Atwasat

العالم يواصل كشف أوجه فساد أموال القذافي

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الجمعة 11 مارس 2022, 09:59 صباحا
WTV_Frequency

عاد ملف أموال الرئيس الراحل معمر القذافي، وأوجه الفساد التي تلاحقه، إلى الظهور من جديد بعد أن أكدت محكمة فرنسية في العاصمة باريس في حكم أصدرته أخيراً، أن وزير الداخلية الفرنسي الأسبق كلود غيان تلقى أموالاً من نظام معمر القذافي عندما كان أميناً عاماً لقصر «الإليزيه» في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي وفق مانشره موقع «ميديا بارت» الأحد.

ومنح القضاء الفرنسي غيان إفراجاً مشروطاً الشهر الماضي، حيث كان الادعاء قرر اعتقاله لإخفاقه في دفع غرامة قدرها 75 ألف يورو، بالإضافة إلى تعويضات قدرها 210 آلاف يورو، بعد ثبوت تورطه في قضية فساد مالي.

كان موقع «ميديا بارت» الفرنسي كشف في تقريره، أن وزير الداخلية السابق في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي، الذي نفى بشكل قاطع أمام قاضية التحقيق في ديسمبر 2020 أن يكون تسلم أي هدايا من أي نوع من المتهم ألكسندر جوهري، اعترف في النهاية بتسلم ساعة قيمتها 11 ألف يورو من جوهري خلال العام 2006، و500 ألف يورو في 2008، وهو لذلك يعتبر اليوم أحد الأبطال الرئيسيين في قضية التمويل الليبي.

للاطلاع على العدد 329 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وفي 30 سبتمبر 2021، قضت المحكمة الجنائية في باريس، بالسجن عاماً واحداً نافذاً على الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، وهي أقصى عقوبة يمكن أن تفرض بحقه، بتهمة التمويل غير القانوني لحملته الرئاسية خلال العام 2012، في قضية تسمى «بيغماليون».

توقيف شخصين جديدين في قضية التمويل الليبي
وفي يونيو 2021 أوقفت الشرطة في باريس صحفياً من مجلة «باري ماتش» الأسبوعية الفرنسية، ورئيسة وكالة معروفة لصائدي الصور، قيد التحقيق للاشتباه بتأثيرهما على شاهد في قضية التمويل الليبي المفترض لحملة الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، للانتخابات الرئاسية في 2007.

مصادر مطلعة على القضية، أكدت لوكالة «فرانس برس» أن التحقيق يتعلق بشبهة «التأثير على شاهد» و«المشاركة في عصابة أشرار».

وذكر موقع «ميديابار» الإلكتروني الإخباري أن «هذه الملاحقات هي التي كشفت وجود مفاوضات سرية مع تقي الدين ليتراجع في القضية الليبية». وبعد شهرين، وخلال استجوابه في 14 يناير الماضي في بيروت من قبل اثنين من قضاة التحقيق الفرنسيين المسؤولين عن القضية الليبية، قال زياد تقي الدين المعروف بتقلب مواقفه إنه «لا يؤكد الأقوال» التي أدلى بها في المقابلة.

للاطلاع على العدد 329 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وأمام قاضيي التحقيق، عاد تقي الدين إلى روايته الأولى التي تفيد بأن حملة الانتخابات الرئاسية لساركوزي في 2007 تلقت أموالاً ليبية، مع الإصرار على أن لا علاقة له بالأمر. وأكد أن «باري ماتش»، التي «يملكها صديق لساركوزي» قامت «بتشويه» تصريحاته. وهذه المجلة ملك لمجموعة «لاغاردير»، التي يشغل ساركوزي مقعداً في مجلس الإشراف عليها.

أين ذهبت أموال عائلة القذافي بالخارج؟
في السياق نفسه، وفي فبراير الماضي، سلطت جريدة «ذا ناشيونال نيوز» البريطانية الضوء على الأموال الليبية المنهوبة في الخارج، سواء الأصول أو الأموال، وكيف فقد الليبيون الشغف في استردادها بعد عشر سنوات منذ الخطوة الأولى في محاولة إعادتها إلى الشعب الليبي.
تقرير الجريدة البريطانية يلفت النظر إلى أن الليبيين لا يمتلكون إلا سجلات قليلة تثبت أين ذهبت أموال القذافي وعائلته بالخارج، ورغم ذلك تعثرت مساعي البحث عن الثروة غير المشروعة للنظام الليبي السابق مع تعمق الخلافات الداخلية.

قصر «وينينغتون كلوز»
واحد من الممتلكات التي ركز التقرير عليها، هو قصر يقع في «وينينغتون كلوز» بلندن، وتبلغ قيمته ملايين الجنيهات الإسترلينية والمملوك لعائلة القذافي، حيث تقول تقارير بريطانية إنه جرى الاستيلاء عليه باسم الشعب الليبي قبل عقد من الزمان.

«ذا ناشيونال نيوز» ذكرت قصة القصر منذ أن اقتحمه المتظاهرون الغاضبون، حيث شهد اشتباكات حول ملكيته في المحاكم، ثم سرعان ما أهمله أصحابه الجدد، حتى يمكن اليوم رؤية أكياس القمامة المتكدسة والملقاة في الحديقة الأمامية، وقد نبتت الحشائش الضارة في فنائه.

وجرت مصادرة العقار البالغ قيمته 9 ملايين جنيه إسترليني، أي ما يناهز 12.1 مليون دولار، في العام 2012 كبداية لاستعادة الشعب الليبي الأصول الخارجية المنهوبة، التي تقدر بما يتراوح بين 40 مليار دولار و200 مليار دولار.

منزل السعدي في «هامبستيد غاردن»
ينتقل التقرير إلى نموذج آخر للتدليل على أن جهود استرداد الأوصول الليبية تنهار، وهو منزل السعدي، نجل القذافي في ضاحية «هامبستيد غاردن» في لندن، الذي أُعيد إلى الدولة الليبية العام 2012 أيضاً، بعد إطاحة نظام والده، وهو المنزل المكون من ثماني غرف نوم، ويضم حمام سباحة وقاعة سينما.

المسارات الزائفة
التقرير لفت إلى وجود «أدلة قليلة للغاية» يمكن تقديمها للمحاكم بعد الاقتتال الداخلي الذي دام أكثر من عشر سنوات في ليبيا، والصراع على السلطة؛ الأمر الذي عدد ما سماها التقرير «المسارات الزائفة» في الحصول على نتائج ملموسة فيما يتعلق باسترداد ثروة القذافي، إذ معظم السجلات التي تضمنت تفاصيل النهب الذي ارتكبته عائلة القذافي جرى إتلافها أو فقدها، وفقاً لملفات بعض المحاكم البريطانية والأميركية.

ويضيف التقرير أن لدى المسؤولين في ليبيا «القليل من السجلات» التي تظهر أين ذهبت الأموال في أعقاب فرار وهروب المطلعين الذين كانوا على علم بآليات الفساد أو قتلوا أو سجنوا، في حين أن القادة الجدد في البلاد غير مجهزين لملاحقة الثروات المنهوبة.

للاطلاع على العدد 329 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

استرداد 20 مليوناً فقط!
وأشارت دراسة أجراها مستشارون في منظمة الشفافية الدولية في مجال مكافحة الفساد العام 2016 إلى أن مسؤولي النظام الليبي السابق نهبوا ما بين 60 و120 مليار دولار، لكن 20 مليون دولار فقط من ذلك المبلغ أُعيدت إلى ليبيا، في حين أن نصف ذلك المبلغ هو عقار «وينينغتون كلوز» المملوك للسعدي القذافي، أما الجزء الأكبر من المبلغ فلا يزال مجهول المصير.

وقالت المستشارة الإقليمية للشرق الأوسط لمنظمة الشفافية الدولية، كندة حتر، «تمت استعادة بعض الأصول في بعض البلدان، ولكن ليس بالقدر الذي نتمنى أن يحدث. لقد غيرنا رؤساء الدول، لكننا لم نغير الأنظمة».

تعثر استرداد الأصول الليبية
ونقل التقرير عن جريدة «ميرور» البريطانية التي تحدثت عن صندوق ليبي حكومي أخفق في المطالبة بـ12 مليون دولار ضد أحد معاوني سيف الإسلام القذافي. كما أشار إلى تعثر محاولات تنشيط الجهود في العام 2021 مع «أكبر قضية لاسترداد الأصول في التاريخ» في الولايات المتحدة الأميركية في غضون أيام من إطلاقها؛ بسبب «معركة على السلطة بين رجلين يتنافسان على قيادة البحث عن أموال القذافي».

وبعدها أمرت القاضية الأميركية، باربرا موسيس، بوقف الإجراءات في يناير بسبب النزاع، منهية الجهود المبذولة لتعقب «عشرات المليارات» من الدولارات المشتبه في تمريرها عبر النظام المصرفي الأميركي، وكان النزاع داخل مكتب استرداد الأصول الليبية وإدارتها بمثابة ضربة قوية لمصالح الليبيين؛ لأن الهيئة التي تأسست بمساعدة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، كانت تعتبر أفضل أمل لاستعادة أي شيء، كما فشلت الجهود السابقة جزئياً بسبب الخلافات بين الجهات الحكومية المتنافسة.

الأموال المنهوبة
يذهب التقرير إلى أن الدول التي تحتفظ بالأصول المنهوبة أصبحت مترددة في مصادرة الأصول الليبية وإعادتها، بحجة أنها لا تعرف مع من تتعامل، بل وصل الأمر إلى أن اتصل بها «أفراد فاسدون يدعون أنهم يتصرفون نيابة عن الدولة الليبية».

هنا يشير التقرير إلى أنه رغم تأسيس مكتب استرداد أموال الدولة الليبية وإدارة الأصول المستردة في العام 2017، إلا أنه لا يزال يعاني نقص الخبرة في التعامل مع هذا الملف، حيث حدد 54 مليار دولار من الأصول المنهوبة في الخارج، كما استعان بشركة «بيكر هوستلر» للمحاماة الأميركية، التي قادت السعي لاسترداد أصول القذافي.

للاطلاع على العدد 329 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

عقدة عصية على الحل
وكشف التقرير تجميد أكثر من 50 مليار دولار من أموال المؤسسة الليبية للاستثمارات الخارجية بموجب العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة، و«لا يمكن إرجاعها نظراً لافتقار ليبيا إلى القيادة والفساد المستشري داخل دواليب الدولة»، ولكن الوضع معقد بسبب طبيعة نظام القذافي، الذي استخدم وكالات الدولة كمرافق مصرفية شخصية، مما يجعل من الصعب على الوكالات أن تفكك الأصول التي نهبت، وتحديد أيها استثمارات حكومية حقيقية.

ولم يكن تمويل حملة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي سوى وجه واحد من أوجه فساد عديدة للنظام الليبي السابق، فقد قالت برقية دبلوماسية أميركية مسربة من العام 2009: «تظل ليبيا دولة كليبتوقراطية يكون للنظام فيها حصة مباشرة في أي شيء يستحق الشراء أو البيع أو الامتلاك».

وفي السياق ذاته تقول جريدة «ذا ناشيونال نيوز» البريطانية إن نظام القذافي باع سراً خُمس احتياطات الذهب في البلاد، وتتبع تقرير اللجنة للعام 2017 مساراً إلى غرب أفريقيا.
أيضاً أظهرت تقارير صوراً لحقائب مليئة بالنقود قيل إنها تصل إلى 560 مليون دولار من فئة 100 دولار، احتفظ بها مجموعة من الليبيين في واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو.

وفي وجه آخر للفساد، تحدثت لجنة الأمم المتحدة عن كيفية استخدام أصول القذافي المخفية في جنوب أفريقيا في بيع أسلحة بملايين الدولارات من قبل صناعة الدفاع في البلاد، وفقاً لشخصين مشاركين في الصفقة.

العالم يواصل كشف أوجه فساد أموال القذافي

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
من السبعة إلى الغرارات.. استمرار إزالة عقارات لفتح مسار الدائري الثالث (صور)
من السبعة إلى الغرارات.. استمرار إزالة عقارات لفتح مسار الدائري ...
البعثات الأوروبية تعليقا على استقالة باتيلي: يجب تمهيد الطريق لحكومة موحدة وانتخابات
البعثات الأوروبية تعليقا على استقالة باتيلي: يجب تمهيد الطريق ...
«أجوكو» و«إس إل بي» تبحثان تطوير الإنتاج النفطي في ليبيا
«أجوكو» و«إس إل بي» تبحثان تطوير الإنتاج النفطي في ليبيا
مصادر «المركزي» لـ«بوابة الوسط»: سحب ورقة الخمسين دينارا من التداول
مصادر «المركزي» لـ«بوابة الوسط»: سحب ورقة الخمسين دينارا من ...
تنفيذ «ويبلد» الإيطالية لطريق امساعد -المرج يتحدد مايو المقبل
تنفيذ «ويبلد» الإيطالية لطريق امساعد -المرج يتحدد مايو المقبل
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم