Atwasat

أين يتجه المشهد السياسي في ليبيا؟

القاهرة - بوابة الوسط: كامل عبدالله الأربعاء 06 أبريل 2022, 08:28 مساء
WTV_Frequency

مع دخول شهر رمضان، يسود الهدوء حتى الآن المشهد الليبي، إذ غابت تصريحات المسؤولين والسياسيين المحليين وتجاذباتهم، بشأن الأزمة التي زادت تعقيدًا بعد الترتيبات الجديدة التي أقرها مجلس النواب خلال فبراير الماضي، والإصرار الدولي ممثلًا في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، على ضرورة المضي قدماً بالعملية السياسية، واستئناف الإعداد لإجراء لانتخابية التي توقف مسارها في 24 ديسمبر بفعل ما وصفه رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السائح بـ«القوة القاهرة».

وبدا أن الشرط الدولي في هذا الاتجاه هو إنجاز الاستحقاق الانتخابي كشرط لإعادة ترتيب المشهد المحلي، وفق شرعية جديدة يقرها الليبيون عبر صندوق الانتخابات، ما يبقي الباب مفتوحاً للتساؤل حول اتجاهات المشهد السياسي الليبي خلال الفترة المقبلة.

وتصاعدت الأزمة السياسية في ليبيا منذ سبتمبر 2021 عندما قرر مجلس النواب سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، ثم تعذر إجراء الانتخابات في الموعد الذي كان مقررًا لها، وهو 24 ديسمبر 2021، وتكليف حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا ومنحها الثقة من المجلس مطلع مارس الماضي، وهي الخطوة التي رفضها الدبيبة بشدة، ولم يحسم المجتمع الدولي موقفه منها حتى الآن بشكل واضح.

مبادرات سياسية لخدمة أجندات أصحابها
وأمام هذه التطورات، طرحت ثلاث مبادرات من قبل مجلس النواب، وحكومة الوحدة الوطنية، ومستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني وليامز، لمواجهة المرحلة المقبلة واحتواء التوتر الناجم عن التطورات الأخيرة ، إلا أن هذه المبادرات ووجهت، وتواجه بانتقادات على خلفية كونها لا تقدم حلولًا عملية لتخطي الانسداد الحاصل في العملية السياسية أكثر مما تخدم الأجندات الخاصة لأصحابها، وفق منتقديها.

ففي 10 فبراير، أقر مجلس النواب خارطة طريق للمرحلة المقبلة تشمل تكليف حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا وإجراء تعديل 12 على الإعلان الدستوري يقضي بتشكيل لجنة تضم 24 عضوًا من مناطق غرب وشرق وجنوب البلاد؛ لمراجعة وتعديل المواد الخلافية بمشروع الدستور الذي أعدته الهيئة التأسيسية لطرحه للاستفتاء أو توافق مجلسي النواب والأعلى للدولة على قاعدة دستورية للانتخابات وإعادة تشكيل مجلس إدارة مفوضية الانتخابات، دون أن يحدد موعدًا لانتهاء هذه العملية.

- الدبيبة يسلم مسودة قانون الانتخابات للجنة المكلفة إطلاق حوار وطني موسع حولها
- الدبيبة أم باشاغا.. إلى أين تتجه بوصلة المصرف المركزي؟
- جريدة «الوسط»: أزمة الـ«حكومتين» قد تستمر إلى يونيو المقبل
- جريدة «الوسط»: معركة «شد حبال» للسيطرة على أموال النفط

وطرح رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، الذي يرفض الترتيبات التي أقرها مجلس النواب، في فبراير الماضي، خطة من أربعة مسارات بشأن إجراء الانتخابات وإقرار الدستور، تقود بدورها إلى إجراء انتخابات برلمانية في نهاية يونيو المقبل.

وفي 4 مارس اقترحت المستشارة الأممية ستيفاني وليامز تشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة لإعداد قاعدة دستورية ومراجعة قوانين الانتخابات كان يتعين أن تنجز مهامها نهاية الشهر الماضي.

وفي حين مضى مجلس النواب في تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا، ومنحها ثقته يوم 10 مارس، انتهت اللجنة الوزارية المكلفة من قبل رئيس حكومة الوحدة الوطنية في 30 مارس من إعداد مسودة قانون الانتخابات البرلمانية وسلمتها للجنة المكلفة إطلاق حوار وطني موسع لمناقشتها وجمع الملاحظات عليها، بينما لم تتمكن وليامز إلا من عقد اجتماع تشاوري مع ممثلي مجلس الدولة في اللجنة المشتركة على مدى ثلاثة أيام في تونس خلال الفترة من 22 إلى 24 مارس، بسبب عدم تجاوب مجلس النواب مع أعمال اللجنة.

أسباب تعثر المبادرات الثلاث لاحتواء الأزمة السياسية في ليبيا
وعلى الرغم من ذلك، لا يبدو الطريق معبدًا أمام المبادرات الثلاث، إلا أن هناك جملة من الأسباب الخاصة بكل مبادرة تحول دون إنجاحها في ظل تمسك كل من الأطراف بموقفه، فبالنسبة لمبادرة مجلس النواب، فهي تواجه معضلة «الثقة» المفقودة مع المجلس الأعلى للدولة، الذي تضاربت مواقفه بشأن رؤية مجلس النواب لإدارة العملية السياسية خلال المرحلة المقبلة، حيث بارك خطوات النواب في البداية، ثم تراجع لاحقًا منتقدًا تكليف حكومة جديدة قبل إنجاز المسار الدستوري، الذي اعتبره مخالفًا لما جرى الاتفاق عليه بين المجلسين.

ومن جهته انتقد رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، خطوات مجلس النواب، متهمًا إياه بالاستيلاء على كافة السلطات بشكل «غير مقبول» ومحاولة تعطيل عمل الحكومة ومنعها من تقديم الخدمات من أجل التمديد لنفسه في السلطة.

إلى ذلك، بقي موقف المجتمع الدولي، ممثلًا في البعثة الأممية، والدول المؤثرة في ليبيا حيال الترتيبات الأخيرة، ميالًا إلى الحياد.

فعلى الرغم من أن وليامز باركت التوافق بين مجلسي الدولة والنواب، إلا أنها لم تتجه نحو الاعتراف بالترتيبات التي أقرها الأخير، وذهبت بدلًا عن ذلك إلى دعوته ومجلس الدولة إلى تشكيل لجنة مشتركة لإعداد القاعدة الدستورية ومراجعة القوانين الانتخابية دون الاعتراف بالحكومة الجديدة المكلفة من قبل مجلس النواب، برئاسة فتحي باشاغا.

أما مبادرة الدبيبة، فتواجه هي الأخرى رفضًا من مجلس النواب الذي لم يعد يعترف بحكومة الوحدة الوطنية، ويرفض إجراء الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية، كما أن إمكانية اللجوء إلى المجلس الرئاسي من أجل إقرار قانون الانتخابات البرلمانية من المحتمل أن تواجه صعوبة في ظل عدم تقويض خارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي خلال اجتماعات تونس في نوفمبر 2020، وكذلك عدم اهتمام البعثة الأممية بالمبادرة أو التعليق عليها، وفي الوقت نفسه تواجه مبادرة وليامز ممانعة محلية متمثلة في رفض مجلس النواب لها، وعدم انخراط عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة، في اللجنة المشتركة لإعداد القاعدة الدستورية، التي تحظى أيضًا بتأييد القوى الغربية الرئيسية لها، إلى جانب عنصر الوقت الذي لا يخدم مهمة وليامز التي تنتهي بنهاية الشهر الجاري، واحتمال غيابها عن قيادة جهود الأمم المتحدة للوساطة بين الأطراف الليبية.

التوافق المطلوب للتقدم السياسي في ليبيا
وعلى المستوى الإقليمي، مع صعوبة المضي قدمًا في المبادرات الحالية المطروحة لمعالجة الانسداد السياسي، وتمسك الأطراف الليبية الفاعلة بمواقفها، فقد تباينت مواقف كل من مصر وتركيا والجزائر، ومعها روسيا، حيال التطورات الأخيرة في ليبيا، بينما تقف القوى الغربية مصطفة خلف البعثة الأممية التي تتمسك بضرورة إجراء الانتخابات في أقرب وقت، هناك مشكلة الخلافات بين القوى الكبرى حول تفويضها وليامز، وتجديد مهمتها، وأمام هذه الحالة، يبقى التقدم السياسي في ليبيا المرحلة المقبلة رهين التوافق الدولي حول وضع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، قائدة العملية السياسية، والراعية للحوار بين أطراف الأزمة، وما قد تنتجه التطورات الجارية في شرق أوروبا هذه الأيام، جراء تداعيات الحرب في أوكرانيا، إضافة إلى التوافق المحلي حول أولويات العملية السياسية لحل الأزمة في ليبيا.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الكبير يتفق مع نورلاند وهاريس على «الحاجة لإدارة فعالة للموارد العامة»
الكبير يتفق مع نورلاند وهاريس على «الحاجة لإدارة فعالة للموارد ...
«الأرصاد» يحذر من رياح نشطة على الساحل من الخليج إلى درنة
«الأرصاد» يحذر من رياح نشطة على الساحل من الخليج إلى درنة
حكومة حماد تبحث تزايد أعداد النازحين السودانيين في الكفرة وأجدابيا
حكومة حماد تبحث تزايد أعداد النازحين السودانيين في الكفرة ...
وصول عمود توربينة إلى محطة كهرباء الرويس بالجبل الغربي
وصول عمود توربينة إلى محطة كهرباء الرويس بالجبل الغربي
مناقشة استيراد الماشية من جنوب أفريقيا
مناقشة استيراد الماشية من جنوب أفريقيا
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم