الليبية مكونة من جهات فاعلة داخلية وإقليمية ودولية. ومن المضلل اعتبار الأمر مجرد صراع داخلي».

هل الانتخابات كافية لحل الأزمة في ليبيا؟
وبخصوص مدى نجاعة الانتخابات في حل القضايا العالقة في ليبيا، قال احميدة إن الشعب الليبي يطالب الآن بإجراء انتخابات للتخلص من كل المسؤولين الفاسدين وغير الأكفاء الذين فشلوا في تلبية احتياجاتهم الأساسية اليومية، مثل الكهرباء والرواتب والأمن.

ولكي يكون تنظيم الانتخابات حقيقة من وجهة نظره، حدد الدكتور علي عبداللطيف أربعة شروط مهمة، أحدها التخلص من المرتزقة والثاني حل الميليشيات، كما ينبغي «عدم معاقبتهم أو تهديدهم وإلا فلن يستسلموا، لدينا حل إنساني وعملي، مثل منحهم منحًا دراسية، وفحصهم لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم الانضمام إلى القوات المسلحة أو قوة الشرطة»، وأضاف: «الميليشيات بحاجة إلى بديل حتى لا يستمروا في التمسك بأسلحتهم».

- ليبيا إلى أين؟ حوار مع د. علي عبد اللطيف احميده.(1ـ 2)
- ليبيا إلى أين؟ مع الدكتور علي عبد اللطيف احميده «الجزء الثاني»

أما الشرط الثالث لإجراء انتخابات حقيقية فيتمثل في أن تكون هناك هدنة واتفاق مشترك بين الفاعلين الدوليين الذين يستغلون الوضع في ليبيا. فيما تمثل الحماية من «الهجمات الانتقامية المحتملة» شرطها الرابع والأخير، حسب احميدة، الذي أكد أن التحدي الأكثر إلحاحًا يتمثل في الإصرار على إجراء انتخابات فورية، وفي الوقت نفسه، التخلص من المرتزقة في ليبيا.

وأعرب عن اعتقاده بأن الشعب الليبي قادر على التصويت كما فعل في الانتخابات السابقة. الشرط الأخير لكي تكون الانتخابات شرعية ومستدامة وديمقراطية، هو التأكد من أنه ستكون هناك حماية ضد الهجمات الانتقامية المحتملة».

وحسب د. علي عبداللطيف، فقد مرت ليبيا بعد العام 2011 بما سماه «أزمة الانتقال»، فلم يكن السيناريو بشأن ما يجب القيام به بعد انهيار نظام القذافي واضحًا، ولم تكن الأجندة المشتركة واضحة للغاية وجرى تأجيل التسوية بشأن شكل الحكومة والانتخابات وإعادة بناء الشرطة والأجهزة الأمنية.

وأكد الأكاديمي الليبي أنه ما لم يجرِ الاتفاق بشأن الانتخابات وقبول نتائجها بين القوى الفاعلة في ليبيا، فلا يمكن إجراؤها، قائلًا: «يجب أن يكون هناك اتفاق بشأن الانتخابات نفسها، وقبول نتائجها، ولن يكون إجراء انتخابات نزيهة أمرًا ممكنا حقًا طالما هناك مرتزقة أجانب برعاية روسية وسورية وتركية وتشادية وسودانية في ليبيا».

تحديات الانتقال إلى الدولة الجديدة
ورغم ما تعانيه ليبيا من أزمات ومشكلات، قال احميدة إنها «في وضع سيئ، لكنها ليست مثل سورية أو اليمن»، لافتًا إلى أن أكبر أزماتها يتمثل في فشل وعدم كفاءة زعمائها، ومضى موضحًا: «لقد قلت من قبل إن ليبيا مثل جسد بلا رأس».

وبرأي احميدة، فإن أهم التحديات تتمثل في إعادة بناء الجيش وقوة الشرطة، وكذلك الاتفاق على شكل الدولة الجديدة، فقد طرح انهيار نظام القذافي هذه المشكلة حيث يطالب الملكيون بعودة الملكية، فيما تطالب مجموعات أخرى خاصة في الشرق بـ«الفدرالية».

وقال الأكاديمي الليبي: «بالنسبة لي، يجب ألا ينتظر الليبيون حلًا خارجيًا، بل يجب عليهم بدلًا عن ذلك النظر في تاريخهم الخاص من النضال المناهض للاستعمار، والوحدة، والتجارب، وتراثهم الذي أدى إلى الاستقلال في العام 1951. هذا ما سوف يستمر». وأضاف: «لكن وصفة سريعة من قبل بعض بيروقراطيي الأمم المتحدة أو بعض المستشارين من الخارج لن تحل أزمة التحول واستعادة استقلالهم».

ورأى أن الليبيين يحتاجون إلى ممارسة النقد الذاتي الصادق وكسر دائرة العنف من خلال الانتقام والانتقام المضاد وتصفية الحسابات، وقال: «الانتقام لن يبني الدول. الناجون من الحرب الأهلية الليبية بمن فيهم أنصار نظام القذافي يستحقون فرصة ثانية. وفوق كل شيء، تحتاج ليبيا إلى العودة إلى مسألة اللامركزية والحكم الذاتي»، وتابع: «أود أن أقول لا للفيدرالية، ولكن نعم للحكم الذاتي والحكم المحلي مثل تمكين البلديات المحلية الحالية وإحياء نظام المحافظات القديم».

العودة إلى دستور 1951.. أم إجراء الاستفتاء؟
وبخصوص اقتراح البعض العودة إلى دستور 1951 المعلق، بينما يدعو آخرون إلى إجراء استفتاء على مسوَّدة الدستور أو صياغة دستور آخر، قال السياسي الليبي إن الدستور القديم الذي جرى تعديله العام 1963 كان مكتوبًا بشكل جيد وخدم الشعب الليبي في ذلك الوقت، لكنه يعتقد أن ليبيا لديها الآن واقع مختلف.

وأوضح أن المجتمع الليبي اليوم مختلف ديموغرافيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وتعليميًا، لافتًا إلى أن على ليبيا أن تبني على بعض جوانب الدستور القديم، ولكن يجب أن تضع دستورها الجديد؛ لأن كل جيل يجب أن يكون قادرًا على تعديل أو صياغة دستوره الخاص.

وعن مسوَّدة الدستور، قال احميدة إن اللجنة الدستورية التي انتُخِبت وصاغت دستور 2017 الجديد وقعت في عدة إشكاليات، وأضاف: «أنا قلق، فرغم كونه كان دستورًا جرت صياغته من قبل أعضاء منتخبين، إلا أنه أيضًا وُضع خلال فترة حرب أهلية. ولا أعرف ما إذا كان يمكن للمرء أن يكون له دستور خلال حرب أهلية. أفضل عملية يجرى فيها اختيار لجنة من الخبراء ولكن ليس الآن وبعد الانتخابات. لا عيب في أن نقول إننا أخطأنا وننتظر فترة ما بعد الانتخابات».

الشكل الأنسب للنظام السياسي.. رئاسي أم برلماني؟
ورأى الأكاديمي الليبي أن النظام الأفضل لليبيا حاليًا «الرئاسي»، وقال: «عندما سُئلت في العام 2011 بعد انهيار ديكتاتورية القذافي عن شكل النظام الجديد، قلت إننا لسنا بحاجة إلى أي زعيم أعلى، نحن بحاجة إلى قائد عادي. وكنت مخطئًا لأن ليبيا بحاجة الآن إلى شخصية يمكنها توحيد البلاد مرة أخرى. كتجربة الملك إدريس، والقذافي خلال العقد الأول من قيادته».

وأضاف: «ليبيا بلد كبير جغرافيًا، ولا يزال عدد سكانها صغيرًا يبلغ 7 ملايين نسمة. إنها تحتاج إلى شخص قادر على التعلم من الأنماط والأخطاء السابقة والبناء على التقاليد الإيجابية للماضي. أعتقد أن ليبيا مشغولة الآن بطريقة ما، مع القادة الحاليين الذين يهتمون أكثر بمحاربة بعضهم البعض بدلًا عن توحيد البلاد وإعادة بناء الدولة».

وتابع: «هناك أيضًا حاجة للبحث عن حلول بين الليبيين أنفسهم، من خلال احترام الناس والتقاليد. ليس باستيراد حل تمت صياغته من الخارج. ربما تحتاج ليبيا إلى سنوات قليلة من إعادة البناء. وأعتقد أن المجتمع سيتعافى في وقت أقرب مما يعتقده الناس؛ لأننا نتحدث عن بلد حديث غني جدًا بأعلى معدل معرفة بالقراءة والكتابة في أفريقيا. أقول دائمًا للناس إنه لا يوجد مجتمع محصن ضد الحروب الأهلية أو الصراع أو الاحتلال أو الأخطاء، والحالة الليبية ليست حالة شاذة. إذا كان بإمكان المرء أن ينظر إلى أخطاء الماضي ويدافع عن الوحدة بين الشعب الليبي، فأعتقد أن ليبيا قد تفاجئنا جميعًا. إذا جرى تحقيق ذلك، فيمكنني أن أرى ليبيا تتعافى في غضون السنوات الخمس المقبلة».

مضى عصر الملكيات و حان الوقت لبناء دولة مسؤولة
وردًا على سؤال عن الحركة المتنامية التي تدعو إلى عودة ولي العهد السنوسي وإقامة ملكية برلمانية لحماية وحدة أراضي ليبيا، علق د. علي عبداللطيف قائلًا: «من الخلفية العائلية، أنا مغرم جدًا بالسنوسية التي كانت في رأيي واحدة من أكثر الحركات الإصلاحية الحديثة تألقًا في العالم الإسلامي بأسره بين النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، فجدي احميدة كان شيخًا وإمامًا لسنوسية الزاوية، ويدعى جدي الآخر علي السنوسي. ومع ذلك، فقد ولى وقت النظام الملكي الآن، هذا لا يعني أن الملكيات الدستورية فكرة سيئة؛ لأن الجمهوريات فشلت أيضًا في العالم العربي وأدت إلى ديكتاتوريات عسكرية.

لكني أعتقد أن وجود ملكية في ليبيا لن ينجح إلا إذا كانت ملكية دستورية تمثل رفاهية الشعب ومع ملوك غير مطلقين أو غير قادرين على التلاعب بالعملية. لكن في الوقت نفسه، أعتقد أن تعلم واحترام المؤسسات السنوسية، بما في ذلك الإنجازات الرائعة في توحيد عديد القبائل والتجار والمثقفين والجماعات العرقية داخل وخارج ليبيا، درس يجب تعلمه وإحياؤه... إن العودة إلى النظام الملكي لن تحل المشكلة على الرغم من أن النظام الملكي يبدو الآن وكأنه منشئ دولة إيجابي حقًا، خاصة من الناحية المؤسسية. لقد تلقيت تعليمي جزئيًا في ظل النظام الملكي، لذلك هناك الكثير من الأشياء التي يجب تعلمها من النظام الملكي مثل نظام الحكم والإدارة والتعليم الذي فتح المجتمع المدني من نواحٍ كثيرة. لكني أعتقد أن الشعب الليبي بحاجة إلى بناء جمهورية تقوم على سيادة القانون والمواطنة الكاملة للجميع.

أعلم أن هناك حنينًا إلى النظام الملكي، لكنني أقول شيئًا قد لا يحبه الكثير من الليبيين، فنحن بحاجة إلى أن نكون منصفين للنظام الملكي و«الجماهيرية». بدلًا عن رؤية النظام الملكي وجماهيرية القذافي في مقابل بعضهما البعض، نحتاج إلى التفكير فيهما معًا والتعلم من كليهما.

في الجمهورية، أشعر بأنه يجب علينا احترام الناس، وأعتقد أن عصر الملكيات قد مضى، وقد حان الوقت لبناء دولة مسؤولة مرة أخرى. أسست ليبيا أول جمهورية في العالم العربي، وهي جمهورية طرابلس بين 1918 و1920، وكانت لها جمهورية ثانية بين 1969 و1977. يجب أن تقوم الجمهورية الثالثة المستقبلية على أول اثنين وعلى السلم الاجتماعي والوحدة التي حققتها الحركة السنوسية الإصلاحية. يجب ألا يهربوا من تاريخهم. إنهم بحاجة إلى إعادة اكتشافه.

يشار إلى أن المركز الدولي لمبادرات الحوار «ICDI» هو منصة مستقلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مكرسة للوساطة ومنع النزاعات وحل النزاعات وتعزيز الحوار، ويتعاون مع المركز خبراء مرموقين في المنطقة والعالم لدعم المبادرات الدبلوماسية بما في ذلك العمليات التي تيسرها الأمم المتحدة.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«وسط الخبر» يناقش: هل يشرح فشل باتيلي مصير خليفته المرتقب؟
«وسط الخبر» يناقش: هل يشرح فشل باتيلي مصير خليفته المرتقب؟
مونتريال تحقق مع كندي وليبي متهمين بمحاولة بيع «مسيَّرات» في ليبيا
مونتريال تحقق مع كندي وليبي متهمين بمحاولة بيع «مسيَّرات» في ...
سفير هولندا يدعو إلى تحقيق شفاف حول وفاة دغمان
سفير هولندا يدعو إلى تحقيق شفاف حول وفاة دغمان
«هذا المساء» يناقش نتائج قمة تونس.. مخاوف ثلاثية وهواجس مغاربية؟
«هذا المساء» يناقش نتائج قمة تونس.. مخاوف ثلاثية وهواجس مغاربية؟
منشآت دراسية جديدة بجامعة سرت
منشآت دراسية جديدة بجامعة سرت
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم