خلافا لتوقعات خبراء آخرين بشأن التأثير المحتمل للحرب على أوكرانيا على الوضع المالي في ليبيا، يوضح البنك الدولي أن الاقتصاد الوطني قد يشهد تحسنًا في ثلاث مسائل مهمة على رأسها ارتفاع نسب النمو، وزيادة المداخيل، والتحسن في الميزان التجاري.

ويعتقد تقرير للبنك الدولي أنه لا وجود لرابح في حرب مدمرة كالحرب في أوكرانيا، لكن البلدان المصدرة للمحروقات قد تكون أكبر مستفيد من سوق الطاقة وعلى رأسها ليبيا إلى جانب قطر والسعودية والكويت والجزائر، حيث رجح البنك تحسنا في أرصدة المالية العامة وميزان المدفوعات الخارجية وتعزيز معدلات النمو في ليبيا. كما أنه من المحتمل أيضا أن تشهد البلدان المصدرة للغاز، على وجه الخصوص، زيادة هيكلية في الطلب من أوروبا، حيث أعلنت سلطات الاتحاد الأوروبي اهتمامها بتنويع مصادر إمداداتها من منتجات الطاقة.

تأثيرات الحرب على دول الشرق الأوسط
وأوضح نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج، في مدونة له عبر المؤسسة العالمية أن التطورات السريعة للحرب في أوكرانيا وعواقبها الإنسانية المروعة لها انعكاس على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

فعلى الصعيد الاقتصادي، فإن بعض بلدان المنطقة قريبة جدا من أوكرانيا وروسيا كشركاء تجاريين. وبالتالي، فإن آثار الأزمة ستكون ملموسة -وإن كانت بدرجات متفاوتة- على اقتصادات المنطقة، كما قد تكون لها تبعات سلبية مُضاعفة على مستويات الأمن الغذائي والرفاه عبر أرجاء المنطقة، فضلا عن جائحة «كورونا»، وتعطُّل سلاسل الإمداد، ومشكلات داخلية تخص كل بلد من بلدانها.

- معهد ألماني يحذر من ارتفاع فاتورة استيراد الحبوب في ليبيا بـ9%
- كيف تهدد الحرب في أوكرانيا مصادر غذاء الليبيين؟
- تحذير أميركي من تداعيات الحرب في أوكرانيا على أسعار الغذاء في ليبيا
- استغلالا للحرب في أوكرانيا.. التجار يرفعون سعر المخزون من دقيق القمح 28.5%

ولخص البنك القنوات الرئيسية لتأثير الأزمة في خمس فئات وهي صدمات أسعار الغذاء (لاسيما القمح)، وزيادات أسعار النفط والغاز، إلى جانب عزوف المستثمرين عن المخاطر أي جنوحهم إلى الاستثمارات الآمنة وتحويلات المغتربين، والسياحة.

تحذير من توترات اجتماعية
وعلى عكس البلدان المصدرة، توقع البنك الدولي أن الدول غير المنتجة للنفط سوف تتعرض لتداعيات سلبية قد تقود إلى توترات اجتماعية إضافية. وفيما يتعلق بالتحويلات -لاسيما تلك التي يرسلها المغتربون في دول مجلس التعاون الخليجي- فإنها لن تُعوِّض إلا عن جزء يسير من صدمة الهيدروكربونات (مثل الأردن ومصر)، أمَّا البلدان الأكثر تأثرا بحركة السياحة مثل مصر (التي يُشكِّل الروس والأوكرانيون على الأقل ثلث السياح الوافدين إليها) فمن المتوقع أن تشهد ركودا في هذا القطاع، وما لذلك من تداعيات سلبية على معدلات التشغيل وميزان المدفوعات.

وحسب التقرير، فإن لصراع في أوكرانيا سيؤثر تأثيرا ملموسا وسلبيا على عدة اقتصادات في المنطقة مثل لبنان وسورية وتونس واليمن. فهذه البلدان تعتمد اعتمادا أساسيا على أوكرانيا و/أو روسيا في الحصول على وارداتها الغذائية، ولاسيما القمح والحبوب وفق بلحاج.

وأشار إلى الصدمات المُضاعَفة للحرب في أوكرانيا قد تكون لها تداعيات مفجعة على بعض بلدان المنطقة إذا لم يتم تعزيز المساعدات الإنسانية والإنمائية إليها في 2022. وللإحساس بضخامة الأزمة وهول الخطب، على الصعيد الإقليمي، دعا البنك الدولي إلى النظر بأن المنطقة وإن كانت تُمثِّل 6% فقط من إجمالي سكان العالم، فإن بها أكثر من 20% من الذين يعانون من نقص حاد في الأمن الغذائي في العالم.

كما شدد البنك على التزامها باعتباره مؤسسة مالية بالاستمرار في تقديم مساعدات فنية وتحليلية وثيقة ومُوجَّهة لاسيما للبلدان التي ستكون أشد تضررا في مجالات تتراوح من استدامة المالية العامة، وإصلاح أنظمة الدعم، والأمن الغذائي، ورصد المعاملات التجارية، وإدارة المخاطر الزراعية.